كتاب
المواقف والمخاطبات -النفري
كتاب المواقف موقف العز
أوقفني في العز وقال لي لا يستقل به من دوني شيء، ولا
يصلح من دوني لشيء، وأنا العزيز الذي لا يستطاع مجاورته، ولا ترام مداومته، أظهرت
الظاهر وأنا أظهر منه فما يدركني قربه ولا يهتدي إلي وجوده، وأخفيت الباطن وأنا
أخفي منه فما يقوم علي دليله ولا يصح إلي سبيله.
وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من معرفته بنفسه فما تجاوزه
إلي معرفته، ولا يعرفني أين تعرفت إليه نفسه.
وقال لي لولاي ما أبصرت العيون مناظرها، ولا رجعت الأسماع
بمسامعها.
وقال لي لو أبديت لغة العز لخطفت الأفهام خطف المناجل،
ودرست المعارف درس الرمال عصفت عليها الرياح العواصف.
وقال لي لو نطق ناطق العز لصمتت نواطق كل وصف، ورجعت إلى
العدم مبالغ كل حرف.
وقال لي أين من أعد معارفه للقائي لو أبديت له لسان
الجبروت لأنكر ما عرف، ولمار مور السماء يوم تمور موراً.
وقال لي إن لم أشهدك عزي فيما أشهد أقررتك على الذل فيه،
وقال لي طائفة أهل السموات وأهل الأرض في ذل الحصر، ولي عبيد لا تسعهم طبقات
السماء ولا تقل أفئدتهم جوانب الأرض.
أشهدت مناظر قلوبهم أنوار عزتي فما أتت على شيء إلا
أحرقته، فلا لها منظر في السماء فتثبته، ولا مرجع إلى الأرض فتقر فيه.
وقال لي خذ حاجتك التي تجمعك علي وإلا رددتك إليها
وفرقتك عني.
وقال لي مع معرفتي لا تحتاج، وما أتت معرفتي فخذ حاجتك.
وقال لي تعرفي الذي أبديته لا يحتمل تعرفي الذي لم أبده.
وقال لي لا أنا التعرف ولا أنا العلم، ولا أنا كالتعرف
ولا أنا كالعلم.
موقف القرب أوقفني في القرب وقال لي ما مني شيء أبعد من
شيء ولا مني شيء أقرب من شيء إلا حكم إثباتي له في القرب والبعد.
وقال لي البعد تعرفه بالقرب، والقرب تعرفه في بالوجود.
وأنا الذي لا يرومه القرب، ولا ينتهي إليه الوجود.
وقال لي أدنى علوم القرب أن ترى أثار نظري في كل شيء
فيكون أغلب عليك من معرفتك به.
وقال لي القرب الذي تعرفه في القرب الذي أعرفه كمعرفتك
في معرفتي.
وقال لي لا بعدي عرفت ولا قربي عرفت ولا وصفي كما وصفي
عرفت.
وقال لي أنا القريب لا كقرب الشيء وأنا البعيد لا كبعد
الشيء من الشيء.
وقال لي قربك لا هو بعدك وبعدك لا هو قربك، وأنا القريب
البعيد قرباً هو البعد وبعدا هو القرب.
وقال لي القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه
مسافة، وأنا القريب البعيد بلا مسافة.
وقال لي أنا أقرب اللسان من نطقة إذا نطق، فمن شهدني لم
يذكر ومن ذكرني لم يشهد.
وقال لي الشاهد الذاكر إن لم يكن حقيقة ما شهده حجبه ما
ذكر.
وقال لي ما كل ذاكر شاهد وكل شاهد ذاكر.
وقال لي تعرفت إليك وما عرفتني ذلك هو البعد، رآني قلبك
وما رآني ذلك هو البعد.
وقال لي لن تجدني ولا تجدني ذلك هو البعد، تصفني ولا
تدركني ذلك هو البعد، تسمع خطابي لك من قلبك وهو مني ذلك هو البعد، تراك وأنا أقرب
إليك من رؤيتك ذلك هو البعد.
موقف الكبرياء أوقفني في كبريائه وقال لي أنا الظاهر
الذي لا يكشفه ظهوره، وأنا الباطن الذي لا تراجع البواطن بدرك من علمه.
وقال لي بدأت فخلقت الفرق فلا شيء مني ولا أنا منه، وعدت
فخلقت الجمع فيه اجتمعت المتفرقات وتألفت المتباينات.
وقال لي ما كل عبد يعرف لغتي فتخاطبه، ولا كل عبد يفهم
ترجمتي فتحادثه.
وقال لي لو جمعت قدرة كل شيء لشيء، وحزت معرفة كل شيء
لشيء، وأثبت قوة كل شيء لشيء.
ما حمل تعرفي بمجوه، ولا صبر على مداومتي بفقد وجده
لنفسه.
وقال لي الأنوار من نور ظهوري بادية والى نور ظهوري
آفلة، والظلم من فوت مرامي بادية والى فوت مرامي آثبة.
وقال لي الكبرياء هو العز والعز هو القرب والقرب فوت عن
علم العالمين.
وقال لي أرواح العارفين لا كالأرواح وأجسامهم لا كالأجسام.
وقال لي أوليائي الواقفون بين يدي ثلاثة فواقف بعبادة
أتعرف إليه بالكرم، واقف بعلم أتعرف إليه بالعزة ، وواقف بمعرفة إليه بالغلبة.
وقال لي نطق الكرم بالوعد الجميل، ونطقت العزة بإثبات
القدرة، ونطقت الغلبة بلسان القرب.
وقال لي الواقفون بي واقفون في كل موقف خارجون عن كل
موقف.
موقف أنت معنى الكون
أوقفني وقال لي أنت ثابت ومثبت فلا تنظر إلى ثبتك فمن
نظرك إليك أتيت وقال لي أنظر إلى مثبتي ومثبتك تسلم لأنك تراني وتراك وإذا كنت في
شيء غلبت.
وقال لي متى رأيت نفسك ثبتاً أو ثابتاً ولم ترني في
الرؤية مثبتاً حجبت وجهي وأسفر لك وجهك فانظر إلى ماذا بدا لك وماذا توارى عنك.
وقال لي لا تنظر إلى الإبداء ولا إلى البادي فتضحك وتبكي
وإذا ضحكت وبكيت فأنت منك لا مني.
وقال لي إن لم تجعل كل ما أبديت وأبديه وراء ظهرك لم
تفلح فإن لم تفلح لم تجتمع علي.
وقال لي كن بيني وبين ما بدا ويبدو ولا تجعل بيني وبينك
بدواً ولا إبداء.
وقال لي الأخبار التي أنت في عموم.
وقال لي أنت معنى الكون كله.
وقال لي أريد أن أخبرك عني بلا أثر سواي.
وقال لي ليس لي من رآني ورآه بأرائته إنما لي من رآني
ورآه بأرائتي.
وقال لي ليس من رآني ورآه حكم رفق به، أليس فيه شرك لا
يحس به.
وقال لي لا يحس به كشف فيما رآني ورآه، حجاب في الحقيقة.
وقال لي الحقيقة وصف الحق، والحق أنا.
وقال لي هذه عبارتي وأنت تكتب، فكيف وأنت لا تكتب.
موقف قد جاء وقتي أوقفني وقال إن لم ترني لم تكن بي.
وقال لي أن رأيت غيري لم ترني.
وقال لي أشارتي في الشيء تمحو معنى المعنى فيه وتثبته
منه لا به.
وقال لي فيك ما لا ينصرف ولا يصرف.
وقال لي أصمت لي الصامت منك ينطق الناطق ضرورة.
وقال لي أثر نظري في كل شيء فأن خاطبته على لسانك قلبته.
وقال لي أجعل ذكري وراء ظهرك وإلا رجعت إلى سواي لا حائل
بينك وبينه.
وقال لي قد جاء وقتي وأن لي أن أكشف عن وجهي وأظهر
سبحاتي ويتصل نوري بالأفنية وما وراءها وتطلع على العيون والقلوب، وترى عدوي يحبني
وترى أوليائي يحكمون، فأرفع لهم العروش ويرسلون النار قلا ترجع، وأعمر بيوت الخراب
وتتزين بالزينة الحق، وترى فسطي كيف ينفى ما سواه، وأجمع الناس على اليسر فلا
يفترقون ولا يذلون، فأستخرج كنزي وتحقق ما أحققتك به من خبري وعدتي وقرب طلوعي،
فأني سوف أطلع وتجتمع حولي النجوم، وأجمع بين الشمس والقمر، وأدخل في كل بيت
ويسلمون علي وأسلم عليهم، بذلك بأن لي المشيئة وبأذني تقوم الساعة، وأنا العزيز
الرحيم.
موقف البحر أوقفني في البحر فرأيت المراكب تغرق والألواح
تسلم، ثم غرقت الألواح، وقال لي لا يسلم من ركب.
وقال لي خاطر من ألقى نفسه ولم يركب.
وقال لي هلك من ركب وما خاطر.
وقال لي في المخاطرة جزء من النجاة، وجاء الموج ورفع ما
تحته وساح على الساحل.
وقال لي ظاهر البحر ضوء لا يبلغ، وقعرة ظلمه لا تمكن،
وبينهما حيتان لا تستأمن.
وقال لي لا تركب البحر فأحجبك بالآلة، ولا تلق نفسك فيه
فأحجبك به.
وقال لي في البحر حدود أيها يقلك.
وقال لي إذا وهبت نفسك للبحر فغرقت فيه كنت كدابة من
دوابه.
وقال لي غششتك إن دللتك على سواي.
وقال لي إن هلكت في سواي كنت لما هلكت فيه.
وقال لي الدنيا لمن صرفته عنها وصرفتها عنه، والآخرة لمن
أقبلت بها إليه وأقبلت به علي.
موقف الرحمانية أوقفني في الرحمانية وقال لي هي وصفي
وحدي.
وقال لي هي ما رفع حكم الذنب والعلم والوجد.
وقال لي ما بقي للخلاف أثر فرحمة، وما لم يبق له أثر
فرحمانية.
وقال لي قف في خلافية التعرف، فوقفت فرأيته جهلاً، ثم
عرفت فرأيت الجهل في معرفته ولم أر المعرفة في الجهل به.
وقال لي من أستخلفه لم أسوه على رؤيتي بشرط يجدني إن
وجده ويفقدني إن فقده.
وقال لي إن استخلفتك شققت لك شقاً من الرحمانية، فكنت
أرحم بالمرء من نفسه، وأشهدتك مبلغ كل قائل فسبقه إلى غايته، فرآك كل أحد عنده ولم
تر أحداً عندك.
وقال لي إن استخلفتك جعلت غضبك من غضبي فم ترأف بذي
البشرية، ولم نتعطف على الجنسية.
وقال لي إذا رأيتني فاتبعني، ولو صرفت وجوه الكل عنك
فاني أقبل بهم خاضعين إليك.
وقال لي إذا رأيتني فأعرض عمن أعرض عنك وأقبل إليك.
وقال لي إن استخلفتك أقمتك بين يدي وجعلت قيوميتي وراء
ظهرك وأنا من وراء القيومية، وسلطاني عن يمينك وأنا من وراء السلطان.
واختياري عن شمالك وأنا من وراء الاختيار، ونوري في
عينيك وأنا من وراء النور، ولساني على لسانك وأنا من وراء اللسان، وأشهدتك أني
نصبت ما نصبت وأني من وراء ما نصبت، ولم أنصب تجاهك منصباً هو سواي، فرأيتني بلا
غيبة، وجرت في أحكامي بلا حجبة.
وقال لي إذا أشهدتك حجتي على ما أحببت كما أشهدتك حجتي
على ما كرهت فقد أذنتك بخلافتي، واصطفيتك لمقام الأمانة علي.
وقال لي إذا رأيتني فانصرني، فلن يستطيع نصرتي من لم
يرني.
وقال لي إذا لم تقو على الحجاب عني فقد آذنتك بخلافتي.
وقال لي ألبس خاتمي الذي أتيتك تختم به على كل قلب راغب
بالرغبة، وكل راهب بالرهبة، فتحوز ولا تحاز، وتحصر ولا تحصر.
وقال لي من غاب عني ورأى علمي فقد استخلفه على علمه، ومن
رآني وعاب عن علمي فقد استخلفه على رؤيته.
وقال لي من رآني ورأى علمي فهو خليفتي الذي أتيته من كل
شيء سبباً.
موقف الوقفة أوقفني في الوقفة وقال لي إن لم تظفر بي
أليس يظفر بك سواي.
وقال لي من وقف بي ألبسته الزينة، فلم ير لشيء زينة.
وقال لي تطهر للوقفة وإلا نفضتك.
وقال لي إن بقي عليك جاذب من السوى لم تقف.
وقال لي في الوقفة ترى السوى بمبلغ السوى فإذا رأيته
خرجت عنه.
وقال لي الوقفة ينبوع العلم فمن وقف كان علمه تلقاء
نفسه، ومن لم يقف كان علمه عند غيره.
وقال لي الوقف ينطق يصمت على حكم واحد.
وقال لي الوقفة نورية تعرف القيم وتطمس الخواطر.
وقال لي الوقفة وراء الليل والنهار ووراء ما فيهما من
الأقدار.
وقال لي الوقفة نار السوى فأن أحرقته بها وإلا أحرقتك به.
وقال لي دخل الواقف كل بيت فما وسعه، وشرب من كل مشرب
فما روي، فأفضى إلي وأنا قراره وعندي موقفه.
وقال لي إذا عرفت الوقفة لم تقبلك المعرفة، ولم يتألف بك
الحدثان.
وقال لي من فوض إلي في علوم الوقفة فإلى ظهره أستند،
وعلى عصاه أعتمد.
وقال لي إن دعوتني في الوقفة خرجت من الوقفة، وان وقفت
في الوقفة خرجت من الوقفة.
وقال لي ليس في الوقفة ثبت ولا محو ولا قول ولا فعل ولا
علم ولا وجهل.
وقال لي الوقفةمن الصمدية فمن كان بها ظاهره باطنه
وباطنه ظاهره.
وقال لي لا ديمومية إلا لواقف، ولا وقفة إلا لدائم.
وقال لي للوقفة مطلع على كل علم وليس عليها مطلع لعلم.
وقال لي من لم يقف بي أوقفه كل شيء دوني.
وقال لي الواقف يرى الأواخر فلا تحكم عليه الأوائل.
وقال لي الوقفة تعتق من رق الدنيا والآخرة.
وقال لي الصلوة تفتخر بالواقف كما يفتخر بها السائر.
وقال لي ما عرفني شيء، فأن كاد أن يعرفني فالواقف.
وقال لي كاد الواقف يفارق حكم البشرية.
وقال لي سقط قدر كل شيء في الوقفة فما هو منها ولا هي
منه.
وقال لي في الوقفة عزاء مما وقفت عنه وأنس مما فارقته.
وقال لي الوقفة باب الرؤية، فمن كان بها رآني ومن رآني
بها وقف، ومن لم يرني لم يقف.
وقال لي الواقف يأكل النعيم ولا يأكله، ولا يشرب
الابتلاء ولا يشربه.
وقال لي مزجت حس الواقف بجبروت عصمتي، فنبأ عن كل شيء،
فما يلائمه شيء.
وقال لي لو كان قلب الواقف في السوى ما وقف، ولو كان
السوى فيه ما ثبت.
وقال لي الواقف علم كله حكم كله ولن بجمعها معاً إلا
الواقف.
وقال لي الواقف لا يصلح على العلماء ولا تصلح العلماء
عليه.
وقال لي الواقف يبعد بقرب العالمين، ويحتجب بعلوم
العالمين.
وقال لي إن وقفت بي فالسوى حرمي فلا تخرج إليه فتنحل مني.
وقال لي الواقف هو المؤتمن والمؤتمن هو المختزن.
وقال لي قف بي ولا تلقني بالوقفة، فلو أبديت لك ثنائي
علي وعلمي الذي لا ينبغي إلا لي عادت الكونية إلى الأولية، ورجعت الأولية إلى
الديمومية، فلا علمها فارقها ولا معلومها غاب عن عملها، ورأيتني فرأيت الحق لا فيه
وقوف فتعرفه، ولا سير فتعبره.
وقال لي الواقف يرى العلم كيف يضيع المعلوم، فلا ينقسم
بموجود، ولا ينعطف بمشهود.
وقال لي من لم يقف رأى المعلوم ولم ير العلم، فاحتجب
باليقظة كما يحتجب بالغفلة.
وقال لي الواقف لا يروقه الحسن، ولا يروعه الروع، وأنا
حسبه والوقفة حده.
وقال لي إن تواريت عنه في المشهود شاهد شكي ضر فقدي لا
ضر الشاهد.
وقال لي حار كل شيء في الواقف، وحار الواقف في الصمود.
وقال لي الوقفة روح المعرفة والمعرفة روح العلم والعلم
روح الحيوة.
وقال لي كل واقف عارف، وما كل عارف واقف.
وقال لي الواقفون أهلي، والعارفون أهل معرفتي.
وقال لي أهلي الأمراء، وأهل المعارف الوزراء.
وقال لي للوقفة علم ما هو الوقفة، وللمعرفة علم ما هو
المعرفة.
وقال لي يموت جسم الواقف ولا يموت قلبه.
وقال لي دخل المدعي كل شيء فخرج عنه بالدعوى وأخبر عنه
بالدخول إلا الوقفة، فما دخلها ولا أخبر عنها ولا يخبر عنها.
وقال لي إن كنت في الوقفة على عمد فأحذر مكري من ذلك
العمد.
وقال لي الوقفة تنفى ما سواها كما ينفي العلم الجهل.
وقال لي أطلب كل شيء عند الواقف تجده، وأطلب الواقف عند
كل شيء لا تجده.
وقال لي ترتب الصبر على كل شيء إلا على الوقفة، فأنها
ترتبت عليه.
وقال لي إذا نزل البلاء تخطى الواقف، ونزل على معرفة
العارف وعلم العالم.
وقال لي يخرج الواقف بالإئتلاف كما يخرج بالاختلاف.
وقال لي الوقفة يدي الطامسة ما أتت على شيء إلا طمسته،
ولا أرادها شيء إلا أحرقته.
وقال لي من علم علم شيء كان علمه إيذاناً بالتعرض له.
وقال لي الوقفة جواري وأنا غير الجوار.
وقال لي لا يقدر العارف قدر الواقف.
وقال لي الوقفة عمود المعرفة والمعرفة عمود العلم.
وقال لي الوقفة لا تتعلق بسبب ولا يتعلق بها سبب.
وقال لي لو صلح لي شيء صلحت الوقفة، ولو أخبر عني شيء
أخبرت الوقفة.
وقال لي معرفة لا وقفة فيها مرجوعها إلى الجهل.
وقال لي الوقفة ريحي التي من حملته بلغ إلي، ومن لم
تحمله بلغ إليه.
وقال لي إنما أقول قف يا واقف أعرف يا عارف.
وقال لي العلم لا يهدي إلى المعرفة والمعرفة لا تهدي إلى
الوقفة والوقفة لا تهدي إلي.
وقال لي العالم في الرق والعارف مكاتب والواقف حر.
وقال لي الواقف فرد والعارف مزدوج.
وقال لي العارف يعرف ويعرف الواقف يعرف ولا يعرف.
وقال لي الواقف يرث العلم والعمل والمعرفة ولا يرثه إلا
الله.
وقال لي أحترق العلم في المعرفة وأحترقت المعرفة في
الوقفة.
وقال لي كل أحد له عدة إلا الواقف وكل ذي عدة مهزوم.
وقال لي الوقفة تعين سرمدي لا ظن فيه.
وقال لي العارف يشك في الواقف والواقف لا يشك في العارف.
وقال لي ليس في الوقفة واقف وإلا فلا وقفة، وليس في
المعرفة عارف وإلا فلا معرفة.
وقال لي ما بلغت المعرفة من لا يقف، ولا نفع علم من لم
يعرف.
وقال لي العالم يرى علمه ولا يرى المعرفة، والعارف يرى
المعرفة ولا يراني، والواقف يراني ولا يرى سواي.
وقال لي الوقفة علمي الذي يجير ولا يجار عليه.
وقال لي الوقفة ميثاقي على كل عارف عرفه أو جهله، فأن
عرفه خرج من المعرفة إلى الوقفة، وان لم يعرفه امتزجت معرفته بحده.
وقال لي الوقفة نوري الذي لا يجاوزه الظلم.
وقال لي الوقفة صمود والصمود ديمومة والديمومة لا يقوم
لها الحدثان.
وقال لي لا يرى الحقيقة إلا الواقف.
وقال لي الوقفة وراء البعد والقرب، والمعرفة في القرب،
والقرب من وراء، والعلم في البعد هو حده.
وقال لي العارف يرى مبلغ علمه والواقف من وراء كل مبلغ.
وقال لي الواقف ينفي المعارف كما ينفي الخواطر.
وقال لي لو أنفصل عن الحد شيء أنفصل الواقف.
وقال لي العلم لا يحمل المعرفة أو تبدو عليه، والمعرفة
لا تحمل الوقفة أو تبدو عليها.
وقال لي العالم يخبر عن العلم، والعارف يخبر عن المعرفة،
والوافق يخبر عني.
وقال لي العالم يخبر عن الأمر والنهي وفيهما علمه،
والعارف يخبر عن حقي وفيه معرفته، والواقف يخبر عني وفي وقفته.
وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من نفسه والواقف أقرب إلي
من كل شيء.
وقال لي إن خرج العالم من رؤية بعدي أحترق، وان خرج
العارف من رؤية قربي أحترق، وان خرج الواقف من رؤيتي أحترق.
وقال لي الواقف يرى ما يرى العارف وما هو به، والعارف
يرى ما يرى العالم وما هو به.
وقال لي العلم حجابي والمعرفة خطابي والوقفة حضرتي.
وقال لي الواقف لا يقبله الغيار ولا تزحزحه المآرب.
وقال لي حكومة الواقف صمته وحكومة العارف نطقه وحكومة
العالم علمه.
وقال لي الوقفة وراء ما يقال، والمعرفة منتهى ما يقال.
وقال لي في الوقفة تعرف كل فرق.
وقال لي قلب الواقف على يدي وقلب العارف على يد المعرفة.
وقال لي العارف ذو قلب والواقف ذو رب.
وقال لي عبر الواقف صفة الكون فما يحكم عليه.
وقال لي لا يقر الواقف على شيء ولا يقر العارف على فقد
شيء.
وقال لي لا يقر الواقف على الكون ولا يقر عنده كون.
وقال لي كل شيء لي والذي لي مما لي الوقفة.
وقال لي الوقفة نار الكون والمعرفة نور الكون.
وقال لي الوقفة تراني وحدي والمعرفة تراني وتراها.
وقال لي الوقفة وقفة الوقفة معرفة المعرفة علم المعرفة
معرفة العلم لا معرفة ولا وقفة.
وقال لي أخباري للعارفين ووجهي للواقفين.
موقف الأدب أوقفني في الأدب وقال لي طلبك مني وأنت لا
تراني عبادة، وطلبك مني وأنت تراني استهزاء.
وقال لي إذا بلوتك فانظر بما علقتك فإن كان بالسوى فأشك
إلي وان كان بي أنا فقد قرت بك الدار.
وقال لي إذا رأيتني في بلاتي فاعرف حدك الذي أنت به ولا
تغب فيه عن رؤيتي فأن كان نعيماً فأنعم وأن رأيته بؤساً فلا تنعم.
وقال لي رأس المعرفة حفظ حالك التي لا تقسمك.
وقال لي إن راعيت شيئاً من أجله أو من أجلك فما هو
المعرفة ولا أنت من المعرفة.
وقال لي كل ما جمعك على المعرفة فهو من المعرفة.
وقال لي إن انتسبت فأنت لما انتسبت إليه لا لي، وان كنت
لسبب فأنت للسبب لا لي.
وقال لي خل المعرفة وراء ظهرك تخرج من النسب، ودم لي في
الوقفة تخرج من السبب.
وقال لي إن طلبت من سواي فأدفن معرفتك في قبر أنكر
المنكرين.
وقال لي إن جمعت بين السوى والمعرفة محوت المعرفة وأثبت
السوى وطالبتك بمفارقته ولن تفارق ما أثبته أبداً.
وقال لي المعرفة لسان الفردانية إذا نطق محا ما سواه
وإذا صمت محا ما تعرف.
وقال لي أنت ابن الحال التي تأكل فيها طعامك وتشرب فيها
شرابك.
وقال لي أليت لا أقبلك وأنت ذو سبب أو نسب.
موقف العزاء أوقفني في العزاء وقال لي وقت نعمة الدوام
في الجزاء بأيام الفناء في العمل.
وقال لي لو كشفت لك عن وصف النعيم أذهبتك بالكشف عن
الوصف وبالوصف عن النعيم، وإنما ألبستك لطفي فتحمل به لطفي، وأتوجك بعطفي فتجري به
من عطفي.
وقال لي اذكرني مرةً أمح بها ذكرك كل مرة.
وقال لي يا من صبر على أبسط الكون لعطائي لا يسع، أبسط
أمانيك لعطائي لا تبلغ.
وقال لي إذا غبت فأجمع عليك المصائب، وسيأتي كل كون
لتعزيتك في غيبتي فأن سمعت أجبت وان أجبت لم ترني.
وقال لي لا في غيبتي عزاء، ولا في رؤيتي قضاء.
وقال لي أنا اللطيف في جبارية العز، وأنا العطوف في
كبرياء القهر.
وقال لي إن قلت لك أنا فانتظر أخباري فلست من أهلي.
وقال لي أنا الحليم وان عظمت الذنوب، وأنا القريب وان خفيت
الهموم.
وقال لي من رآني صمد لي ومن صمد لي لم يصلح على المواقيت.
وقال لي قد تعلم علم المعرفة وحقيقتك العلم فلست من
المعرفة، وقد تعلم علم الوقفة وحقيقتك المعرفة فلست من الوقفة.
وقال لي حقيقتك ما لا تفارقه لا كل علم أنت مفارقه.
موقف معرفة المعارف أوقفني في المعارف وقال لي هي الجهل
الحقيقي من كل شيء بي.
وقال صفة ذلك في رؤية قلبك وعقلك هو أن تشهد بسرك كل ملك
وملكوت وكل سماء وأرض وبر وبحر وليل ونهار ونبي وملك وعلم ومعرفة وكلمات وأسماء
وكل ما في ذلك وكل ما في ذلك وكل ما بين ذلك يقول ليس كمثله شيء، وترى قوله ليس
كمثله شيء هو أقصى علمه ومنتهى معرفته.
وقال لي إذا عرفت معرفة المعارف جعلت العلم دابة من
دوابك وجعلت الكون كله طريقاً من طرقاتك.
وقال لي إذا جعلت الكون طريقاً من طرقاتك لم أزد ودك
منه، هل رأيت زاداً من طريق.
وقال لي الزاد من المقر فإذا عرفة معرفة المعارف فمقرك
عندي وزادك من مقرك لو استضفت إليك الكون لوسعهم.
وقال لي لا يعبر عني إلا لسانان لسان معرفة آيته إثبات
ما جاء به بلا حجة، ولسان علم أيته إثبات ما جاء به بحجة.
وقال لي لمعرفة المعارف عينان تجريان عين العلم وعين
الحكم، فعين العلم تنبع من الجهل الحقيقي وعين الحكم تنبع من عين ذلك العلم.
فمن أغترف العلم من عين العلم أغترف العلم والحكم، ومن
أغترف العلم من جريان العلم لا من عين العلم نقلته ألسنة العلوم وميلته تراجم
العبارات فلم يظفر بعلم مستقر ومن لم يظفر بعلم مستقر لم يظفر بحكم.
وقال لي قف في معرفة المعارف وأقم في معرفة المعارف تشهد
ما أعلمته فإذا شهدته أبصرته وإذا أبصرته فرقت بين الحجة الواجبة وبين المعترضات
الخاطرة فإذا فرقت ثبت وما لم تفرق لم تثبت.
وقال لي من لم يغترف العلم من عين العلم لم يعلم الحقيقة
ولم يكن لما علمه حكم، فحلت علومه في قوله لا في قلبه، كذلك تحل فيمن علم.
وقال لي إذا ثبت فأنطق فهو فرضك.
وقال لي كل معنوية ممعناة إنما معنيت لتصرف، وكل ما هية
ممهاة إنما أمهيت لتخترع.
وقال لي كل محلول فيه وعاء وإنما حل فيه لخلو جوفه، وكل
خال موعى وإنما خلا لعجزه وإنما أوعى لفقره.
وقال لي كل مشار إليه ذو جهة وكل ذي جهة مكتنف وكل مكتنف
مفطون وكل مفطون متخيل وكل متخيل متجزئ وكل متجزئ وكل هواء ماس وكل ماس محسوس وكل
فضاء مصادف.
وقال لي أعرف سطوتي تحذر مني ومن سطوتي، وأنا الذي يجير
منه ما تعرف وأنا الذي لا يحكم عليه ما بدا من علمه، كيف يجير مني تعرفي وأنا المتعرف
به إن أشاء تنكرت به كما تعرفت به، وكيف يحكم علي علمي وأنا الحاكم به إن أشاء
أجهلت به كما أعلمت به.
وقال لي اسمع إلى معرفة المعارف كيف تقول لك سبحان من لا
تعرفه المعارف وتبارك من لا تعلمه العلوم، إنما المعارف نور من أنواره وإنما
العلوم كلمات من كلماته.
وقال لي أسمع إلى لسان من ألسنة سطوتي، إذا تعرفت إلى
عبد فدفعني عدت كأني ذو حاجة إليه يفعل ذلك مني كرم سبقى فيما أنعمت ويفعل ذلك بخل
نفسه بنفسه التي أملكها عليه ولا يملكها علي، فأن دفعني عدت إليه ولا أزال أعود
ولا يزال يدفعني عنه فيدفعني وهو يراني أكرم الأكرمين وأعود إليه وأنا أراه أبخل
الأبخلين أصنع له عذراً إذا حضر وأبتدئه بالعفو قبل العذر حتى أقول في سره أنا ابتليتك،
كل ذلك ليذهب عن رؤية ما يوحشه مني فأن أقام فيما تعرفت به إليه كنت صاحبه وكان
صاحبي وأن دفعني لم أفارقه لدفعه الممتزج بجهله لكن أقول له أتدفعني وأنا ربك أما
تريدني ولا تريد معرفتي فأن قال لا أدفعك قبلت منه، ولا يزال كلما يدفعني أقرره
على دفعه فكلما قال لا أدفعك قبلت منه حتى إذا دفعني فقررته على دفعه فقال نعم أنا
أدفعك وكذب وأصر نزعت معارفي من صدره، فعرجت إلي وارتجعت ما كان من معرفتي في قلبه
حتى إذا جاء يومه جعلت المعارف التي كانت بيني وبينه ناراً أوقدها عليه بيدي فذلك
الذي لا تستطيع ناره النار لأني أنتقم منه بنفسي لنفسي وذلك الذي لا تستطيع خزنتها
أن تسمع بصفة من صفات عذابه ولا بنعت من نعوت نكالى به أجعل جسمه كسعة الأرض
القفرة وأجعل له ألف جلد بين كل جلدين مثل سعة الأرض ثم آمر كل عذاب كان في الدنيا
فيأتيه كله لعينه فيجتمع في كل جارحة منه كل عذاب كان في الدنيا بأسره لعين ذلك
العذاب وعلى اختلافه في حال واحدة لسعة ما بين أقطاره وعظم ما وسعت من خلقه لنكالة
ثم أمر كل عذاب كان يتوهمه أهل الدنيا أن يقع فيأتيه كله لعينه التي كانت تتوهم
فيحل به العذاب المعلوم في الجلدة الأولة ويحل به العذاب الموهوم في الجلدة
الثانية ثم آمر بعد ذلك طبقات النار السبعة فيحل عذاب كل طبقة في جلده من جلدة
فإذا لم يبق عذاب دنيا ولا أخرة إلا حل بين كل جلدين من جلوده أبديت له عذابه الذي
أتولاه بنفسي فيمن تعرفت إليه بنفسي، فدفعني حتى إذا رآه فرق لرؤيته العذاب
المعلوم وفرق منه العذاب الموهوم وفرق له عذاب الطبقات السبعة فلا يزال عذاب الدنيا
والآخرة يفرق أن أعذبه بالعذاب الذي أبديته فأعهد إلى العذاب أني لا أعذبه فيسكن
إلى عهدي ويمضي في تعذيبه على أمري ويسألني هو أن أضعف عليه عذاب الدنيا والآخرة وأصرف
عنه ما أبديته فأقول له أنا الذي قلت لك أتدفعني فقلت نعم أدفعك فذاك أخر عهده بي،
ثم أخذه بالعذاب مدى علمي في مدى علمي فلا يثبت علم العالمين ولا معرفة العارفين
لسماع صفته بالكلام، ولا أكون كذلك لمن تمسك بي في تعرفي وأقام عندي إلى أن أجيء
بيومه إليه فذلك الذي أوتيه نعيم الدنيا كلها معلوماً وموهوماً ونعيم الآخرة كلها
بجميع ما يتنعم به أهل الجنان ونعيمي الذي أتولاه بنفسي من تنعيم من أشاء ممن
عرفني فتمسك بي.
وقال لي سلني وقل يا رب كيف أتمسك بك حتى إذا جاء يومي
لم تعذبني بعذابك ولم تصرف عني إقبالك بوجهك فأقول لك تمسك بالسنة في علمك وعملك
وتمسك بتعرفي إليك في وجد قلبك وأعلم أني إذا تعرفت إليك لم أقبل منك من السنة إلا
ما جاء به تعرفي لأنك من أهل مخاطبتي تسمع مني وتعلم أنك تسمع وترى الأشياء كلها
مني.
وقال لي عهد عهدته إليك أن تعرفي لا يطالب بفراق سنتي
لكن يطالب بسنة دون سنة وبعزيمة دون عزيمة فأن كنت ممن قد رآني فاتبعني وأعمل ما
أشاء بالآلة التي أشاء لا بالآلة التي تشاء أليس كذلك تقول لعبدك فالآلة هي سنتي
فأعمل منها بما أشاء منك لا بما تشاء لي وتشاء مني فأن عجزت في آلة دون آلة فعذري لا
يكتبك غادرا وان ضعفت في عزيمة دون عزيمة فرخصتي لا تكتبك عاثراً إنما أنظر إلى
أقصى علمك أن كان عندي فأنا عندك.
موقف الأعمال أوقفني في الأعمال وقال لي إنما ظهرتك
لتثبت بصفتي لصفتك فأنت لا تثبت لصفتي إنما تثبت بصفتي وأنت تثبت لصفاتك ولا تثبت
بصفاتك.
وقال لي إنما صفتك الحد وصفة الحد الجهة وصفة الجهة
المكان وصفة المكان التجزيء وصفة التجزيء التغاير وصفة التغاير الفناء.
وقال لي إن أردت أن تثبت فقف بين يدي في مقامك ولا
تسألني عن المخرج.
وقال لي أتدري أين محجة الصادقين هي من وراء الدنيا ومن
وراء ما في الدنيا ومن وراء ما في الآخرة.
وقال لي إذا سلكت إلي من وراء الدنيا أتتك رسلي متلقين
تعرف في عيونهم الشوق وترى في وجوههم الإقبال والبشرى، أرأيت غائباً غاب عن أهله
فأذنهم بقدومه أليس إذا قطع المسافة القاصدين وسلك في محجة الداخلين تلقوه أمام منزله
ضاحكين وأسرعوا إليه فرحين مستبشرين.
وقال لي من لم يسلك محجة الصادقين فهو كيف ما كان في
الدنيا مقيم ومما فيها آخذ أتته رسلي مخرجين، وتلقته مرحلين مزعجين، فسابق سبق له
العفو فرأى في عيونهم أثار هيبة الإخراج، ونظر في وجوههم آثار هيبة الإزعاج، وآخر
سبق له الحجاب فما هو من خير ولا الخير خاتمة ما عنده.
وقال لي احذر وبعدد ما خلقت فأحذر، إن أنت سكنت على
رؤيتي طرفة عين فقد جوزتك كلما أظهرته وآتيتك سلطاناً عليه.
وقال لي كما تدخل إلي في الصلوة تدخل إلي في قبرك.
وقال لي آليت لا بد أن تمشي مع كل واحد أعماله، فأن
فارقها في حيوته دخل إلي وحده فلم يضق به قبره، وان لم يفارقها في حيوته دخلت معه
إلى قبره فضاق به لأن أعماله لا تدخل معه علوماً إنما تتمثل له شخصاً فتدخل معه.
وقال لي أنظر إلى صفة ما كان من أعمالك كيف تمشي معك
وكيف تنظر إليها تمشي منك بحيث تكون بينك وبين ما سواها من الأعمال والاتباع
فتدافع عنك والملائكة يلونها وما سواها الأعمال وراء ذلك كله فأبدى ما كان لي من
عملك في خلال تلك الفرج تدافع عنك كما كنت تدافع عنها وتنظر أنت إليها كما تنظر إلى
المتكفل بنصرك والى الباذل نفسه من دونك وتنظر إليك كما كنت تنظر إليها وتقول إلي
فأنا المتكفل بنصرك أنا الباذل نفسه دونك، حتى إذا جئتما إلى البيت المنتظر فيه ما
ينتظر، وماذا ينتظر، ودعتك وداع العائد إليك، وودعتك الملائكة وداع المثبت لك
ودخلت إلي وجدك لا عملك معك وان كان حسناً لأنك لا تراه أهلاً لنظري ولا الملائكة
معك وان كانوا أوليائك، لأنك لا تتخذ ولياً غيري فتنصرف الملائكة إلى مقاماتهم بين
يدي وينصرف ما كان لي عملك إلي.
وقال لي تعلم ولا تسمع من العلم وأعمل ولا تنظر إلى
العمل.
وقال لي عمل الليل عماد لعمل النهار.
وقال لي تخفيف عمل النهار أدوم فيه، وتطويل عمل الليل
أدوم فيه.
وقال لي أن أردت أن تثبت بين يدي في عملك فقف بين يدي لا
طالباً مني ولا هارباً إلي، انك إن طلبت مني فمنعتك رجعت إلى الطلب لا إلي أو رجعت
إلى اليأس لا إلى الطلب، وأنك إن طلبت مني فأعطيتك رجعت عني إلى مطلبك، وان هربت
إلي فأجرتك رجعت عني إلى الأمن من مهربك من خوفك وأنا أريد أن أرفع الحجاب بيني
وبينك فقف بين يدي لأني ربك ولا تقف بين يدي لأنك عبدي.
وقال لي إن وقفت بين يدي لأنك عبدي ملت ميل العبيد، وان
وقفت بين يدي لأني ربك جاءك حكمي القيوم فحال بين نفسك وبينك.
وقال لي إن أنحصر علمك لم تعلم، وان لم ينحصر عملك لم
تعمل.
وقال لي العمل عملان راتب وزائر، فالراتب لا يتسع العلم
ولا يثبت العمل إلا به، والزائر لا يتسع العلم به.
وقال لي إن عملت الراتب ولم تعمل الزائر ثبت علمك ولم
يتسع، وان عملت الزائر والراتب ثبت علمك واتسع.
وقال لي أعرف صفتك التي لا يغيب فيها عنك ثم أعرف صفتك
التي لا تعجز فيها عن عملك فتعلم ولا تجهل وتعمل ولا تفتر.
وقال لي إن لم تعرف صفتك علمت وجهلت وعملت وفترت، فبحسب
ما بقي عندك من العلم تعمل وبحسب ما عارضك من الجهل تترك.
وقال لي زن العلم بميزان النية، وزن العمل بميزان
الإخلاص.
موقف التذكرة أوقفني في التذكرة وقال لي لا تثبت إلا
بطاعة الآمر، ولا تستقيم إلا بطاعة النهي.
وقال لي إن لم تأتمر ملت، وان لم تنته زغت.
وقال لي لا تخرج من بيتك إلا إلي تكن في ذمتي وأكن
دليلك، ولا تدخل إلا إلي إذا دخلت تكن في ذمتي وأكن معينك.
وقال لي أنا الله لا يدخل إلي بالأجسام، ولا تدرك معرفتي
بالأوهام.
وقال لي إن وليتني من علمك ما جهلت فأنت ولي فيه.
وقال لي كلما رأيته بعينك وقلبك من ملكوتي الظاهر والخفي
فأشهدتك تواضعه لي وخضوعه لبهاء عظمتي لمعرفة أثبتها لك فتعرفها بالإشهاد لا
بالعبارة فقد جوزتك عنها وعما لا ينفذ من علوم غيرها وألسنة نواطقها وفتحت لك فيها
أبوابي التي لا يلجها إلي من قويت معرفته بحمل معرفتها فحملتها ولم تحملك لما
أشهدتك منها ولما لم أشهدها منك فوصلت إلى حد الحضرة وقبل بين يدي فلان بن فلان
فأنظر عندها من أنت ومن أين دخلت وماذا عرفت حتى دخلت ولماذا وسعت حتى حملت.
وقال لي إذا أشهدتك كل كون إشهاداً واحداً في رؤيةواحدة
فلي في هذا المقام اسم إن علمته فادعني به وان لم تعلمه فادعني بوجد هذه الرؤية في
شدائدك.
وقال لي صفة هذه الرؤية أن ترى العلو والسفل والطول والعرض
وما في كل ذلك وما كل ذلك به فيما ظهر فقام، وفيما سخر فدام، فتشهد وجوه ذلك راجعة
بأبصارها إلى أنفسها إذا لا يستطيع أن يقبل كل جزيئة منها إلا إلى أجزائها، وتشهد
منها مواقع النظر المثبت فيها الوجود تسبيحها منعرجة إلي بتماجيد ثنائها شاخصة إلي
بالتعظيم المذهل لها عن كل شيء إلا عن دؤوبها في أذكارها، فإذا شهدتها راجعة
الوجوه فقل يا قهار كل شيء بظهور سلطانه، ويا مستأثر كل شيء بجبروت عزه، وأنت
العظيم الذي لا يستطاع ولا تستطاع صفته، وإذا شهدتها شاخصة للتعظيم فقل يا رحمن يا
رحيم أسألك برحمتك التي أثبت بها في معرفتك، وقويت بها على ذكرك، وأسميت بها
الأذهان إلى الحنين إليك، وشرفت بها مقام من تشاء من الخلق بين يديك.
وقال لي إذا سلمت إلي ما لا تعلم فأنت من أهل القوة عليه
إذا أبديت لك علمه، وإذا سلمت إلي ما علمت كتبتك فيمن أستحي منه.
وقال لي المعرفة ما وجدته، والتحقق بالمعرفة ما شهدته.
وقال لي العالم يستدل علي فكل دليل يدله إنما له يدله
على نفسه لا علي، والعارف يستدل بي.
وقال لي العلم حجتي على كل عقل فهي فيه ثابتة لا يذهل
العقل عنها وأن تذاهل، ولا يرحل عن علمه وان أعرض.
وقال لي لكل شيء شجر، وشجر الحروف الأسماء، فاذهب عن
الأسماء تذهب عن المعاني.
وقال لي إذا ذهبت عن المعاني صلحت لمعرفتي.
موقف الأمر أوقفني في الأمر وقال لي إذا أمرتك فامض لما
أمرتك ولا تنتظر به علمك إنك إن تنتظر بأمري علم أمري تعص أمري وقال لي إذا لم تمض
لأمري أو يبدو لك علمه فلعلم الآمر أطعت لا للأمر.
وقال لي أتدري ما يقف بك عن المضي في أمري وتنتظر علم
أمري هي نفسك تبتغي العلم لتنفصل به عن عزيمتي بهواها في طرقاته، إن العلم ذو
طرقات وان الطرقات ذوات فجاج وان الفجاج ذوات مخارج ومحاج وان المحاج ذوات
الاختلاف.
وقال لي امض لأمري وإذا أمرتك ولا تسألني عن علمه كذلك
أهل حضرتي من ملائكة العزائم يمضون لما أمروا به ولا يعقبون، فامض ولا تعقب، فامض
ولا تعقب تكن مني وأنا منك.
وقال لي ما ضنة عليك أطوى علم الأمر إنما العلم موقف
لحكمه الذي جعلته له فإذا أذنتك بعلم فقد أذنتك بوقوف به إن لم تقف به عصيتني لأني
أنا جعلت للعلم حكماً فإذا أبديت لك العلم فرضت عليك حكمة.
وقال لي إذا أردتك بحكمي لا بحكم العلم أمرتك فمضيت
للأمر لا تسألني عنه ولا تنتظر مني علمه.
وقال لي إذا أمرتك فجاء عقلك يجول فيه فانفة وإذا جاء
قلبك يجول فيه فاصرفه حتى تمضي لأمري ولا يصحبك سواه فحينئذ تتقدم فيه، وان صحبك
غيره أوقفك دونه فعقلك يوقفك حتى يدري فإذا درى رجح، وقلبك يوقفك حتى يدري فإذا
درى ميل.
وقال لي إذا أشهدتك كيف تنفذ أوليائي في أمري لا ينتظرون
به علمه ولا يرتقبون به عاقبته رضوا به بدلاً من كل علم وان جمع علي ورضوا بي
بدلاً من كل عاقبة وان كانت دارى ومحل الكرامة بين يدي فأنا منظرهم لا يسكنون أو يروني
ولا يستقرون أو يروني فقد أذنتك بولايتي لأنك أشهدتك كيف تأتمر لي إذا أمرتك في
تعرفي وكيف تنفد عني وكيف ترجع إلي، عبدي لا تنتظر بأمري علمه ولا تنتظر به عاقبته
انك إن انتظرتهما بلوتك فحجبك البلاء عن أمري وعن علم أمري الذي انتظرته ثم أعطف
عليك فتنيب ثم أعود عليك فأتوب ثم تقف في مقامك ثم أتعرف إليك ثم آمرك في تعرفي
فامض له ولا تعقب أكن أنا صاحبك، عبدي أجمع أول نهارك وإلا لهوته كله واجمع أول
ليلك وإلا ضيعته كله فأنك إذا جمعت أوله جمعت لك أخره.
وقال لي أكتب من أنت لتعرف من أنت فان لم تعرف من أنت
فما أنت من أهل معرفتي.
وقال لي أليس إرسالي إليك العلوم من جهة قلبك إخراجاً لك
من العموم إلى الخصوص أو ليس تخصصي لك بما تعرفت به إليك من طرح قلبك وطرح ما بدا
لك من العلوم من جهة قلبك إخراجاً لك إلى الكشف أو ليس الكشف أن تنفى عنك كل شيء وعلم
كل شيء وتشهدني بما أشهدتك فلا يوحشك الموحش حين ذلك ولا يؤنسك المؤنس حين أشهدك
وحين أتعرف إليك ولو مرة في عمرك إيذاناً لك بولايتي لأنك تنفي كل شيء بما أشهدتك
فأكون المستولي عليك وتكون أنت بيني وبين كل شيء فتليني لا كل شيء ويليك كل شيء لا
يليني، فهذه صفة أوليائي فاعلم أنك ولي وأن علمك علم ولايتي فاودعني اسمك حتى
ألفاك أنا به ولا تجعل بيني وبينك إسماً ولا علماً واطرح كل شيء أبديه لك من
الأسماء والعلوم لعزة نظري ولئلا تحتجب به عني فلحضرتي بنيتك لا للحجاب عني ولا
لشيء هو من دوني جامعاً كان لك أو مفرقاً فالمفرق زجرتك عنه بتعريفي والجامع زجرتك
عنه بغيرة ودي فاعرف مقامك في ولايتي فهو حدك الذي إن قمت فيه لم تستطعك الأشياء
وان خرجت منه تخطفك كل شيء.
وقال لي أتدري ما صفتك الحافظة لك بإذني هي مادتك في
جسدك وذلك هو رفق بصفتك وحفظ لقلبك، احفظ قلبك من كل داخل يدخل عليه يميل به عني
ولا يحمله إلي، بصفتك في عبادتي تجمع همك علي.
وقال لي مقامك مني هو الذي أشهدتك تراني أبدي كل شيء
وترى النار تقول ليس كمثله شيء وترى الجنة تقول ليس كمثله شيء وترى كل شيء يقول
ليس كمثله شيء فمقامك مني هو ما بيني وبين الإبداء.
وقال لي إذا كنت في مقامك لم يستطعك الإبداء لأنك تلبني
فسلطاني معك وقوتي وتعرفي.
وقال لي أنا ناظرك وأحب أن تنظر إلى الإبداء كله يحجبك
عني، نفسك حجابك وعلمك حجابك ومعرفتك حجابك وأسماؤك حجابك وتعرفي إليك حجابك فأخرج
من قلبك كل شيء وأخرج من قلبك العلم بكل شيء وذكر كل شيء وكلما أبديت لقلبك بادياً
فألفه إلى بدوه وفرغ قلبك لي لتنظر إلي ولا تغلب علي.
موقف المطلع أوقفني في المطلع وقال لي أين اطلعت رأيت
الحد جهرة ورأيتني بظهر الغيب.
وقال لي إذا كنت عندي رأيت الضدين والذي أشهدتهما فلم
يأخذك الباطل ولم يفتك الحق.
وقال لي الباطل يستعير الألسنة ولا يوردها موردها كالسهم
تستعيره ولا تصيب به.
وقال لي الحق لا يستعير لساناً من غيره.
وقال لي إذا بدت أعلام الغيرة ظهرت أعلام التحقيق.
وقال لي إذا ظهرت الغيرة لم تستتر.
وقال لي أطلع في العلم فأن رأيت المعرفة فهي نوريته،
واطلع في المعرفة فأن رأيت العلم فهو العلم فهو نوريتها.
وقال لي أطلع في العلم فأن لم تر المعرفة فاحذره، واطلع
إلى المعرفة فان لم تر العلم فاحذرها.
وقال لي المطلع مشكاتي التي من رأها لم ينم.
وقال لي المطلع رؤية الموجب والمطلع في الموجب رؤية
المراد.
وقال لي يا عالم اجعل بينك وبين الجهل فرقاً من العلم
وإلا غلبك، واجعل بينك وبين العلم فرقاً من المعرفة وإلا اجتذبك.
وقال لي أوحيت إلى التقوى أثبتي وثبتي، وأوحيت إلى
المعصية تزلزلي وزلزلي.
وقال لي العلم بابي والمعرفة بوابي.
وقال لي اليقين طريقي الذي لا يصل سالك إلا منه.
وقال لي من علامات اليقين الثبات، ومن علامات الثبات
الآمن في الروع.
وقال لي إن أردت لي كل شيء علمتك علماً لا يستطيعه الكون
وتعرفت إليك معرفة لا يستطيعها الكون.
وقال لي إن أردتني أردت بي بكل شيء وأردت بي كل شيء
علمتك علماً لا يستطيعه الكون.
وقال لي عارف علم عاقبته فلا يصلح إلا على علمها، وعارف
جهل عاقبته فلا يصلح إلا على جهلها.
وقال لي من صلح على علم عاقبته لم تعمل فيه مضلات الفتن،
ومن صلح على جهل عاقبته مال واستقام.
وقال لي من يعلم عاقبته ويعمل يزدد خوفاً.
وقال لي الخوف علامة من علم عاقبته، والرجاء علامة من
جهل عاقبته.
وقال لي من علم عاقبته وألقاها وعلمها إلي أحكم فيها
بعلمي الذي لا مطلع عليه لقيته بأحسن مما علم وجئته بأفضل مما فوض.
وقال لي يا عارف إن ساويت العالم إلا في الضرورة حرمتك
العلم والمعرفة.
وقال لي يا عارف أين الجهالة منك إنما ذنبك على المعرفة.
وقال لي يا عارف اطلع في قلبك فما رأيته يطلبه فهو
معرفته وما رأيته يحذر فهو مطلعه.
وقال لي يا عارف دم وإلا أنكرت، يا عالم أفتر وإلا جهلت.
وقال لي يا عارف أرى عندك قوتي ولا أرى عندك نصرتي
أفتتخذ إلهاً غيري.
وقال لي يا عارف أرى عندك دلالتي ولا أراك في محجتي.
وقال لي يا عارف أرى عندك حكمتي ولا أرى عندك خشيتي
أفهزئت بي.
وقال لي من لم يفر إلي ولم يصل إلي، ومن لم أتعرف إليه
لم يفر إلي.
وقال لي إن ذهب قلبك عني لم أنظر إلى عملك.
وقال لي إن لم أنظر إلى عملك طالبتك بعلمك وان طالبتك
بعلمك لم توفني بعملك.
وقال لي إن لم تعرض عما أعرضت عنه لم تقبل على ما أقبلت
عليه.
وقال لي إن أخذتك في المخالفة ألحقت التوبة بالمخالفة،
وان أخذتك في التوبة ألحقت المخالفة بالتوبة.
وقال لي حدث عني وعن حقوقي وعن نعمتي فمن فهم عني فأتخذه
عالماً، ومن فهم عن حقي فأتخذه نصيحاً، ومن فهم عن نعمتي فاتخذه أخاً.
وقال لي من لم يفهم عني ولا عن حقي ولا عن نعمتي فأتخذه
عدواً فان جاءك بحكمتي فخذها منه كما تأخذ ضالتك من الأرض المسبعة.
وقال لي الذي يفهم عني يريد بعبادته وجهي، والذي يفهم عن
حقي يعبدني من أجل خوفي، والذي يفهم عن نعمتي يعبدني رغبة فيما عندي.
وقال لي من عبدني وهو يريد وجهي دام، ومن عبدني من أجل
خوفي فتر، ومن عبدني من أجل رغبته أنقطع.
وقال لي العلماء ثلاثة فعالم هداه في قلبه، وعالم هداه
في سمعه، وعالم هداه في تعلمه.
وقال لي القراء ثلاثة فقارئ عرف الكل، وقارئ عرف النصف،
وقارئ عرف الدرس.
وقال لي الكل الظاهر والباطن، والنصف الظاهر، والدرس
التلاوة.
وقال لي إذا تكلم العارف والجاهل بحكمة واحدة فاتبع
إشارة العارف وليس لك من الجاهل إلا لفظه.
موقف الموت أوقفني في الموت فرأيت الأعمال سيئات ورأيت
الخوف يتحكم على الرجاء ورأيت الغنى قد صار ناراً ولحق بالنار ورأيت الفقر خصماً
يحتج ورأيت كل شيء لا يقدر على شيء ورأيت الملك غروراً ورأيت الملكوت خداعاً،
وناديت يا علم فلم يجبني وناديت يا معرفة فلم تجبني، ورأيت كل شيء قد أسلمني ورأيت
كل خليقة قد هرب مني وبقيت وحدي، وجاءني العمل فرأيت فيه الوهم الخفي والخفي الغابر
فما نفعني إلا رحمة ربي، وقال لي أين علمك فرأيت النار.
وقال لي أين عملك، فرأيت النار.
وقال لي أين معرفتك، فرأيت النار.
وكشف لي عن معارفه الفردانية فخمدت النار.
وقال لي أنا وليك، فثبت.
وقال لي أنا معرفتك، فنطقت.
وقال لي أنا طالبك، فخرجت.
موقف العزة أوقفني في العزة وقال لي لا يجاورني وجد
بسواى ولا بسوى الآني ولا بسوى ذكراي ولا بسوى نعماي.
وقال لي أذهب عنك وجد السوى وما من السوى بالمجاهدة.
وقال لي إن لم تذهبه بالمجاهدة أذهبته النار السطوة.
وقال لي كما تنقل المجاهدة عن وجد السوى إلى الوجد بي
وبما مني كذلك النار تنقل عن وجد السوى إلى الوجد بي وبما منى.
وقال لي آليت لا يجاورني إلا من وجد بي أو بما منى.
وقال لي وجدك بالسوى من السوى والنار سوى ولها على
الأفئدة مطلع فإذا أطلعت على الأفئدة فرأت فيها السوى رأت ما منها فاتصلت به، وإذا
لم تر هي منه لم تتصل به.
وقال لي ما أدرك الكون تكوينه ولا يدركه.
وقال لي كل خلقة هي مكان لنفسها وهي حد لنفسها.
وقال لي رجعت العلوم إلى مبالغها من الجزاء، ورجعت
المعارف إلى مبالغها من الرضا.
وقال لي أنا أظهرت القولية بمحتمل الأسماع والأفكار وما
لا يحمل أكثر مما يحمل، وأنا أظهرت الفعلية بمحتمل العقول والأبصار وما لا يحتمل
أكثر مما يحمل.
وقال لي أنظر إلى الإظهار تنعطف بعضيته على بعضيته وتتصل
أسباب جزئيتة بأسباب جزئيته فما له عنه مدار وأن جال، ولا له مستند إذا مال.
وقال لي أنظر إلي فأني لا يعود علي عائدة منك ولكن تثبت
بثباتي الدائم فلا تستطيعك الاغيار.
وقال لي لو اجتمعت القلوب بكنه بصائرها المضيئة ما بلغت
حمل نعمتي.
وقال لي العقل آلة تحمل حدها من معرفة، والمعرفة بصيرة
تحمل حدها من اشهادي، والإشهاد قوة تحمل حدها من مرادي.
وقال لي إذا بدت العظمة رأى العارف معرفته نكره وأبصر
المحسن حسنته سيئة.
وقال لي لا تحمل الصفة ما يحمله العلم فأحفظ العلم منك
وقف صفة على حدها منه ولا تقفها على حدها منها.
موقف التقرير أوقفني في التقرير وقال لي تريدني أو تريد
الوقفة أو تريد هيئة الوقفة، فأن أردتني كنت في الوقفة لا في إرادة الوقفة وان
أردت الوقفة كنت في إرادتك لا في الوقفة وان أردت هيئة الوقفة عبدت نفسك وفاتتك
الوقفة.
وقال لي الوقفة وصف من أوصافي الوقار والوقار وصف من
أوصاف البهاء والبهاء وصف من أوصاف الغنى والغنى وصف من أوصاف الكبرياء والكبرياء
وصف من أوصاف الصمود والصمود وصف من أوصاف العزة والعزة وصف من أوصاف الوحدانية والوحدانية
وصف من أوصاف الذاتية.
وقال لي خروج الهم عن الحرف وعما ائتلف منه وانفرق.
وقال لي إذا خرجت عن الحرف خرجت عن الأسماء، وإذا خرجت
عن الأسماء خرجت عن المسميات، وإذا خرجت عن المسميات خرجت عن كل ما بدا وإذا خرجت
عن كل ما بدا قلت فسمعت ودعوت فأجبت.
وقال لي إن لم تجز ذكرى وأوصاف محامدي وأسمائي رجعت من
ذكرى إلى أذكارك ومن وصفي إلى أوصافك.
وقال لي الواقف لا يعرف المجاز، وإذا لم يكن بيني وبينك
مجاز لم يكن بيني وبينك حجاب.
وقال لي إن ترددت بيني وبين شيء فقد عدلت بي ذلك الشيء.
وقال لي إن دعوتك فلا تنظر باتباعي طرح الحجاب فلن تحصر
عده ولن تستطيع أبداً طرحه.
وقال لي إن استطعت طرحه فإلي أين تطرحه والطرح حجاب
والأين المطروح فيه حجاب، فإتبعني أطرح حجابك فلا يعود ما طرحته وأهدي سبيلك فلا
يضل ما هديت.
وقال لي إذا رأيتني فإن أقبلت على الدنيا فمن غضبي وان
أقبلت على الآخرة فمن حجابي وان أقبلت على العلوم فمن حبسي وان أقبلت على المعارف
فمن عتبي.
وقال لي إن سكنت على عتبي أخرجتك إلى حبسي، إن وصفي
الحياء فأستحي أن يكون معاتبي بحضرتي، فأن سكنت على حبسي أخرجتك إلى حجابي وان
سكنت على حجابي أخرجتك إلى غضبي.
وقال لي إذا أردت لي كل شيء لم تفتن، وإذا أردت مني كل
شيء لم تنخدع.
وقال لي معارف كل شيء توجد به أسماؤه من معارفه، وإذا
سقطت معالم الشيء سقط الوجد به.
وقال لي لكل شيء اسم لازم ولكل اسم أسماء، فالأسماء تفرق
عن الاسم والاسم يفرق عن المعنى.
موقف الرفق أوقفني في الرفق وقال لي إلزم اليقين تقف في
مقامي، والزم حسن الظن تسلك محجتي ومن سلك في محجتي وصل إلي.
وقال لي اجتمع باسم اليقين على اليقين.
وقال لي إذا اضطربت فقل بقلبك اليقين تجتمع وتوقن، وقل
بقلبك حسن الظن تحسن الظن.
وقال لي من أشهدته أشهدت به ومن عرفته عرفت به ومن هديته
هديت به ومن دللته دللت به.
وقال لي وقال اليقين يهديك إلى الحق والحق المنتهى، وحسن
الظن يهديك إلى التصديق والتصديق يهديك إلى اليقين.
وقال لي حسن الظن طريق من طرق اليقين.
وقال لي إن لم ترني من وراء الضدين رؤية واحدة لم تعرفني.
موقف بيته المعمور أوقفني في بيته المعمور فرأيته
وملائكته ومن فيه يصلون له ورأيته وحده ولا بيت مواصلاً في صلوته إلى الدوام
ورأيتهم لا يواصلون يحيط بصلواتهم علماً ولا يحيطون، وقال لي أسررت الحكومة بيتي
في كل بيت فحكمت بها لبيتي على كل بيت.
وقال لي أخل بيتك من السوى واذكرني بما أيسر لك ترني في
كل جزيئة منه.
وقال لي أما تراه إذا ما عمرته بسواي ترى في كل جزيئة
منه خاطفاً كاد أن يخطفك.
وقال لي خذ فقه بيتك بنعمي تتنعم به.
وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فلا تخرج منه وإذا
رأيتني والسوى فغط وجهك وقلبك حتى يخرج السوى فأنك إن لم تغطها خرجت وبقي السوى
وإذا بقي السوى أخرجك من بيتك إليه فلا أنا ولا بيت.
وقال لي حكومة خروجي من بيتك أخرجتك.
وقال لي لا تحجبني عن بيتك فانك إن أقمتني على بابه
وغلقته من دوني أقمتك على كل أبواب السوى ذليلاً وأظهرت تعززهم عليك.
وقال لي وجهي قبلته وعيني بابه أقبل عليه بكلك تجده
مسلماً لك.
وقال لي إذا رأيتني وحدي في بيتك فلا ضحك ولا بكاء، وإذا
رأيتني والسوى فبكاء، وإذا خرج السوى فضحك نعماء.
وقال لي أنظر إلى أصناف ردي لك عن أصناف السوى أغرت عليك
أم أطرحتك.
وقال لي أحفظ عينيك وكل الجميع إلي.
وقال لي إنك إن لم حفظتهما حفظت قلبك وحكومته.
وقال لي بيتك هو طريقك بيتك هو قبرك بيتك هو حشرك أنظر
كيف تراه كذا ترى ما سواه.
وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فهو الحرم الآمن يؤمنك
من سواي، وإذا لم ترني في بيتك فاطلبني في كل شيء فإذا رأيتني فاهجم ولا تستأذن.
وقال لي القول حجاب فناء القول غطاء فناء الغطاء خطر
فناء الخطر صحة، علم ذلك يكون حقيقته لا تكون.
وقال لي أنت ضالتي فإذا أوجدتنيك فأنت حسبي.
وقال لي إذا رأيتني ولم تر اسمي فانتسب إلى عبودتي فأنت
عبدي.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت اسمي فأنا الغالب.
وقال لي إذا رأيت اسمي ولم ترني فما عملك بي ولا أنت
عبدي.
وقال لي أزح عللك تراني متسوي لا ريب.
وقال لي قف بحيث أنت واعرف نفسك ولا تنس خلقك تراني مع
كل شيء فإذا رأيته فألق المعية وابق لي فلا أغيب عنك.
موقف ما يبدو أوقفني فيما يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا
معنى فيكون معنى، وقال لي قف في النار، فرأيته يعذب بها ورأيتها جنة ورأيت ما ينعم
به في الجنة هو ما يعذب به في النار.
وقال لي أحد لا يفترق صمد لا ينقسم رحمن هو هو.
وقال لي قف في الأرض والسماء، فرأيت ما ينزل ما ينزل إلى
الأرض مكراً وما يصعد منها شركاً ورأيت الذي يصعد هو عما ينزل ورأيت ما ينزل يدعو
إلى نفسه ورأيت ما يصعد يدعو إلى نفسه.
وقال لي ينزل مطيتك وما يصعد مسيرك فأنظر ما تركب وأين
تقصد.
وقال لي تنزل مسافة تصعد مسافة مسافة بعد بعد لا يحادث.
وقال لي كيف تكون عندي وأنت بين النزول والصعود.
وقال لي ما أخرجت من الأرض عينا جمعت بها علي ولا أنزلت
من السماء عيناً جمعت بها علي إنما أبديت كل عين فقسمت بها عني وحجبت عني وحجبت ثم
بدأت فجمعت بي وكانت هي الطرق وكانت الطرق جهة.
وقال لي قف في الجنة؛ فرأيته يجمع ما أظهر فيها من
العيون كما جمع في الأرض ببدوه من وراء العيون فرأيته يبدو لا من وراء العيون
فيكون الوراء ظرفاً ورأيته لا يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا معنى فيكون معنى.
وقال لي إن أقمت في العرش فما بعده فابق فاراً، وإن أقمت
في الذكر فما بعده فابق محجوباً.
وقال لي إن كان غيري ضالتك فأظفر بالحرب.
وقال لي إن كانت ضالتك تهت إلا عني وحرت إلا معي.
وقال لي انظر إلي لما جعلتك ضالتي ألم أقبل عليك.
وقال لي أنت ضالتي وأنا ضالتك وما منا من غاب.
وقال لي كلما أراك نفسه وأراك غيره به فقد ربطك به
وبغيره ونفضك عنه وعن غيره.
وقال لي ما أراك سواه ولم يرك نفسه فقد مكربك، وما أراكه
ولم يرك سواه رأيت كل شيء في نور نورتيه.
موقف لا تطرف أوقفني وقال لي أظهرت كل شيء وأدرأت عنه
وأدرأت به عني.
وقال لي إذا نظرت إلي أثبت كل شيء فقد آذنتك بمواصلتي.
وقال لي كل له علامة ينقسم بها وتنقسم به.
وقال لي كن بالمثبت لا يقوم لك الثبت.
وقال لي إذا كان إلي المنتهى سقط المعترض.
وقال لي لا يكون إلي المنتهى حتى تراني من وراء كل شيء.
وقال لي إثباتي لا يمتحي به ولا بي، إني أنا الحكيم
المتقن على علم ما وضعت.
وقال لي انظر إلي ولا تطرف يكن ذلك أول جهادك في.
وقال لي ابن أمرك على الخوف أثبته بالهم ولا تبن أمرك
على الرجاء أهدمه إذا تكامل العمل.
وقال لي إذا ذهبتك عن الأسماء أذنتك بحكومتي.
موقف وأحل المنطقة أوقفني وقال لي إذا رأيتني كان فقرك
في إجابة المسئلة.
وقال لي إذا رأيتني فلا تسألني في الرؤية ولا في الغيبة
لأنك إن سألتني في الرؤية اتخذتها إلهاً من دوني، وإن سألتني في الغيبة كنت كمن لم
يعرفني، ولا بد لك أن تسألني وأغضب إن لم تسألني فسلني إذا قلت لك سلني.
وقال لي إذا رأيتني فانظر إلي أكن بينك وبين الأشياء،
وإذا لم ترني فنادي لا لأظهر ولا لتراني لكن لأني أحب نداء أحبائي لي.
وقال لي إذا رأيتني أغنيتك الغنى الذي لا ضد له.
وقال لي إن تبعك السوى وإلا تبعته.
وقال لي ذكرى رؤيتي جفاء فكيف رؤية سواي أم كيف ذكرى مع
رؤية سواي.
وقال لي أفل الليل وطلع وجه السحر وقام الفجر على الساق،
فاستيقظي أيتها النائمة إلى ظهورك وقفي في مصلاك، فإنني أخرج من المحراب فليكن
وجهك أول ما ألقاه فقد خرجت إلى الأرض مراراً وعبرت إلا في هذه المرة، فإني أقمت
في بيتي وأريد أن أرجع إلى السماء فظهوري إلى الأرض هو جوازي عليها وخروجي منها
وهو آخر عهدها بي، ثم لا تراني ولا ما فيها أبد الآبدين، وإذا خرجت منها إن لم
أمسكها لم تقم، وأحل المنطقة فينتثر كل شيء وأنزع درعي ولأمتي فتسقط الحرب وأكشف
البرقع ولا ألبسه وأدعو أصحابي القدماء كما وعدتهم فيصيرون إلي وينعمون ويتنعمون
ويرون النهار سرمداً ذلك يومي ويومي لا ينقضي.
وقال لي آليت لا يجدني طالب إلا في الصلوة وأنا مليل
الليل ومنهر النهار.
موقف لا تفارق اسمي أوقفني بين أولية إبدائه وآخرية
إنشائه وقال لي إن لم ترني فلا تفارق اسمي.
وقال لي إذا وقفت بين يدي ناداك كل شيء فاحذر أن تصغي
إليه بقلبك فإذا أصغيت إليه فكأنك قد أجبته.
وقال لي إذا ناداك العلم بجوامعه في صلوتك فأجبته انفصلت
عني.
وقال لي إذا نظرت إلى قلبك لم يخطر به شيء.
وقال لي إن رأيتني في قلبك قويت على المصابرة.
وقال لي أحبابي الذين لا أرى لهم.
وقل لي بدنك بعد الموت في محل قلبك بعد الموت.
وقال لي إذا وقفت بين يدي فلا يقف معك سواك.
وقال لي إذا صار السوى خاطراً مذموماً سقطت الجنة والنار.
وقال لي الصدق أن لا يكذب اللسان والصديقية أن لا يكذب
القلب.
وقال لي كذب اللسان أن يقول ما لم يقل وأن يقول ولا
يفعل، وكذب القلب أن يعقد فلا يفعل.
وقال لي كذب القلب استماع الكذب.
وقال لي الكذب كله لغة سواي والحق الحقيقي لغتي إن شئت
أنطقت بها حجراً أو بشراً.
وقال لي كلما علقك بي فهو نطقي عن لغتي.
وقال لي التمني من كذب القلب.
وقال لي الأماني غرس العدو في كل شيء.
وقال لي الرجاء في مجاورة الأماني والمجاورة اطلاع.
وقال لي لكل متجاورين صحبة.
وقال لي حقيقة الترجية أن أعلقك بي لا في معنى ولا
بمعنى، ولن تناله حتى يحرق الخوف ما سواه.
وقال لي أفسدتك على كل شيء وجعلت ذلك حجاباً بينك وبينه
فلا تخرق الحجاب بالتعرض له فأرسل عليك مذلته.
وقال لي لو صلحت لشيء ما أبديت لك وجهي.
وقال لي إذا أعترض لك السوى بفتنته فانظر إلى أولية
إنشائه ترى ما يسقطها عنك فإن لم تر في أولية إنشائه فانظر إلى آخرية إبدائه ترى
الزهد فيها ولا تراه.
وقال لي الأولى قوة الأخرى ضعف، فاستغفرني من ضعف قويت
عليه يضعف.
وقال لي إذا لم ترني فلا تفارق اسمي.
موقف أنا منتهى أعزائي أوقفني وقال لي العلم على من رآني
أضر من الجهل.
وقال لي الحسنة عشرة لمن لم يرني والحسنة سيئة لمن رآني.
وقال لي إذا رأيتني كانت سلامتك في الفترة أكثر منها في
العبادة، وإذا لم ترني كانت سلامتك في العمل أكثر منها في الفترة.
وقال لي إذا رأيتني قسمك عني كلما تراه سواي بعينك وقلبك.
وقال لي استغفرني من فعل قلبك أكفك تقلبه.
وقال لي فعل القلب أصل لفعل البدن فانظر ماذا تغرس وانظر
الغرس ماذا يثمر.
وقال لي يدي على القلب فإن كففت عنه يده لا تأخذ به ولا
تعطى غرست تعرفي به فأثمر أن تراني.
وقال لي خف حسنة تهدم حسناتك، وخف ذنباً يبني ذنوبك.
وقال لي إذا رأيتني فحصلت ما تتصرف به عني لم أغب عنك.
وقال لي البلاء بلاء من رآني لا يستطيع مداومتي ولا
تستطيع مفارقته وأنا ذلك أطويه وأنشره وفي الطي موته وفي النشر حيوته.
وقال لي أنا منتهى أعزائي إذا رأوني اطمأنوا بي.
وقال لي من لم يرني فهو منتهي نفسه.
وقال لي شاور من لم يرني في دنياك وآخرتك واتبع من رآني
ولا تشاوره.
وقال لي الاستشارة عن ضلال والمشورة هجوم، فمن رآني أين
يهجم ومن أين لا يهجم.
وقال لي اصحب من لم يرني يحملك وتحمله، ولا تستصحب من
رآني يقطع بك آمن ما كنت به.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت من لم يرني فاسترني عنه
بالحكمة فان لم تفعل وتاه أخذتك به، وإذا لم ترني ورأيت من رآني فاحفظ حدك فما
تراني برؤيته.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت من رآني فأنا بينكما أسمع
وأجيب.
وقال لي والذين جاهدوا فينا الذين رأوني فلما غبت غطوا
عيونهم غيرة أن يشركوا بي في الرؤية.
وقال لي الغيرة لا تصح أو تفنى القسمة والقسمة لا تفنى
وأنا غائب.
وقال لي لنهديهم سبلنا لنكشفن لهم في كل شيء عن مواقع
نظرنا فيه.
وقال لي إنما أمرنا لشيء إذا أردناه بالإرادة نشهده
المعرفة فإذا عرف قلنا له كن فيكون إجابة.
موقف كدت لا أواخذه أوقفني وقال لي أسرع شيء عقوبة القلب.
وقال لي كدت لا أغفر له وكدت لا أواخذه.
وقال لي إن جعلت لغيري عليك مطالبة أشركت بي فاهرب هربين
هرباً من الغريم وهرباً من يدي.
وقال لي إن جعلت لك معي مطالبة فقد سويت بي.
وقال لي أنا باد لا للبدو ولا لنفية ولا لأرى ولا لأن لا
أرى ولا لما ينعطف عليه لام علة باد ليس فيه إلا باد.
وقال لي أنا غيب لا عما ولا عن ولا عن ولا لم ولا لأن
ولا في ولا فيما ولا بما ولا مستودعية ولا ضدية.
وقال لي أنا في كل شيء بلا اينية فيه ولا حيثية منه ولا
محلية منفصلة ولا متصلة ولست فيها ولا هو في وأنا أبدو لك فأفنى منك ما تتعلق به
من المعرفة وأبقى لك ما تتعلق به من العلم فأنا الواقف بينك وبينها بنوري فتجد
سلطانه عليك بها أو بك.
وقال لي القلب الذي يراني محل البلاء.
وقال لي ما سلمت إلي شيئاً فأذللته لشيء.
وقال لي الغير كله طريق الغير.
وقال لي إذا رأيتني كان بلاؤك بعدد كل شيء وكان كل شيء
بلاءك.
وقال لي يا من بلاؤه كل شيء صرفت البلاء عنك بالعافية والعافية
داخلة في الشيئية والشيئية بلاء والبلاء والعافية إذا رأيتني عليك سواء فأيهما
أصرف والصرف بلاء.
وقال لي إذا رأيتني فلا عافية إلا في نظرك إلي وهو بلاء
لأن نظرك ضدية غضك والضدية بلاء.
وقال لي حجابي البلاء وحجابك البلاء، حرق حجابي حجابك
فأزاله الحرق فخرجت من بلائك إلى بلائي.
وقال لي انتقب بي كما انتقبت بك تسري إلي كل عين فلا ترى
عندي سواك وتسري إليك فإذا إليك فإذا سرت فلا ترى عندك سواي.
موقف لي أعزاء أوقفني وقال لي ما صرفت عنك عن الحجاب؛
الآخرة أكثر وأعظم مما صرفته عنك من الحجاب بالدنيا.
وقال لي وعزتي إن لي أعزاء لا يأكلون في غيبتي ولا
يشربون ولا ينامون ولا ينصرفون.
وقال لي من يجيرك مني إن قلت ما لا أراد به فاحذر فلا
أغفره.
وقال لي فرق بين غبت عنه ليعتذر وبين من غبت عنه لينتظر.
وقال لي فارقت المنتظر وطالعت المعتذر.
وقال لي أنا وعزتي ضيف أعزائي إذا رأوني أفرشوني أسرارهم
وحجبوا عني قلوبهم وأخدموني اختيارهم.
وقال لي وعزتي لي أعزاء ما لهم عيون فيكون لهم دموع، ولا
لهم إقبال فيكون لهم رجوع.
وقال لي بي أعزاء ما لهم دنيا فتكون لهم أخرة.
وقال لي الآخرة أجر لصاحب دنيا بالحق.
وقال لي إن أعزاء لا يرون إلا لي وأعزاء لا يرون إلا بي
لفرق ما بينهم أبعد من البعد إلى القرب.
وقال لي أدرك أعزائي بي كل شيء وكم يحصل أوليائي لي كل
شيء.
وقال لي استشرني في مطالبك أقطع ما يتعلق بالمطالب منك.
موقف ما تصنع بالمسئلة أوقفني وقال لي إن عبدتني لأجل
شيء أشركت بي.
وقال لي كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة.
وقال لي العبارة ستر فكيف ما ندبت إليه.
وقال لي إذا لم أسو وصفك وقلبك إلا على رؤيتي فما تصنع
بالمسئلة، أتسألني أن أسفر وقد أسفرت أم تسألني أن أحتجب فإلى من تفيض.
وقال لي إذا رأيتني لم يبق لك إلا مسئلتان تسألني في
غيبتي حفظك على رؤيتي وتسألني في الرؤية أن تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي ثالثة لهما إلا من العدو.
وقال لي أبحتك قصد مسئلتي في غيبتي وحرمت عليك مسئلتي مع
رؤيتي في حال رؤيتي.
وقال لي إن كنت حاسباً فاحسب الرؤية من الغيبة فأيهما
غلبت حكمه في المسئلة.
وقال لي إذا لم أغب في أكلك قطعتك عن السعي له، وإذا لم
أغب في نومك لم أغب في يقظتك.
وقال لي عزمك على الصمت في رؤيتي حجبة فكيف على الكلام.
وقال لي العزم لا يقع في الغيبة.
وقال لي انظر إلي في تعرفني في تعرفي إليك.
وقال لي من لا يعرف نعمتي كيف يشكرني.
وقال لي لا أبدو لعين ولا قلب إلا أفنيته.
وقال لي تراني فيما تقول، تراني في جزعك كيف تجزع، تراني
في الفتنة كيف تحتوي عليك الذلة.
وقال لي اعرف حالك من المستند.
وقال لي إن كان المستند ذكرى ردك إلي.
موقف حجاب الرؤية أوقفني وقال لي الجهل حجاب الرؤية
والعلم حجاب الرؤية، أنا الظاهر لا حجاب وأنا الباطن لا كشوف.
وقال لي من عرف الحجاب أشرف على الكشف.
وقال لي الحجاب الواحد والأسباب التي يقع بها مختلفة وهي
الحجب المتنوعة.
وقال لي رأس الآمر أن تعلم من أنت خاص أم عام.
وقال لي إن لم يعمل الخاص على أنه خاص هلك.
وقال لي كاد علم العام يشرف به من النجاة.
وقال لي الخاص يبدو له باد مني يهيمن على سواه ولا يهيمن
عليه، والعام ليس بيني وبينه إلا الإقرار.
وقال لي الخاص الراجع إلي بهمه.
وقال لي كلاهما مفتقر إلى صاحبه كرأس المال والربح.
وقال لي أنت بينهما في غيبتي.
وقال لي ما في رؤيتي مال ولا ربح.
وقال لي رأس المال في غيبتي رؤيتي وربحه اللجاء في الحفظ.
وقال لي إن كنت ذا مال فما أنا منك ولا أنت مني.
وقال لي المسئلة ضم عبادته أن تذكرني بلغته.
وقال لي إنما يريد العدو أن يذكرني بأذكاره.
وقال لي الغيبة وطن ذكر، والرؤية لا وطن ولا ذكر.
وقال لي إذا غبت فادعني ونادي وسلني ولا تسأل عني فإنك
إن سألت عني غائباً لم يهديك وإن سألت عني رائياً لم يخبرك.
وقال لي الرؤية تشهد الرؤية فتغيب عما سواها.
وقال لي العلم وما فيه في الغيبة لا في الرؤية.
وقال لي الجهل حد في العلم وللعلم حدود بين كل حدين جهل.
وقال لي الجهل ثمرة العلم النافع والرضا به ثمرة الإخلاص
الصادق.
وقال لي إن اعتبرت الغيبة بعين الرؤية رأيت ائتلاف الداء
والدواء فضاع حقي وخرجت عن عبوديتي.
وقال لي رؤيتي لا تأمر ولا تنهي، غيبتي تأمر وتنهي.
موقف أدعني ولا تسألني أوقفني وقال لي الدنيا سجن المؤمن
الغيبة سجن المؤمن.
وقال لي الغيبة دنيا وآخرة والرؤية لا دنيا ولا رؤية.
وقال لي رؤية خصوص غيبة عموم لا رؤية ولا غيبة حزب العدو.
وقال لي ليس أهل الغيبة من لم يكن من أهل الرؤية.
وقال لي الصلوة في الغيبة نور.
وقال لي ادعني في رؤيتي ولا تسألني وسلني في غيبتي ولا
تدعني.
وقال لي أنظر ما بدا لم فإن قطعك عن القواطع فهو مني.
وقال لي كلما بدا لك فابتدأ يجمعك قبل قطعك فخف مكره.
موقف استوى الكشف والحجاب أوقفني وقال لي كل شيء لا
يواصلك صلة لي فإنما يواصلك ويختدعك.
وقال لي أنظر بعين قلبك إلى قلبك وانظر بقلبك كله إلي.
وقال لي إذا رأيتني استوى الكشف والحجاب.
وقال لي إذا لم ترني فاعتضد بالثمرة ولا تعضدك ولكنها
محل فقرك.
وقال لي وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترني.
وقال لي سل كل شيء ولا تسألني عني.
وقال لي إذا رأيتني فكأنك لم تخرج من العلم.
وقال لي إذا رأيتني خرجت من أهل العذر.
وقال لي إذا رأيتني دخلت في جملة الشفعاء.
وقال لي إذا رأيتني ضعف عني وحملت الكل.
وقال لي سل أوليائي عما أعلمتك وسلني ولا تسألهم عما
أجهلتك.
موقف البصيرة أوقفني في البصيرة وقال لي قصرت العلم عن
معيون ومعلوم.
وقال لي المعيون ما وجدت عينه جهرة فهو معلوم معيون،
والمعلوم الذي لا تراه العيون هو معلوم لا معيون.
وقال لي ما أنا معيون للعيون ولا أنا معلوم للقلوب.
وقال لي كل نطق ظهر فأنا أثرته وحروفي ألفته فانظر إليه
لا يعدو لغة المعيون والمعلوم وأنا لا هما ولا وصفي مثلهما.
وقال لي ما نهاك شيء عن شيء إلا دعاك إليه بما نهاك عنه،
وأنا أنهاك فلا أدعوك إلى بما أنهاك عنه وأدعوك إلي فلا أنهاك بما أدعوك به، ذلك
الفرق الذي بين وصفي وسواه.
وقال لي فعلك لا يحيط بي وأنت فعلي.
وقال لي ألق إلي وحكمني أحكم بأقصى مسرتك.
وقال لي إذا رأيت سواي فقل هذا البلاء أرحمك.
وقال لي إذا رحمتك رأيت رفقي في طرفك إذا نظرت وفي قلبك
إذا فكرت.
وقال لي قسمت لك ما لا أصرفه وصرفت عنك ما لا أقسمه لك
فكن لي فيما أقسمه أصرفك عما صرفته فأصرفه.
وقال لي ما تعرفت إلى قلب إلا أفنيته عن المعارف.
وقال لي دم في التعظيم تدم في الخوف.
وقال لي من كل شيء خاصيته ولك عاتيته فعامتيه تنسب إليك
وخاصيته تنسب إلي.
وقال لي كل شيء سواي يدعوك إليه بشركة وأنا أدعوك إلي
وحدي.
موقف الصفح الجميل أوقفني في الصفح الجميل وقال لي لا
ترجع إلى ذكر الذنب فتذنب بذكر الرجوع.
وقال لي ذكر الذنب يستجرك إلى الوجد به، والوجد به
يستجرك إلى العود فيه.
وقال لي حتى لا تجمعك إلا الأقوال، وحتى متى لا تجمعك
إلا الأفعال.
وقال لي إذا اجتمعت بسواى فتفرقت ما اجتمعت.
وقال لي ما كان الرسول إليك قولاً أو فعلاً فأنت في عرضة
الحجاب.
وقال لي حكم الأقوال والأفعال حكم الجدال والبلبال.
وقال لي حكم الجدال والبلبال حكم المحال والزلزال.
وقال لي إن أردت أن تعرفني فانظر إلى حجاب هو صفة وانظر
إلى كشف هو صفة.
وقال لي لا تقف في رؤيتي حتى تخرج من الخوف والمحروف.
وقال لي لا تجمع بين حرفين ي قول ولا عقد إلا بي، ولا
تفرق بين حرفين في قول ولا عقد إلا بي، يجتمع ما جمعت ويفترق ما فرقت.
وقال لي إذا قلت للشيء كن فيكون نقلتك إلى النعيم بلا
واسطة.
وقال لي أطعني لأني أنا الله لا إله إلا هو أنا أجعلك
تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي إن جمعتك الأقوال فلا قرب، وإن جمعتك الأفعال
فلا حب.
وقال لي اجتمع بي تجتمع بمجتمع كل مجتمع وتستمع بمستمع
كل مستمع فتحوي سواك فتخبر عنه ولا يحويك سواك فيخبر عنك.
وقال لي قرب هو صفة بعد هو صفة حجاب هو صفة كشف هو صفة.
وقال لي قف من وراء الكون، فرأيت الكون فسألت الكون فجهل
الكون فسألت الجهل فجهل الجهل.
وقال لي القوة في وجد الجهل الدائم والعزم في القوة
والصبر في العزم والثبات في الصبر والمعرفة في الثبات وهو مسكنها.
وقال لي انظر الشاهد الذي أنت به في الغيبة هو الشاهد
الذي أنت به في الذمة.
وقال لي أكلت من يدي لم تطعك جوارحك في معصيتي.
وقال لي إنما تطيع كل جارحة من يأكل من يده.
وقال لي الشاهد الذي به تلبس هو الشاهد الذي به تنزع.
وقال لي الشاهد الذي تستقر هو الشاهد الذي فيه تستقر.
وقال لي الشاهد الذي به تعلم هو الشاهد الذي به تعمل.
وقال لي الشاهد الذي به تنام هو الشاهد الذي به تموت
والشاهد الذي به تستيقظ هو الشاهد الذي تبعث به.
وقال لي لا يجري عليك في نومك إلا حكم ما نمت به، ولا
يجري عليك في موتك إلا حكم ما مت به.
وقال لي رد علي كل شيء أرد عليك في كل شيء.
وقال لي اذكرني في كل شيء أذكرك في كل شيء.
موقف ما لا ينقال أوقفني في ما لا ينقال وقال لي به
تجتمع فيما ينقال.
وقال لي إن لم تشهد ما لا ينقال تشتت بما ينقال.
وقال لي ما ينقال يصرفك إلى القولية والقولية قول والقول
حرف والحرف تصريف، وما لا ينقال يشهدك في كل شيء تعرفي إليه ويشهدك من كل شيء
مواضع معرفته.
وقال لي العبارة ميل فإذا شهدت ما لا يتغير لم تمل.
وقال لي القول يصرف إلى الوجد والتواجد بالقول يصرف إلى
المواجيد بالمقولات.
وقال لي المواجيد بالمقولات كفر على حكم التعريف.
وقال لي لا تسمع في من الحرف ولا تأخذ خبري عن الحرف.
وقال لي الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني.
وقال لي أنا جاعل الحرف والمخبر عنه.
وقال لي أنا المخبر عني لمن أشاء أن أخبره.
وقال لي لإخباري علامة بإشهاد لا توجد بسواه ولا يبدو
إخباري إلا فيه.
وقال لي لا تزال تكتب ما دمت تحسب فإذا لم تحسب لم تكتب.
وقال لي إذا لم تحسب ولم تكتب ضربت لك بسهم في الأمية
لأن النبي الأمي لا يكتب ولا يحسب.
وقال لي لا تكتب ولا تهم، ولا تحسب ولا تطالع.
وقال لي الهم يكتب الحق والباطل، والمطالعة تحسب الآخذ
والترك.
وقال لي ليس مني ولا من نسبتي من كتب الحق والباطل وحسب
الآخذ والترك.
وقال لي كل كاتب يقرأ كتابته وكل قارئ يحسب قراءته.
موقف اسمع عهد ولايتك
أوقفني وقال لي ما أفطرت لتأتمر للعلم ولا ربيتك لتقف
على باب سواي ولا علمتك لتجعل علمي ممراً تعبر عليه إلى النوم عنه ولا اتخذتك
جليساً لتسألني ما يخرجك عن مجالستي.
وقال لي ما أسفرت لك في الشباب لأشقيك في المشيب.
وقال لي اعرف من أنت فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا
تنهدم وهي سكينتك التي لا تزل.
وقال لي فرضت عليك أن تعرف من أنت أنت ولي وأنا وليك.
وقال لي اسمع عهد ولايتك لا تتأول علي بعلمك ولا تدعني
من أجل نفسك وإذا خرجت فإلي وإذا دخلت فإلي وإذا نمت فنم في التسليم إلي وإذا
استيقظت فاستيقظ في التوكل علي.
وقال لي بقدر ما توظف لنفسك من العمل لي يسقط عنك من
العمل لك، وبقدر ما يسقط عنك من العمل لك يكون قيامي بك وقيوميتي لك.
وقال لي استعن بالدعاء إلي على الوقوف في مقامك بين يدي.
وقال لي إن لم تدع إلي فسكوتك يدعو إليك بما عرف منك
فاحذرني لا تكون لسكوتك داعية لنفسك إلى نفسك وأنت تحتسب علي بالسكوت قربة إلي.
وقال لي أكتب في عهدك إذا تعرفت إليك سقطت المعارف من
سواك وإذا لم أتعرف إليك فمعرفتك على أيدي العارفين.
وقال لي الليل لي لا للقرآن يتلى، الليل لي لا للمحامد
والثناء.
وقال لي الليل لي لا للدعاء، إن سر الدعاء الحاجة وإن سر
الحاجة النفس وإن سر النفس ما تهوى.
وقال لي إن كان صاحبك في ليلك من أجل القرآن بلغ أقصى
همك إلى جزئك فإذا بلغه فارق فلا ليلك ليل القرآن ولا ليلك ليل الرحمن، وإن كان
صاحبك في ليلك من أجل المحامد والثناء بلغ أقصى همك إلى اجتهادك فإذا بلغه فارق
وإذا فارق فليل النوام نمت أم لم تنم بلى من كان لي ليله نام أو لم ينم فذاك صاحب
الليل وصاحب فقه الليل أشرفت به على الليل وعلى أهل الليل فهو بمقاماتهم فيه أعرف
ولمبالغ نهاياتهم فيه أدرك.
وقال لي كيف تنظر إلى السماء والأرض وكيف تنظر إلى الشمس
والقمر وكيف تنظر إلى كل شيء كان منظوراً لعينك أو كان منظوراً لقلبك وذاك أن تنظر
إليه بادياً مني وهو أن تنظر إلى حقائق معارفه التي تسبح بحمدي وتقول ليس كمثله
شيء وهو السميع البصير.
وقال لي لا تذهب عن هذه الرؤية تختطفك المرئيات ولا تخرج
صفتك عن هذه الرؤية تختطفك صفتك.
وقال لي إن لم تخرج صفتك عن هذه الرؤية صبرت عن صفتك وعن
دواعي صفتك وإذا صبرت عن صفتك وعن دواعي صفتك قيل بين يدي فلان وقلت لملائكتي فلان
ولي فشهرتك بي وكتبت إلى جبينك ولايتي وأشهدتك أنني معك أين كنت وقلت لك قل فقلت
واشفع فوقع.
وقال لي إن لم تخرج صفتك عن هذه الرؤية وقفت في مقام
العصمة وأثبت فيك حشمة من الشهوات وحياء من تناول من العادات.
وقال لي إنما أظهرت الشهوات ستراً على المستور لأنه لا
يستطيع أن يقوم بين يدي إلا في سترة فمن كشف له عن نفسه لم أستره من بعدها بنفسه.
وقال لي إذا رأيت نفسك كما ترى السموات والأرض رأيت الذي
يراها منك هو أنت لا إلى حاجة ترجع ولا إلى خليقة تسكن فلسترى إياك ما ابتليتك
بصفة لا تثبت في حكمك ولا تقوم في مقامك فصفتك ترجع لا أنت وصفتك تميل لا أنت تميل.
وقال لي لو أحببت الدنيا جمعت بها علي.
وقال لي لأن تكون لك أحسن من أن تكون بك ولأن تكون بك
أحسن من أن تكون فيك ولأن تكون فيك أحسن من أن تكون لا في ولا فيك.
موقف وراء المواقف أوقفني وراء المواقف وقال لي الكون
موقف.
وقال لي كل جزئية من الكون موقف.
وقال لي الوسوسة في كل موقف والخاطر في كل كون.
وقال لي طافت الوسوسة على كل شيء إلا على العلم.
وقال لي العقود قائمة في العلوم والوسوسة تخطر في أحكام
العلوم.
وقال لي إذا جاءتك الوسوسة فانظر إلى مجيئها ومنصرفها
واعتراضك عليها ترى الحق وتشهده وهو ما تنفيها به وترى الباطل وتشهده وهو ما نفيت.
وقال لي من تعلق بالكون عرض له الكون.
وقال لي الوسوسة في علم من أعلام التحريض علي.
وقال لي قد جاءتك معارفي بلطفي وأسفر لك تكلمي عن حبي.
وقال لي كل شيء يصدرك إلي يصدرك ومعك بقية منك أو من
غيرك إلا الوسوسة فإنها تصدرك إلي وحدك.
وقال لي الوسوسة ردي إياك إني بالقهر.
وقال لي انظر إلى الوسوسة عم تخرجك فلن تصلح إلا على
مفارقته وبم تعلقك فلن تصلح إلا عل التعلق به.
وقال لي الجهل وراء المواقف فقف فيه وراء مقام الدنيا
والآخرة.
وقال لي من لم يستقر في الجهل لم يستقر في العلم.
وقال لي الجهل وراء المواقف فمن أدرك علوم المواقف.
وقال لي اختم علمك بالجهل وإلا هلكت به، واختم عملك
بالعلم وإلا هلكت به.
وقال لي كلما على التراب من التراب فانظر إلى التراب
تذهب عما هو منه وترما قلبه عن عينه في مرآى العيون لعينه فلا تخطفك عيونه.
وقال لي اتخذ أعواناً لتقلب فإذا لم تنقلب عينك فلا
أعوان.
وقال لي لا يكون لا أعوان حتى يكون لا زمان ولا يكون لا
زمان حتى يكون لا أعيان ولا يكون لا أعيان حتى لا تراها وتراني.
وقال لي إذا حزنك أمر فالباب فإن حزنك في الباب فالوقفة
فإن حزنك في الوقفة فالوقفة.
وقال لي الوقفة هي مقامك مني وكذلك وقفة كل عبد هي مقامه
مني.
وقال لي خاطب من خاطبت بمبلغه الذي يحب أن يذكرني فيه
فهي حاله التي عليها ما يقر.
وقال لي لها من خاطبته برغبته وانقطع من خاطبته برهبته
واتصل من خاطبته بمبلغه.
وقال لي إن كان النعت مبلغاً فهو مبلغ لا نعت، وإن كان
النعت لا مبلغ فهو نعت.
وقال لي المبلغ منتهى النسب والنسب منتهى السبب.
وقال لي دام النسب ما دام السبب ودام السبب ما دام الطلب
ودام الطلب ما دمت ودمت ما لم ترني فإذا رأيتني لا أنت وإذا لا أنت لا طلب وإذ لا
طلب لا سبب وإذ لا سبب لا نسب لا حد وإذ لا حد لا حجبة.
وقال لي المعرفة التي ما فيها جهل هي المعرفة التي ما
فيها معرفة.
وقال لي العلم الرباني لا يتعلق بالعبودية ولا تستقر
عليه.
وقال لي اعرف المعرفة تعرف المعرفة، اعرفني تعرف بي، ولن
تعرفني حتى لا إلا ما تعرف ولن تجهلني حتى لا إلا ما تجهل فلا أنا ما عرفت ولا أنا
ما جهلت.
وقال لي المعرفة من كل شيء حدك الكل من كل كلية حدك الحد
من كل حدية منتهاك الجزء من كل جزئية تقلبك.
وقال لي إن بقيت للباطن عليك إمرة فقد بقيت للظاهر عليك
فتنة.
وقال لي إذا نفيت ما سواي لقيتني بعدد ما خلقت حسنات.
وقال لي ما كل من نفى سواي رآني ومن رآني فقد نفى ما
سواي.
وقال لي لا تكون عبدي حتى أدعوك بلساني إلى السوى فتجيب
الدعاء وتنفى السوى.
وقال لي أنت عبد السوى ما رأيت له أثراً.
وقال لي أثر كل شيء حكمه.
وقال لي إذا لم تر للسوى أثراً لم تتعبد له.
وقال لي لا تبع ما عرفتني فيه من حالك بما لم تعرفه.
وقال لي هيمنت الرؤية على المعرفة كما هيمنت المعرفة على
العلم.
وقال لي إن أثبت السوى ومحوته فمحوك له إثبات.
وقال لي من رآني شهد أن الشيء لي ومن شهد أن الشيء لي لم
يرتبط به.
وقال لي ما ارتبطت بشيء حتى تراه لك من وجه، ولو رأيته
لي من كل وجه لم ترتبط به.
وقال لي من لم يرني رأى الشيء لي ولم يشهده لي، وما كل
من رآني شهد ما رأى.
وقال لي الشهادة أن تعرف وقد ترى ولا تعرف.
موقف الدلالة أوقفني في الدلالة وقال لي المعرفة بلاء
الخلق خصوصه وعمومه وفي الجهل نجاة الخلق خصوصه وعمومه.
وقال لي معرفة لا جهل فيها لا تبدو، جهل لا معرفة فيه لا
يبدو.
وقال لي أدني ما يبقى من المعرفة اسم البادي.
وقال لي عرفني إلى من يعرفني يراني عندك فيسمع مني، ولا
تعرفني إلى من لا يعرفني يراك ولا يراني فلا يسمع مني وينكرني.
وقال لي إذا عرفت من تسمع منه عرفت ما تسمع.
وقال لي لن تعرف من تسمع منه حتى يتعرف إليك بلا نطق.
وقال لي إذا تعرف إليك بلا نطق تعرف إليك بمعناه فلم تمل
في معرفته.
وقال لي أنكرتني كل معرفة لم أشهدها أنني جاعلها، وهربت
إلي كل سريرة لم أشهدها أنني مطالبها.
وقال لي خوف كل عارف بقدر ما استأثرت معرفته بنفعه في
معرفته.
وقال لي كل أحد تضره معرفته إلا العارف الذي وقف بي في
معرفته.
وقال لي إن عرفتني بمعرفة أنكرتني من حيث عرفتني.
وقال لي إذا ذكرتني عند الواقف فلا تصفني يطلع عليك ما
استودعته من أنواري.
وقال لي أطرد عني كل من لم يرني تظفر بالحيوة بين يدي.
وقال لي من سألك عني فسله عن نفسه فإن عرفها فعرفني إليه
وإن لم يعرفها فلا تعرفني إليه فقد غلقت بابي دونه.
وقال لي المعارف المتعلقة بالسوى نكر في المعارف التي لا
تتعلق به.
وقال لي لو أحبني الجاهل لعفوي عما جهل ولو أحبني العالم
لجودي عليه بما علم فالجاهل يعلم عفوي ولا يشهده فيحبني بإشهاده والعالم يعلم
عطائي وجودي ويشهد في جريرته مواقع عفوي فيحبني لما شهد.
وقال لي من أحببته أشهدته فلما شهد أحب.
وقال لي المعرفة نار كل المحبة لأنها تشهدك حقيقة الغنى
عنك.
وقال لي الوقفة نار تأكل المعرفة لأنها تشهدك المعرفة
سوى.
وقال لي الشهوة نار تأكل الوقار ولا طمأنينة إلا فيه ولا
معرفة إلا في طمأنينة.
وقال لي الهوى يأكل ما دخل فيه.
وقال لي الجزاء مادة الصبر إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي الصبر مادة القنوع إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي القنوع مادة العز إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي سرت الدلالة إلا إلي فلا دليل يعلم ولا مدلول
يسلك.
وقال لي الدال كالطالب فانظر على ماذا تدل فإنك طالبه
وبطلبك آخذ.
وقال لي الخوف مصحوب المعرفة وإلا فسدت، والرجاء مصحوب
الخوف وإلا قطع.
وقال لي مصحوب كل شيء غالب حكمه وحكم كل شيء راجع إلى
معنويته ومعنوية كل شيء ناطقة عنه ونطق كل شيء حجابة إذا نطق.
وقال لي المعرفة الصمتية تحكم والمعرفة النطقية تدعو.
وقال لي الحكم كفاية والدعاء تكليف.
وقال لي اردد إلى كل قلب ينصح لي في الموعظة.
وقال لي إن رددت القلوب إلى الذكرى فما رددتها إلي.
وقال لي أنا العزيز الذي لا يهجم عليه بذكره ولا يطلع
عليه بتسميته.
وقال لي أنا القريب الذي لا يحسه العلم، وأنا البعيد
الذي لا يدركه العلم.
موقف حقه أوقفني في حقه وقال لي لو جعلته بحراً تعلقت
بالمركب فإن ذهبت عنه بإذهابي فبالسير فإن علوت عن السير فبالساحلين فإن طرحت
الساحلين فبالتسمية حق وبحر وكل تسميتن تدعوان والسمع يتيه في لغتين فلا على حقي
حصلت ولا على البحر سرت، فرأيت الشعاشع ظلمات والمياه حجراً صلداً.
وقال لي من لم ير هذا فما وجب عليه حقي ومن رآه فقد وجب
عليه حقي ومن عليه فكلم سواي كفر والحد كله حجاب لا أظهر من ورائه وليس في رؤية
حقي إلا رؤيته، فرأيت ما لا يتغير فأعطاني حكماً يتغير فرأيت كل شيء خلق.
وقال لي لا تستثن، فما هو بقي خلق وانقسمت الرؤية عينية
وعلمية فإذا هو كله لا يتحرك ولا يتكلم.
وقال لي كيف رأيته من قبل رؤية حقي، فقلت يتحرك ويتكلم،
فقال لي اعرف الفرق لئلا تتيه.
وعرج بي عن حقه فلم أر شيئاً، فقال لي رأيت كل شيء
وأطاعك كل شيء ورؤيتك كل شيء بلاء وطاعة كل شيء لك بلاء.
وعرج بي عن ذلك كله.
وقال لي كله لا أنظر إليه ولا يصلح لي.
موقف بحر أوقفني في بحر ولم يسمه وقال لي لا اسميه لأنك
لي لا له وإذا عرفتك سواي فأنت أجهل الجاهلين، والكون كله سواي فما دعا إلي لا
إليه فهو مني فإن أجبته عذبتك ولم أقبل ما تجيء به، وليس لي منك بد وحاجتي كلها
عندك فاطلب مني الخبز والقميص فإني أفرح وجالسني أسرك ولا يسرك غيري، وانظر إلي
فإني ما أنظر إلا إليك، وإذا جئتني بهذا كله وقلت لك إنه صحيح فما أنت مني ولا أنا
منك.
موقف هو ذا تنصرف أوقفني بين يديه وقال لي هل ترى غيري،
قلت لا، قال فانظر إلي.
فنظرت إليه يخفض القسط ويرفعه ويتولى كل شيء هو وحده.
وقال لي لا تراني إلا بين يدي وهو ذا تنصرف وترى غيري
ولا تراني فإذا رأيته فلا تجحده واحفظ وصيتي فإنك إن ضيعتها كفرت، وإذا قال لك أنا
فصدقه فقد صدقته وإذا قال لك هو فكذبة فإني قد كذبته.
موقف الفقه وقلب العين أوقفني وقال لي ما أنت قريب ولا
بعيد ولا غائب ولا حاضر ولا أنت حي ولا ميت فاسمع وصيتي وإذا سميتك فلا تتسم وإذا
حليتك فلا تتحل ولا تذكرني فإنك إن ذكرتني أنسيتك ذكرى، وكشف لي عن وجه كل شيء
فرأيته متعلقاً بوجهه وعن ظهر كل شيء فرأيته متعلقاً بأمره ونهيه.
وقال لي انظر إلى وجهي، فنظرت.
فقال ليس غيري، فقلت ليس غيرك.
وقال لي انظر إلى وجهك، فنظرت.
فقال ليس غيرك، فقلت ليس غيري، فقال أخرج فأنت الفقيه،
فخرجت أسعى في الفقه وصح لي قلب العين فقلبتها بالفقه وجئت بها إليه، فقال لا انظر
إلى مصنوع.
موقف نور
أوقفني في نور وقال لي لا أقبضه ولا أبسطه ولا أطويه ولا
أنشره ولا أخفيه ولا أظهره، وقال يا نور انقبض وانبسط وانطو وانتشر وأخف وأظهر،
فانقبض وأنبسط وانطوى وانتشر وخفى وظهر، ورأيت حقيقة لا أقبض وحقيقة يا نور انقبض.
وقال لي ليس أكثر من هذه العبارة، فانصرف فرأيت طلب رضاه
معصيته، فقال لي أطعني فإذا أطعتني فما أطعتني ولا أطاعني أحد، فرأيت الوحدانية
الحقيقية والقدرة الحقيقية، فقال غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك لم أرض
وأنا أغفر ولا أبالي.
موقف بين يديه أوقفني بين يديه وقال لي ما رضيتك لشيء
ولا رضيت لك شيئاً، سبحانك أنا أسبحك فلا تسبحني وأنا أفعلك وأفعلك فكيف تفعلني.
فرأيت الأنوار ظلمة والاستغفار مناوأة والطريق كله لا
ينفذ، فقال لي سبحك وقدسك وعظمك وغطك عني ولا تبرزك فإنك إن برزت لي أحرقتك وتغطيت
عنك.
وقال لي أكشفك لي ولا تغطك فإنك إن تغطيت هتكتك وإن
هتكتك لم أسترك فتغطيت ولم أبرز وتكشفت ولم أتغط، فرأيته يرضى ما لا يرضى ولا يرضى
ما يرضى، فقال إن أسلمت ألحدت وإن طالبت أسلمت، فرأيته فعرفته ورأيت نفسي فعرفتها،
فقال لي أفلحت وإذا جئت إلي فلا يكن معك من هذا كله شيء لأنك لا تعرفني ولا تعرفك.
موقف من أنت ومن أنا أوقفني وقال لي من أنت ومن أنا،
فرأيت الشمس والقمر والنجوم وجميع الأنوار.
وقال لي ما بقي نور في مجري بحري إلا وقد رأيته، وجاءني
كل شيء حتى لم يبق شيء فقبل بين عيني وسلم علي ووقف في الظل.
وقال لي تعرفني ولا أعرفك، فرأيته كله يتعلق بثوبي ولا
يتعلق بي، وقال هذه عبادتي، ومال ثوبي وما ملت فلما مال ثوبي قال لي من أنا، فكسفت
الشمس والقمر وسقطت النجوم وخمدت الأنوار وغشيت الظلمة كل شيء سواه ولم تر عيني ولم
تسمع أذني وبطل حسي، ونطق كل شيء فقال الله أكبر، وجاءني كل شيء وفي يده حربة،
فقال لي اهرب، فقلت إلى أين، فقال قع في الظلمة، فوقعت في الظلمة فأبصرت نفسي،
فقال لي لا تبصر غيرك أبداً ولا تخرج من الظلمة أبداً فإذا أخرجتك منها أريتك نفسي
فرأيتني وإذا رأيتني فأنت أبعد الأبعدين.
موقف العظمة أوقفني في العظمة وقال لي لا يستحق أن يغضب
غيري فلا تغضب أنت فإنك إن تغضب وأنا لا أغضب فإن غضبت أذللتك لأن العزة لي وحدي،
فرأيت كل شيء قد دخل إلى الغضب.
وقال لي انظر كيف أخرجتك منه، فأخرجه فلم أر إلا الحجة
وحدها، فقال رأيت الصحيح.
وأوقفني في الرحمانية فقال لا يستحق الرضا غيري فلا ترض
أنت فإنك إن رضيت محقتك، فرأيت كل شيء ينبت ويطول كما ينبت الزرع ويشر الماء كما
يشربه وطال حتى جاوز العرش.
وقال لي أنه يطول أكثر مما طال وإنني لا أحصده، وجاءت الريح
فعبرته فلم تتخلله وجاءت السحاب فأمطرت على العود وأنبل الورق فاخضر العود واصفر
الورق، فرأيت كل متعلق منقطعاً وكل معلق مختلفاً.
وقال لي لا تسألني فيما رأيت فإنك غير محتاج ولو أحوجتك
ما أريتك ولا تقعد في المزبلة فتهر عليك الكلاب واقعد في القصر المصون وسد الأبواب
ولا يكون معك غيرك وإن طلعت الشمس أو طار طائر فاستر وجهك عنه فإنك إن رأيت غيري
عبدته وإن رآك غيري عبدك وإذا جئت إلي فهات الكل معك وإلا لم أقبلك فإذا جئت به رددته
عليك ولا تنفعك شفاعة الشافعين.
موقف التيه أوقفني في التيه فرأيت المحاج كلها تحت الأرض
وقال لي ليس فوق الأرض محجة، ورأيت الناس كلهم فوق الأرض والمحجات كلها فارغة
ورأيت من ينظر إلى السماء لا يبرح من فوق الأرض ومن ينظر إلى الأرض ينزل إلى
المحجة ويمشي فيها.
وقال لي من لم يمش في المحجة لم يهتد إلي.
وقال لي قد عرفت مكاني فلا تدل علي، فرأيته قد حجب كل
شيء وأوصل كل شيء.
وقال لي اصحب المحجوب وفارق الموصول وادخل علي بغير إذن
فإنك إن استأذنت حجبتك وإذا دخلت إلي فاخرج بغير إذن فإنك إن استأذنت حبستك، فرأيت
كلما أظهر إبرة وكلما أستر خيطاً.
وقال لي اقعد في ثقب الإبرة ولا تبرح وإذا دخل الخيط في
الإبرة فلا تمسكه وإذا خرج فلا تمده وافرح فإني لا أحب إلا الفرحان، وقل لهم قبلني
وحدي وردكم كلكم فإذا جاؤوا معك قبلتهم ورددتك وإذا تخلفوا عذرتهم ولمتك، فرأيت
الناس كلهم براء.
وقال لي أنت صاحبي فإن لم تجدني فاطلبني عند أشهدهم علي
تمرداً وإذا وجدتني فلا تعصه وإن لم تجدني فاضربه بالسيف ولا تقتله فأطالبك به،
وخل بيني وبينك ولا تخل بيني وبين الناس وخاصمني وتوكل لهم علي فإذا أعطيتك ما
تريد فاجعله قرباناً للنار، وقف في ظل فقير من الفقراء فسله أن يسألني ولا تسألني
أنت فأمنع غيرك بمسئلتك فتكون ضداً لي وأخذلك، فرأيت طرح كل شيء الفوز.
وقال لي إن طرحت أفلست وأنا لا أحب إلا الأغنياء ولا
أكره إلا الفقراء فلا أرى معك غنياً ولا فقيراً فإني لا أنظر إلى الأنواع.
موقف الحجاب أوقفني في الحجاب فرأيته قد احتجب عن طائفة
بنفسه واحتجب عن طائفة بخلقه، وقال لي ما بقي حجاب، فرأيت العيون كلها تنظر إلى
وجهه شاخصة فتراه في كل شيء قد احتجب به وإذا أطرقت رأته فيها.
وقال لي رأوني وحجبتهم برؤيتهم إياي عني.
وقال لي ما سمعوا مني قط ولو سمعوا ما قالوا لا.
وقال لي ادخل السوق وإلا كفرت وافتقرت.
وقال لي ادخل السوق فناد ولا تعقد تاجراً.
وقال لي إذا أخذت أجرتك فلا تنفق منها شيئاً.
وقال لي ما جلست قط على الطريق.
وقال لي المماليك في الجنة والأحرار في النار.
وقال لي دور الجنة كلها حمامات.
وقال لي هذا كله لا يرى إلا عندي.
وقال لي إن لم تجالس إلا نفسك جالستك.
وقال لي تموت ولا يموت ذكرى لك.
وقال لي ليس من عرفني منك كمن لم يعرفني.
وقال لي استعذ بي من شر ما يعرفني منك.
وقال لي كلك يعرفني وليس كلك يجحدني.
وقال لي كرهت لك الموت فكرهته ألا أكره لأحبائي أن
يفارقونني وإن لم أفارقهم.
وقال لي جازف نفسك وإلا ما تفلح.
وقال لي حسابك غلظ والغلظ لا يملك به صواب.
وقال لي الحساب لا يصح إلا مني.
وقال لي من حجبته بخلقي برزت له، ومن حجبته بنفسي لم
أبرز له ولم يرني.
وقال لي اطلبني في ابتداء الصلوات.
وقال لي ما ظهرت قط في خاتمة صلوة.
وقال لي اطلبني في خاتمة الصيام ولا تكاد تراني.
وقال لي هذه أوطان العامة ليس بيني وبين من بينه وبين
طلب نسب.
وقال لي أنا الغنى، فرأيت الرب بلا عبد ورأيت العبد بلا
رب.
وقال لي أنا الرؤوف، فرأيت الرب في وسط العبيد وقد تعلق
كل واحد منهم بحجزته.
وقال لي لو أخبرتك بكل شيء كان بيننا إخبار يجمعك عليك.
وقال لي إذا كنت لي فأنت بي وإذا كنت بي فأنت لك.
وقال لي ما أنت لي في وجودك أوفى منك لي عدمك.
وقال لي هبك جئتني بما أريد ورضيت، كيف لك بعلمي بك لو
بلوتك بما لم أبتلك به ماذا تكون صانعاً.
وقال لي إن لم ينعقد الحياء بهذا الرمز لم ينعقد أبداً.
وقال لي الرضا الثاني إنما هو فهم في هذا الشأن.
وقال لي خلق لا يصلح لرب بحال.
موقف الثوب أوقفني في الثوب وقال لي إنك في كل شيء
كرائحة الثوب في الثوب.
وقال لي ليس الكاف تشبيها هي حقيقة أنت لا تعرفها إلا
بتشبيه.
وقال لي كلما بدا علم فهو لما بين رضوان ومالك.
وقال لي فل للمستوحش مني الوحشة منك أنا خير لك من كل
شيء.
وقال لي يوم الموت يوم العرس ويوم الخلوة يوم الأنس.
وقال لي أنا ظاهر فلا تزال تراني.
وقال لي إن رأيتني فيك كما رأيتني في كل شيء قل حبك
للدنيا.
وقال لي إن شغلتك بدلالة الناس علي فقد طردتك.
وقال لي أنا وشيء لا تجتمع وأنت وشيء لا تجتمع.
وقال لي إن كان مأواك القبر فرشته لك بيدي وإن كان مأواك
الذكر نشرت عليك ذكرى وإن كنت أنا حسبك فما في قبر ولا ذكر ولا مسرح ولا وكر.
وقال لي إذا رأيت عدوي فقل له مصيبتك في اعتراضك عليه
أعظم من مصيبتي في أخذك لي.
وقال لي أغريتك بي حيث لم أجعلك على ثقة من عمرك.
وقال لي أي عيش لك في الدنيا بعد ظهوري.
وقال لي أنظر إليك في قبرك وليس معك ما أردته ولا ما
أرادك.
وقال لي إن لم تقم بك قيومية لا علم لها لم تقم بك في كل
شيء.
وقال لي دع عنك كل عين وانظر إلى ما سواها.
وقال لي أنا في عين كل ناظر.
وقال لي قل لهم رجعت إليكم، فقلتأوقفني ومن قبل أن أرجع
ما كان لي من قول لأنه أراني التوحيد فكنت به لا أعرف فناء ولا بقاء وأسمعني
التوحيد ولم أعرف استماعه وردني بعد هذا كله كما كنت فرأيت في الرد صحيفة فأنا
أقرأها عليكم.
وقال لي حصل لك كل شيء فأين غناك، فاتك كل شيء فأين فقرك.
وقال لي أعذتك من النار فأين سكونك وأظفرتك بالجنة فأين
نعيمك.
وقال لي الجزء الذي يعرفني لا يصلح على غيري.
وقال لي ما بيني وبينك لا يعلم فيطلب.
موقف الوحدانية أوقفني في الوحدانية وقال لي أظهرت كل
شيء يحجب عني ولا يدل علي فحظ كل إنسان من الحجبة كحظه من التعلق.
وقال لي ذكرى أخص ما أظهرت وذكرى حجاب.
وقال لي إذا بدوت لم تر من هذا كله شيئاً.
وقال لي أقعد فوق العرش أعرض عليك، فقعدت فعرض علي فرأيت
كل شيء حكومة وصف انفصلت عنه وبقي الوصف وصفاً والحكومة حكومة.
وقال لي انظر كيف عملت، وبسط يده فوق وقال ما بقي فوق،
وبسط يده تحت وقال لي ما بقي تحت، ورأيت كل شيء بين البسطين والأرواح والأنوار في
الفوقية والأجسام والظلم في التحتية.
وقال لي الفوقية حد لما في التحتية وليس لما في الفوقية
حد.
وقال لي التحتية لا حد والفوقية لا حد وقلب الكل بأصابع
التحتية وقال أنت وقلب الكل بأصابع فوقية وقال أنا وهو في الكل هو أبدى الباديات
بالمعنوية وأبدى فيها العوالم الثبتية وبدا على الثبتية ففنيت وبقيت المعنوية الأحدية.
وقال لي من يظهر معي أنا أظهرت وأظهرت فيما أظهرت فما
محوته محو وما أثبته ثبت والثبت محو في الحياطة.
وقال لي اسمع لسان العوالم الثبتية في المبديات
المعنوية، إذا هي تقول الله الله.
وقال لي لا يسمعها من هو فيها أو في الشواهد التي هي
فيها.
وقال لي مقالها ثبت وإذا بدوت عليه فني المقال هي هي في
الثبت وهي البادي في البادي وهذه منزلة عامية.
وقال لي إن طاف بك ذكر شيء فأنت في الثبتية فتعبد لي
واجتهد أحسبه وأجازي عليه، وإذا فنيت أذكار الأشياء فلا أنت أنت وأنت أنت وما أنا
في شيء ولا خالطت شيئاً ولا حللت في شيء ولا أنا في في ولا من ولا عن ولا كيف ولا
ما ينقال أنا أنا أحد فرد صمد وحدي وحدي أظهرت لا مظهر إلا أنا وأظهرت فيما أظهرت
العوالم الثبتية وإذا بدوت فأفنيت الثبتية كان الإظهار لي لا لها حتى أرده إليها
باللبس الوقتية والمعادن الأمنية فاحفظ حدك بين المعنوية والثبتية.
وقال لي يسوءك كل ما منك أغفره لا يسوءك كل ما مني أصرف
السوء كله.
وقال لي إن التزمت ما ألزمتك بين هذين كنت ولياً.
موقف الاختيار أوقفني في الاختيار وقال لي كلهم مرضى.
وقال لي هو ذا يدخل الطب عليهم بالغداة والعشي وأخاطبهم
أنا على ألسنة الطب ويعلمون أنني أنا أكلمهم ويعدون الطب بالحمية ولا يعدوني.
وقال لي كانوا في يدي فقلبتهم إلى يدي وليس أردهم إلى
اليد التي كانوا فيها.
وقال لي إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت
فيها أنطقت وإن هربت منها طلبتك وأحرقتك.
وقال لي أنا أوقد النار باليد الثانية.
وقال لي لابد أن تتحرك عادة فإذا تحركت عادة فما لك أدب.
وقال لي صلوتك لما يوقفك أو يعجلك وقصدك لما يحادثك أو
تحادثه.
وقال لي ما لي باب ولا طريق.
وقال لي إذا تكلمت فتكلم وإذا صمت فاصمت.
وقال لي اخرج إلى البرية الفارغة واقعد وحدك حتى أراك
فإني إذا رأيتك عرجت بك من الأرض إلى السماء ولم أحتجب عنك.
وقال لي إن لم تصحبك في هذا كله دعوة عامي تهت.
وقال لي إذا كنت كما أريد في كل شيء فابك على نفسك
ونادني أعوذ بك من سوء القرين.
وقال لي إذا كنت لي كما أريد في بعض الشيء فقد ركبت
الخطر وإن تحرك بؤبؤ عينك ضرك.
وقال لي كلك خلق فماذا تروم، فرأيت السد قد أحاط بي
ورأيته في السد يضحك، وقال هذا منزل أهلي ولا أضحك إلا فيه.
وقال لي قد جعلت لك في السد أبواباً بعدد ما خلقت وغرست
على كل باب شجرة وعين ماء باردة وأظمأتك وعزتي لئن خرجت لا رددتك إلى منزل أهلي
ولا سقيتك من الماء.
وقال لي نم لتراني فإنك تراني، واستيقظ لتراك فإنك لن
تراني.
وقال لي إذا وجدتني عند الكذاب فلا تذكره بي، وإذا
وجدتني عند المخلص فذكره بي.
وقال لي لا بد من أن أتعرف إليك وتعرفي إليك بلاء، أنا
لا أزول أنا أصل البلاء أحببت فيك البلاء أظهرت لك البلاء كرهت منك البلاء معرفتك
بالبلاء بلاء إنكارك للبلاء بلاء.
وقال لي اذكرني كما يذكرني الطفل وادعني كما تدعوني
المرأة.
وقال لي لا تكون لي عبداً وأنت تخبر الناس بم أو بما منك
فإذا جئت إلى فكأن الذي جرى كله لم يكن.
موقف العهد
أوقفني في العهد وقال لي أطرح ذنبك عن عفوي وألق حسنتك
على فضلي.
وقال لي اترك علمك إلى علمي تقتبس نور الهداية وألق
معرفتك إلى معرفتي تثبت الهداية.
وقال لي إذا وقفت بي تعرض لك كل شيء ليدفعك عني.
وقال لي إنما تأخذ أجرك ممن أصبحت له أجيراً.
وقال لي إنما أنت أجير من تعمل من أجله.
وقال لي إن عملت لي من أجلي فذاك لي، وإن عملت لي من أجل
غيري فذاك لغيري.
وقال لي إن كنت أجير العلم أعطاك الثواب العلم وإن كنت
أجير المعرفة أعطتك السكينة.
وقال لي كن أجيري أرفعك فوق العلم والمعرفة فترى أين
يبلغ العلم وترى أين ترسخ المعرفة فلا يسعك المبلغ ولا يستطيعك الرسوخ.
وقال لي إذا عرضت الجمع وقف الواقفون بي في فنائي لا
يراعون فيتلجلجوا ولا يفزعون فيتحيروا.
وقال لي إذا وقفت بي أعطيتك العلم فكنت أعلم به من
العالمين وأعطيتك المعرفة فكنت أعرف بها من العارفين وأعطيتك الحكم فكنت أقوم به
من الحاكمين.
وقال لي أين جعلت اسمي فثم اجعل اسمك.
وقال لي الحرف يسري في الحرف حتى يكونه فإذا كأنه سرى
عنه إلى غيره فيسرى في كل حرف فيكون كل حرف.
وقال لي إذا نطقت بالحرف رددته إلى المبلغ الذي تطمئن به
فيسري بحكم مبلغه في الحروف فيسري إليك الحكم السوى.
وقال لي الحرف الحسن يسرى في الحروف إلى الجنة، والحرف
السوء يسري في الحروف إلى النار.
وقال لي انظر ما حرفك وما مبلغك.
وقال لي انصرني تكن من أصحابي.
وقال لي إذا أردتك لنصرتي لم أوجدك قوة إلا من نصرتي.
وقال لي إذا أردتك لنصرتي علمتك من علمي وما لا يحمله
العالمون.
وقال لي إنما يقف في ظل عرشي أنصاري.
وقال لي يا عارف انصرني وإلا أنكرتني.
وقال لي المعترض لي ينقلب إلى كل النعيم والمعترض علي
ينقلب إلى كل العذاب.
وقال لي اعرف مقامي وقم فيه.
وقال لي إذا وقفت في مقامي جاءك الإخبار من السماء ومن
الأرض ومما بينهما فألقه في النار فإن كان باطلاً حطمته ولم تحطمك وإن كان حقاً
رددته إلي ولم تحجبك.
وقال لي الحرف الذي تكونت به الحروف لا يستطيع محامدي
ولا يثبت لمقامي.
موقف عنده أوقفني عنده وقال لي انظر إلى الحرف وما فيه
خلفك فإن إلتفت إليه هويت فيه وإن التفت إلى ما فيه هويت إلى ما فيه.
وقال لي الحق هو ما لو قلبك عنه أهل السموات والأرض ما
انقلبت، والباطل هو ما لو دعاك إليه السموات والأرض ما أجبت.
وقال لي لا تأيسن مني فلو جئت بالحرف كله سيئة كان عفوي
أعظم.
وقال لي لا تجترئ علي فلو جئت بالحرف كله حسنات كانت
حجتي ألزم.
وقال لي فضلي أعظم من الحرف الذي وجدت علمه ومن الحرف
الذي علمت علمه ومن الحرف الذي لم تجد علمه ومن الحرف الذي لم تعلم علمه.
وقال لي إذا وقفت عندي رأيت ما ينزل وما يعرج وجاءك
الحرف وما فيه فخاطبك كل شيء بلسانه وترجم لك كل بيان ببيانه ودعاك كل شيء إلى
نفسه وطلبك كل جنس إلى جنسه.
وقال لي دليله من جنس الحجاب والحجاب من جنس العقاب.
وقال لي من كان الدليل من جنس حجابه احتجب عن حقيقة ما
دل عليه.
وقال لي أنا حجاب عارفي وأنا دليل عارفي تعرفت فعرفني
وعرف إني تعرفت واحتجبت فعرفني وعرف أنني احتجبت.
وقال لي من لم يكن جاذبه الله لم يصل إلى الله.
وقال لي من أنس بالحجاب الداني أماله إلى الحجاب القاصي.
وقال لي إذا علمت العلم من لدني أخذتك باتباع العالمين
كما أخذتك باتباع الجاهلين.
وقال لي إذا رأيت قربي وبعدي أخذتك باتباع القاصدين كما
أخذتك باتباع المعرضين.
وقال لي كما آليت أن اظهر حكمتي كذا آليت أن لا أنقض
حكمتي.
وقال لي عفوي لا ينقض حكمتي وحكمتي لا تنقض معرفتي.
موقف المراتب أوقفني في المراتب وقال لي أنا مظهر
الإظهار لما لو بدا له أحرقه، وأنا مسر الأسرار لما لو بدا له أحرقه.
وقال لي أظهرت الخلق فصنفتهم أصنافاً وجعلت لها الأفئدة
فأوقفتها إيقافاً فكل قلب واقف في مبلغه منقلب بحكم ما وقف فيه.
وقال لي بالتصنيف تعارفت الجسمية وبالوقوف تعارفت
العلوية.
وقال لي من عرفني فلا عيش له إلا في معرفتي، ومن رآني
فلا قوة له إلا في رؤيتي.
وقال لي إذا عرفتني فخف مكري وأني يعرفه إلا المصطفون
لعلمي.
وقال لي اعتبر المكر بالغيرة فإذا رأيتها تحوشك إلي وإلى
سبيلي فقد قر قرار حكمتك وأنار هدي هدايتك، تمسك بها واصلك من واصل وجانبك من جانب
فهي دليلي الذي لا يتيه وتدبيري الذي لا يحيد.
وقال لي إذا جاءك التأويل فقد جاءك حجابي الذي لا أنظر
إليه ومقتي الذي لا أعطف عليه.
وقال لي العلم يدعو إلى العمل والعمل يذكر برب العلم
والعلم فمن علم ولم يعمل فارقه العلم ومن علم وعمل لزمه العلم.
وقال لي من فارقه العلم لزمه الجهل وقاده إلى المهالك
ومن لزمه العلم فتح له أبواب المزيد منه.
وقال لي إن عصيت النفس إلا من وجه لم تطعك من وجه.
وقال لي بقي علم بقي خاطر، بقيت معرفة بقي خاطر.
وقال لي صاحب العلم إذا رأى صاحب المعرفة آمن ببداياته
وكفر بنهاياته وصاحب المعرفة إذا رأى من رآني كفر ببداياته ونهاياته وصاحب الرؤية
يؤمن ببداية كل شيء ويؤمن بنهاية كل شيء فلا سترة عليه ولا كفران عنده.
وقال لي العلم عمود لا يقله إلا المعرفة والمعرفة عمود
لا يقله إلا المشاهدة.
وقال لي أول المشاهدة نفي الخاطر وآخرها نفي المعرفة.
وقال لي إذا بدا العلم عن المشاهدة أحرق العلوم والعلماء.
موقف السكينة أوقفني في السكينة وقال لي هي الوجد بي
أثبت ما أثبت ومحا ما محا.
وقال لي أثبت ما أثبت من أمري فأوجب أمري ما أوجب من
حكمي فخرج حكمي بما جرى من علمي فغلب علمي فأشهدتك أنه غلب فتلك سكينتي فشهدت فتلك
بيتي.
وقال لي السكينة أن تدخل إلي من الباب الذي جاءك منه
تعرفي.
وقال لي فتحت لكل عارف محق بابا إلي فلا أغلقه دونه فمنه
يدخل ومنه يخرج وهو سكينته التي لا تفارقه.
وقال لي أصحاب الأبواب من أصحاب المعارف هم الذين
يدخلونها بعلم منها ويخرجون منها بعلم مني.
وقال لي السكينة أن تدعو إلي فإذا دعوت إلي ألزمتك كلمة
التقوى فإذا ألزمتك كنت أحق بها فإذا كنت أحق بها كنت أهلها فإذا كنت أهلها كنت
مني أنا أهل التقوى وأنا أهل المغفرة.
وقال لي فتحت لك باباً إلي فلا أحجبك عه وهو نظرك إلى ما
منه خلقت فأشهدك إشهادي في نظرك فهو بابك الذي لا يغلق دونك وهو سكينتك التي لا
ترفع عنك.
وقال لي إذا دخلت إلي فرأيتني فآية رؤيتي أن ترجع بعلم
ما دخلت فيه أو بتمكين فيما دخلت فيه.
وقال لي إذا قصدت إلى الباب فاطرح السوى من ورائك فإذا
بلغت إليه فألق السكينة من ورائه وادخل إلي لا بعلم فتجهل ولا بجهل فتخرج.
وقال لي في كل علم شاهد سكينة وحقيقتها في الوقوف بالله.
وقال لي الصبر من السكينة والحلم من الصبر والرفق من
الحلم.
وقال لي إذا قصدت إلي لقيك العلم فألقه إلى الحرف فهو
فيه ألقيته جاءتك المعرفة فألقها إلى العلم فهي فإذا ألقيتها جاءك الذكر فألقه إلى
المعرفة فهو فيها فإذا ألقيتها جاءك الحمد فألقه إلى الذكر فهو فيه فإذا ألقيته جاءك
الحرف كله فألقه إلى الأسماء فهو فيها فإذا ألقيته جاءتك الأسماء فألقها إلى الاسم
فهي فإذا ألقيتها جاءك الاسم فألقه إلى الذات فهو لها فإذا ألقيتها جاءك الإلقاء
فألقه إلى الرؤية فهو من حكمها.
موقف بين يديه أوقفني بين يديه وقال لي أجعل الحرف وراءك
وإلا ما تفلح أخذك إليه.
وقال لي الحرف حجاب وكلية الحرف حجاب وفرعية الحرف حجاب.
وقال لي لا يعرفني الحرف ولا ما في الحرف ولا ما من
الحرف ولا ما يدل عليه الحرف.
وقال لي المعنى الذي يخبر به الحرف حرف والطريق الذي
يهدي إليه حرف.
وقال لي العلم حرف لا يعربه إلا العمل والعمل حرف لا
يعربه إلا الإخلاص والإخلاص حرف لا يعربه إلا الصبر والصبر حرف لا يعربه إلا
التسليم.
وقال لي المعرفة حرف جاء لمعنى فإن أعربته بالمعنى الذي
جاء له نطقت به.
وقال لي السوى كله حرف والحرف كله سوى.
وقال لي ما عرفني من عرف قربي بالحدود ولا عرفني من عرف
بعدي بالحدود.
وقال لي ما شيء أقرب إلي من شيء بالحدية ولا شيء أبعد
مني من شيء بالحدية.
وقال لي الشك في الحرف فإذا عرض لك فقل من جاء بك.
وقال لي الكيف من الحرف.
وقال لي إذا كلمتك بعبارة لم تأت منك الحكومة لأن
العبارة ترددك منك إليك بما عبرت وعما عبرت.
وقال لي أوائل الحكومات أن تعرف بلا عبارة.
وقال لي إذا تعرفت بلا عبارة لم ترجع إليك وإذا لم ترجع
إليك جاءتك الحكومات.
وقال لي العبارة حرف ولا حكم لحرف.
وقال لي تعرفي إليك بعبارة توطئة لتعرفي إليك بلا عبارة.
وقال لي إذا تعرفت إليك بلا عبارة خاطبك الحجر والمدر.
وقال لي أوصافي التي تحملها العبارة أوصافك بمعنى
وأوصافي التي لا تحملها العبارة لا هي أوصافك ولا من أوصافك.
وقال لي إن سكنت إلي العبارة نمت وإن نمت مت فلا بحيوة
ظفرت ولا على عبارة حصلت.
وقال لي الأفكار في الحرف والخواطر في الأفكار وذكرى
الخالص من وراء الحرف والأفكار واسمي ومن وراء الذكر.
وقال لي اخرج من العلم الذي ضده الجهل ولا تخرج من الجهل
الذي ضده العلم تجدني.
وقال لي اخرج من المعرفة التي ضدها النكرة تعرف فتستقر
فيما تعرف فتثبت فيما تستقر فتشهد فيما تثبت فتتمكن فيما تشهد.
وقال لي العلم الذي ضده الجهل علم الحرف والجهل الذي ضده
العلم جهل الحرف فاخرج من الحرف تعلم علماً لا ضد له وهو الرباني وتجهل جهلاً لا
ضد له وهو اليقين الحقيقي.
وقال لي إذا علمت علماً لا ضد له وجهلت جهلاً لا ضد له
فلست من الأرض ولا من في السماء.
وقال لي إذا لم تكن من الأرض لم أستعملك بأعمال أهل
الأرض وإذا لم تكن من أهل السماء لم أستعملك بأعمال أهل السماء.
وقال لي أعمال أهل الأرض الحرص والغفلة فالحرص تعبدهم
لنفوسهم والغفلة سكونهم إلى نفوسهم.
وقال لي أعمال أهل السماء الذكر والتعظيم فالذكر تعبدهم
لربهم والتعظيم سكونهم إلى ربهم.
وقال لي العبادة حجاب دان أنا من ورائه محتجب بوصف
العزة، والتعظيم حجاب أدنى أنا من ورائه محتجب بوصف الغنى.
وقال لي إذا جزت الحرف وقفت في الرؤية.
وقال لي لن تقف في الرؤية حتى ترى حجابي رؤية ورؤيتي
حجاباً.
وقال لي من علوم الرؤية أن تشهد صمت الكل ومن علوم
الحجاب أن تشهد نطق الكل.
وقال لي من علوم صمت الكل أن تشهد عجز الكل ومن علوم نطق
الكل أن تشهد تعرض الكل.
وقال لي من علوم القرب أن تعلم احتجابي بوصف تعرفه.
وقال لي إن جئتني بعلم أي علم جئتك بكل المطالبة وإن
جئتني بمعرفة أي معرفة جئتك بكل الحجة.
وقال لي إذاجئتني فألق العبارة وراء ظهرك وألق المعنى
وراء العبارة وألق الوجد وراء المعنى.
وقال لي إن لقيتني وبيني وبينك مما بدا فلست مني ولا أنا
منك.
وقال لي إن لقيتني وبيني وبينك شيء مما بدا لقيتك وبيني
وبينك شيء مما بدا فأنا أحق بما بدا.
وقال لي أنا الذي لا أحب أن ألقاك بما بدا وإن كنت
أستحقه عليك فلا تلقني به فليس حسنة منك.
وقال لي إذا جئتني فألق ظهرك وألق ما وراء ظهرك وألق ما
قدامك وألق ما عن يمينك وألق ما عن شمالك.
وقال لي إلقاء الذكر أن لا تذكرني من أحل السوى وإلقاء
العلم أن لا تعمل به من أجل السوى.
وقال لي لن تلقي في موتك إلا ما لقيته حيوتك.
وقال لي اعرض نفسك على لقائي في كل يوم مرة أو مرتين وألق
ما بدا كله والقني وحدك كذا أعلمك كيف تتأهب للقاء الحق.
وقال لي اعرض نفسك علي في كل يوم مرة أحفظ نهارك، واعرض
نفسك علي كل ليلة أحفظ ليلك.
وقال لي احفظ نهارك أحفظ ليلك، احفظ قلبك أحفظ همك،
واحفظ علمك أحفظ عزمك.
وقال لي اعرض نفسك علي في أدبار الصلوات.
وقال لي أتدري كيف تلقاي وحدك أن ترى هدايتي لك بفضلي لا
أن ترى عملك وأن ترى عفوي لا أن ترى علمك.
وقال لي اعلم واجتهد واعمل واجتهد واجتهد واجتهد فإذا
فرغت فألقه في الماء آخذه بيدي وأثمره ببركتي وأزيد في كرمي.
وقال لي أحسن إلى كل أحد تنبه روحه على التعلق بي، واحلم
عن كل أحد تنبه عقله على استفتاح أمري ونهي.
وقال لي تواضع لي تزهد فيما زهدت فيه.
وقال لي إذا رأيت القاسية قلوبهم فصف لهم رحمتي فإن
أجابوك وإلا فاذكر عظيم سطوتي.
وقال لي إن اعترفوا لك فقد أجابوك، وإن أنكروا ما تقول
فقد جحدوك.
وقال لي إنما اسمك مكتوب على وجه ما به تسكن.
وقال لي إنما انظر إلى ما به تستقل.
وقال لي إن خرجت من معناك خرجت من اسمك، وإن خرجت من
اسمك وقعت في اسمي.
وقال لي السوى كله محبوس في معناه ومعناه محبوس في اسمه
فإذا خرجت من اسمك ومعناك لم تكن لمن حبس في اسمه ومعناه سبيل عليك.
وقال لي إذا وقعت في الاسم ظهرت عليك علامة الإنكار
فتعرض كل شيء لفتنتك وتراىء كل خاطر لقلبك.
وقال لي الآن من تعرض بك فقد تعرض بي.
وقال لي انظر ما به تسكن فإنه مضاجعك في قبرك.
وقال لي من قام في مقام معرفتي فخرج منه وعرف الوجد بي
فخرج منه مستقراً بخروجه أوقدت له ناراً مفردة.
وقال لي أنا العظيم الذي لا يحمل عظمته ما سواه، وأنا
الكريم الذي لا يحمل كرمه ما سواه.
وقال لي غلبت أنوار ذكرى على الذاكرين فأبصروا قدسي فكشف
لهم قدسي عن عظمتي فعرفوا حقي فأسفرت لهم عظمتي عن عياني فخشعوا لعزي فأخبرهم عزي
بقربي وبعدي فاستيقنوا قربي فأجهلهم بي قربي فرسخوا في معرفتي.
وقال لي أنا المهيمن فلا تخفي علي خافية، وأنا العليم
فكل خافية عندي بادية.
وقال لي أنا الحكيم فكل بادية جارية، وأنا المحيط فكل
جارية آتية.
موقف التمكين والقوة أوقفني في التمكين والقوة وقال لي
انظر قبل أن تبدو الباديات واستمع لكلمتي قبل أن تحدو الحاديات، أنا الذي أثبتك
فبي ثبت وأنا الذي أسمعتك فبي سمعت وأنا لا سواي فيما لم أبد وأنا لا سواي فيما
أبدي إلا بي.
وقال لي احفظ مكانك من قبل الباديات فإليه أرجعك من بعد
الموت.
وقال لي إن صاحبتك الباديات تحولت ناراً فأحرقتك وخيرها
يتجول حجاباً فيحترق بنار الحجاب وشرها يتحول عقاباً فيحترق بنار العقاب.
وقال لي أريد أن أبدي خلقي وأظهر ما أشاء فيه وأقلب ما
أشاء منه، وقد رأيتني وما أبديته وشهدت وقوفك بي من قبل إبدائي له، وقد أخذت عليك
عهداً بتعرفي إليك أن عن تخرج عن مقامي إذا أبديته، فإني أظهره يدعو إلى نفسه ويحجب
عني ويحضر بمعنويته ويغيب عن موقفي، فإن دعاك فلا تسمع وإن دعاك إلي بآيتي وإن
حضرك فلا تحضره وإن حضرك بآيتي، وأوقفني وأبدى الباديات وخاطبني على ألسن الباديات
وخاطب الباديات لي على لساني فأبدى القلم.
وقال لي جاءك القلم، فقال كتبت العلم وسطرت السطر السر
فاسمع فلن تجاوزني وسلم لي فلن تدركني.
وقال لي قل للقلم عني يا قلم أبداني من أبداك وأجراني من
أجراك وقد أخذ علي العهد للاستماع منه لا منك وميثاق التسليم له لا لك، فإن سمعت منك
ظفرت بالحجاب وإن سلمت لك ظفرت بالعجز، فأنا منه أسمع كما أشهدني لا منك وله أسلم
كماأوقفني لا لك فإن أسمعني من جهتك كنت لي سمعاً لا مستمعاً.
وقال لي جاءك العرش وجاءتك حملته فحملوه بقوتي القائمة
فسبحتني ألسنتهم بأذكار قدسي الدائمة وانبسطت ظلاله بجلال رأفتي الراحمة.
وقال لي قل للعرش عني يا عرش أظهرك لبهاء ملك الديمومية
وجعلك حرماً للقرب والعظمة وأحف بك من يشاء من المسبحة، فقدرته أعظم منك في العظمة
وبهاؤه أحسن من بهائك في رتبة الزينة وقربه أقرب إليك من نفسك في موجبات الوحدانية،
فأنت قائم في ظل قيموميته بك وظلك قائم في ظل تخصيصه لك فطاف بك طائفون رأوه قبل
رؤيتك فقاموا كما قمت في ظله فسبحوه كما سبحت له ومجدوه بمحامدك التي بها مجدته
فأنت لهؤلاء جهة كاشفة، وطاف بك طائفون علموه وما رأوه وسمعوه وما شهدوه وسبحوه
بتسبيحاتك وقدسوه بمحامدك فقاموا له في ظلك القائم في ظل تخصيصه لك فأنت لهؤلاء
جهة منجية، وطاف بك طائفون جبلوا على تسبيح العظمة وخلقوا لتحميد كبرياء العزة فهم
قائمون بإدامة إشهاد الجبروت ومسبحون بتسابيح العز والملكوت فأنت لهؤلاء جهة مقربة.
وقال لي أنت في علمي وما ترى سواي، وأنت تحت كنفي وما
ترى سواي، وأنت بمنظري وما ترى سواي.
وقال لي أحذر لا أطلع على القلوب فأراك فيها بمعناك ذاك
تعرفي، أو أراك فيها بفعلك ذاك تقلبي.
موقف قلوب العارفين أوقفني في قلوب العارفين وقال لي
للعارفين إن رجعتم تسألوني عن معرفتي فما عرفتموني، وإن رضيتم القرار على ما عرفتم
فما أنتم مني.
وقال لي أول ما ترث وتأخذ معرفتي من العارف كلامه.
وقال لي آية معرفتي إن لا تسألني عني ولا عن معرفتي.
وقال لي إذا ألفت معرفتي بينك وبين علم أو اسم أو حرف أو
معرفة فجريت بها وأنت بها واجد وأنت بها ساكن فإنما معك علم معرفة لا معرفة.
وقال لي صاحب المعرفة هو المقيم فيها لا يخبر وصاحب
المعرفة هو الذي إن تكلم تكلم فيها بكلام تعرفي وبما أخبرت به من نفسي.
وقال لي أنت من أهل ما لا تتكلم فيه وإن تكلمت خرجت من
المقام وإذا خرجت من مقام فلست من أهله وإنما أنت به من العالمين وإنما أنت له من
الزائرين.
وقال لي الأمر أمران أمر يثبت له عقلك وأمر لا يثبت له
عقلك، وفي الأمر الذي يثبت له ظاهر وباطن وفي الأمر الذي لا يثبت له ظاهر وباطن.
وقال لي لن تدوم في عمل حتى ترتبه وتقضي ما يفوت منه وإن
لم تفعل لم تعمل ولم تدم.
وقال لي كيف لا تحزن قلوب العارفين وهي تراني أنظر إلى
العمل فأقول لسيئه كن صورة تلقي بها عاملك وأقول لحسنه كن صورة تلقي بها عاملك.
وقال لي قلوب العارفين تخرج إلى العلوم بسطوات الإدراك
وذلك كبرها وهو الذي أنهاها عنه.
وقال لي يتعلق العارف بالمعرفة ويدعي أنه تعلق بي ولو
تعلق بي هرب من النار كما يهرب من النكرة.
وقال لي قل لقلوب العارفين أنصتوا له لا لتعرفوا،
واصمتوا له لتعرفوا، فإنه يتعرف إليكم كيف تقيمون عنده.
وقال لي قل لقلوب العارفين رأيت معرفتي أعلى من معرفة
فوقفت في الأعلى ووقفت في حجابي، فأظهرت الوصول إلى عند عبادي فأنت في حجابي
تدعيني وهم في حجابي لا يدعوني.
وقال لي قلوب العارفين أعرفي حالك منه فإن أمرك بتعريف
العبيد فعرفيهم وأنت في تلك الحال أدرك لقلوبهم ولا نجاة لك إلا به.
وقال لي لقلوب العارفين لا تخرجي عن حالك وإن هديت إلي
من ضل، أتضلين عني وتريدين أن تهدي إلي.
وقال لي وزن معرفتك كوزن ندمك.
وقال لي قلوب العارفين ترى الأبد وعيونهم ترى المواقيت.
وقال لي أصحابي عطل مما بدا، وأحبابي من وراء اليوم
وغداً.
وقال لي لكل شيء أقمت الساعة فهي له منتظرة وعلى كل شيء
تأتي الساعة فهو منها وجل.
وقال لي قل للعارفين كونوا من وراء الأقدار فإن لم
يستطيعوا فمن وراء الأفكار.
وقال لي قل للعارفين وقل لقلوب العارفين قفوا لي لا
للمعرفة، أتعرف إليكم بما أشاء من المعرفة وأثبت فيكم ما أشاء من المعرفة فإن
وقفتم لي حملتم معرفة كل شيء وإن لم تقفوا لي غلبتك معرفة كل شيء فلم تحملوا لشيء
معرفة.
وقال لي قل لقلوب العارفين لا تستقيموا على خلة فتقلبكم
الخلة إلى الخلة.
وقال لي الأكل والنوم يحسبان على الحال التي يكونان
فيها، إن كانا في العلم حسباً فيه إن كانا في المعرفة حسبا فيها.
وقال لي قل لقلوب العارفين من أكل في المعرفة ونام في
المعرفة ثبت فيما عرف.
وقال لي قل لقلوب العارفين من خرج من المعرفة حين أكله
لم يعد منها إلى مقامه.
وقال لي أنت طلبتي والحكمة طلبتك.
وقال لي الحكمة طلبتك وإذا كنت عبداً عبداً فإذا صيرتك
عبداً ولياً كنت أنا طلبتك.
وقال لي إلتقط الحكمة من أفواه الغافلين عنها كما
تلتقطها من أفواه العامدين لها، إنك تراني وحدي في حكمة الغافلين لا في حكمة
العامدين.
وقال لي أكتب حكمة الجاهل كما تكتب حكمة العالم.
وقال لي أنا مجرى الحكمة فمن أشاء أشهده أنني أجريت فذلك
حكيمها، ومن أشاء لا أشهده فذلك جاهلها فأكتب أنت يا من شهدها.
وقال لي القلوب لا تهجم علي ولا على من عندي.
وقال لي إذا هجمت على قلبك ولم يهجم عليك قلبك فأنت من
العارفين.
وقال لي ما قدر المسئلة أن يناجي بها كرمي فبهذا فادعوني
وقل يا رب اسألك بك ما قدر مسئلة أن يناجي بها كرمك.
وقال لي الشك حبس من محابسي أحبس في قلوب من لم يتحقق
بمعارفي.
موقف رؤيته أوقفني في رؤيته وقال لي أعرفني معرفة اليقين
المكشوف وتعرف إلى مولاك باليقين المكشوف.
وقال لي أكتب كيف تعرفت إليك بمعرفة اليقين المكشوف
وأكتب كيف أشهدتك وكيف شهدت ليكون ذكراً لك وليكون ثبتاً لقلبك، فكتبت بلسان ما
أشهدني ليكون ذكرا لي ولمن تعرف إليه ربي من أوليائه الذين أحب إثباتهم في معرفته
وأحب أن لا يعترض قلوبهم فتنة، فكتبت تعرفا إلى ربي تعرف أشهدني فيه بدو كل شيء من
عنده فلما رأيت بدو كل شيء من عنده أقمت في هذه الرؤية وهي رؤية بدو الأشياء من
عنده، ثم لم أقو على مداومة رؤية من عنده فحصلت في رؤية البدو وفي علم أنه من عنده
لا في رؤية أنه من عنده، فجاءني الجهل وجميع ما فيه فتعرض لي من قبل هذا العلم،
فأعطاني ربي إلى رؤيته وبقي علمي في رؤيته ليس نفاه حتى لم يبق لي علم بمعلوم لكن
أراني في رؤيته أن ذلك العلم هو إبداؤه وهو جعله علماً وهو جعل لي معلوماً فأوقفني
في هو وتعرف إلي من قبل هو التي هي هو ليس من قبل هو الحرفية ومعنى هو الحرفية إرادتك
هو إشارية وهو بدائية وهو علمية وهو حجابية وهو عندية، فعرفت التعرف من قبل هو
التي هي هو ورأيت هو فإذا ليس هو هو إلا هو ولم ما سواه هو يكون هو ورأيت التعرف
لا يبدو من سواه ورأيت سواه لا يتعرف إلى قلبي، فقال لي إن أعترض قلبك من دوني شيء
فلا تستدل بالأشياء ولا بسلطان بعض الأشياء على بعض فإن الأشياء تراجعك في
الاعتراض والمعترض لك من وراء الأشياء يراجعك في الوسوسة واستدل علي بآيتي لعينها
التي هي تعرفي إليك فإنك ترى الأشياء كلها لا تعرف لها إلا لي وتراها مشهودة
الأعيان وترى أن لا تعرف إلا لي وتراني لا مشهوداً بالعيان.
وقال لي آيتي كل شيء وآيتي في كل شيء فكل آيات الشيء
تجري في القلب كجريان الشيء فهي تارةً تتطلع وتارةً تحتجب تختلف لاختلاف الأشياء وكذلك
الأشياء مختلفة وآياتها مختلفة لأن الأشياء سيارة وآياتها سيارة، وأنت مختلف لأن
الاختلاف صفتك فيا مختلف لا تستدل بمختلف فإنه إذا دلك جمعك معك من وجه وإذا لم
يدلك تفرقت باختلافك من كل وجه.
موقف حق المعرفة أوقفني في حق المعرفة وقال لي آما الآن
ففوق وتحت وكل ما بدا فهو دنيا وكله وكل ما فيه ينتظر الساعة وعلى كله وكل ما فيه
كتبت الإيمان وحقيقة الإيمان ليس كمثله شيء.
وقال لي فاشهد جبريل وميكائيل واشهد العرش وحملة العرش
واشهد كل ملك وكل ذي معرفة ترى حقائق إيمانه تقول وتشهد أنه ليس كمثله شيء وترى
علمه بذلك هو وجده ووجده بذلك هو علمه وترى ذلك مبلغ معرفته وترى ذلك هو حق حقيقة
وترى ذلك هو علم الرؤية الحقيقي لا هو الرؤية، فانظر كلهم كيف يرتقب الساعة وإنما
يرتقب كشف الحجاب عن ذا وإنما ينتظر رفع الغطاء عن ذا وذا لا يحمل أحكام الحقيقة
من وراء الحجاب إلا به فكيف إذا هتك الحجاب.
وقال لي الحجاب يهتك وللهتك صولة لا تقوم لها فطر
المخترعين.
وقال لي لو رفع الحجاب ولم يهتك سكن من تحته وإنما يهتك
فإذا هتك ذهلت معرفة العارفين فتكسى في الذهول نوراً تحمل به ما بدا بعد هتك
الحجاب لأنها لا تحمل بمعارف الحجاب ما بدا عند هتك الحجاب.
موقف عهده أوقفني في عهده وقال لي احفظ عليك مقامك وإلا
ماد بك كل شيء.
وقال لي لا يفارقك إذا كتبته لتنفذ إذا نفذت به ولتتأخر
إذا تأخرت به.
وقال لي مقامك هو الرؤية وهو ما رأيت من ورود الليل
والنهار وما رأيت من كيف ورود الليل والنهار وإنني أرسل هذا رسولاً من حضرتي وأرسل
هذا رسولاً من حضرتي وكيف مددت الأبد وكيف أرسل بالنهار وكيف أرسل بالليل فقد رأيت
الأبد ولا عبارة في الأبد.
وقال لي سبح لي الأبد وهو وصف من أوصافي فخلقت من تسبيحه
الليل والنهار وجعلتهما سترين ممدودين على الأبصار والأفكار وعلى الأفئدة والأسرار.
وقال لي الليل والنهار ستران ممدودان على الجميع من خلقت
وقد اصطفيتك فرفعت السترين لتراني وقد رأيتني فقف في مقامك بين يدي قف في رؤيتي
وإلا اختطفك كل كون.
وقال لي إنما رفعت السترين لتراني فأقويك على رؤية
السماء كيف تنفطر وعلى رؤية ما يتنزل منها كيف يتنزل ولترى ذلك كيف يأتي من قبلي
كما يأتي الليل والنهار فقف وألق كل ما أبديه إليك إلي.
وقال لي إذا اصطفيت أخاً فكن معه فيما أظهر ولا تكن معه
فيما أسر فهو له من دونك سر فإن سر فإن أشار إليه وإن أصفح فأفصح به.
وقال لي اسمي وأسمائي عندك ودائعي، لا تخرجها فأخرج من
قلبك.
وقال لي إن خرجت من قلبك عبد ذلك القلب غيري.
وقال لي إن خرجت من قلبك أنكرني بعد المعرفة وجحدني بعد
الإقرار.
وقال لي لا تخبر باسمي ولا بحديث اسمي ولا بعلوم اسمي
ولا بحديث من يعلم اسمي ولا بأنك رأيت من يعلم اسمي فإن حدثك محدث عن اسمي فاستمع
منه ولا تخبره أنت.
وقال لي إن أردتك بصاحب كما أردت سواك بك ألزمتك ذلك في سريرتك
وفي نومك وفي يقظتك إلزاماً تعرفه ولا تنكره وتراني فيه ولا أستتر فيه عنك ولأن لا
تقول له أقوم لك وإبراء لساحة قلبك.
وقال لي قد رأيتني فالأمر بيني وبينك ليس هو بينك وبين
علم ولا بينك وبين معرفة ولا بينك وبين جبريل ولا بينك وبين إسرافيل ولا بينك وبين
الحروف ولا بينك وبين الأسماء ولا بينك وبين شيء.
وقال لي إن أردتني فألق نفسك فليس في أسمائي نفس ولا
ملكوت نفس ولا علوم نفس.
موقف أدب الأولياء أوقفني في أدب الأولياء وقال لي إن
ولي لا يسعه حرف ولا يسعه تصريف حرف ولا يسعه غيري لأني جعلت له من وراء كل خلق
علماً بي.
وقال لي أدب الأولياء ألا يتولوا شيئاً بهمومهم وإن
تولوه بعقولهم.
وقال لي مقام الولي بيني وبين كل شيء فليس بيني وبينه
حجاب.
وقال لي سميت ولي ولي لأن قلبه يليني دون كل شيء فهو
بيتي الذي فيه أتكلم.
وقال لي قد عرفتني وعرفت آيتي ومن عرف آيتي برئت منه ذمة
العذر فإذا جلست فاجعل آيتي من حولك ولا تخرج عنها فتخرج من حصني.
وقال لي أما أن تدعوني فأتيك وأما أدعوك فتأتيني.
وقال لي قل لأوليائي قد خاطبكم قبل هياكلكم الطينية
ورأيتموه، وقال لكم هذا كون كذا فانظروه وهذا الكون كذا وانظروه فرأيتم كل كون
أبداه رأى العيان فكذلك سترونه الآن، ثم دحا الأرض وقال لكم انظروا كيف دحوت الأرض
فرأيتم كيف دحا الأرض، وقال لكم أريد أظهركم لملكي وملكوتي وإني أريد أن أظهركم
لبرياي وأكواني وملائكتي وإني سوف أخلق لكم من هذه الأرض هياكل وأظهركم فيها آمرين
ناهين مقدمين مؤخرين.
موقف الليل أوقفني في الليل وقال لي إذا جاءك الليل فقف
بين يدي وخذ بيدك الجهل فاصرف به عني علم السموات والأرض فإذا صرفت رأيت نزولي.
وقال لي الجهل حجاب الحجب وحاجب الحجاب وليس بعد الجهل
حجاب ولا حاجب، إنما الجهل قدام الرب فإذا جاء الرب فحجابه الجهل، فلا معلوم إلا
الجهل أنه لا يبقى من العلم إلا أنه مشغول ما هو هو لا مجهول هو أنه، فما تعلم مني
وما تعلم بي وما تعلم لي وما تعلم من كل شيء فأنفه بالجهل فإن سمعته يسبحني ويدعو
إلي فسد أذنيك وإن تراءي لك فغط عينيك وما لا تعلم فلا تستعلم ولا تتعلم، أنت عندي
وآية عنديتي أن تحجب عن العلم والمعلوم بالجهل كما أحتجبت فإذا جاء النهار وجاء
الرب إلى عرشه جاء البلاء فألق الجهل من يديك وخذ العلم فاصرف به عنك البلاء وأقم
في العلم وإلا أخذك البلاء.
وقال لي أحتجب عن العلم بالجهل وإلا لم تراني ولم تر
مجلسي، واحتجب عن البلاء بالعلم وإلا لم تر نوري وبينتي.
وقال لي انظر إلى كل شيء يراه قلبك وتراه عينك كيف قلت
له كن فكان، ثم انظر إلى الجهل الذي مددته بيني وبينه ولو لم أجعله بيني وبينه ما
ثبت لنوري.
وقال لي الجهل قدام الرب تلك صفة من صفات تجلي رؤيته،
والرب قدام الجهل تلك صفة من صفات تجلي الذات.
موقف محضر القدس الناطق أوقفني بين يديه وقال لي أنت في
محضر القدس الناطق.
وقال لي أعرف حضرتي واعرف أدب من يدخل إلى حضرتي.
وقال لي لا يصلح لحضرة العارف قد بنت سرائره قصوراً في
معرفته فهو كالملك لا يحب أن يزول عن ملكه.
وقال لي لا يصلح لحضرتي العالم الرباني، إنما قلبه أين
أثبته أو نسبته قائم فإذا لم أنسبه تاه وإذا لم أثبته ماد وهو لا يقوم إلا باسمه
أو علم اسمه.
وقال لي إذا أتيتك اسماً من أسمائي وكلمني به قلبك
أوجدته بي لا بك كلمتني بما كلمته منك.
وقال لي ليكلمني منك من كلمته وليحذر منك أن يكلمني من
لم أكلمه.
وقال لي إذا رأيتني وكنت من أهلي وأهل اسمي فحادثتك فذاك
علم وتعرفت إليك فذاك علم فحصل بيني وبينك علم وحصل بينك وبين العلم يقين.
وقال لي إذا رأيتني وأردتني وتحققت بي كانت المحادثة
عندك وسوسة وكان التعرف عندك وسوسة.
وقال لي ألفت بين كل حرفين بصفة من صفاتي فتكونت الأكوان
بتأليف الصفات لها والصفة لا ينقال هي فعاله وبها تثبت المعاني وعلى المعاني ركبت
الأسماء.
وقال لي إذا جاءتك دواعي نفسك ولم ترني فقد جاءك لسان من
ألسنة ناري فافعل كما يفعل أوليائي أفعل بك كما فعلت بأوليائي.
وقال لي أذنت لك في أصحابك بأوقفني وأذنت لك في أصحابك
بي عبد ولم آذن لك بأن تكشف عني ولا بأن تحدث بحديث كيف تراني.
وقال لي هذا عهدي إليك فحفظه بي وأنا حافظه عليه وأنا
حافظك فيه وأنا مسددك فيه.
64 - موقف الكشف والبهوتأوقفني في الكشف والبهوت وقال لي
انظر إلى الحجب، فنظرت إلى الحجب فإذا هي كل ما بدا وكل ما بدا فيما بدا، فقال
انظر إلى الحجب وما هو من الحجب.
وقال لي الحجب خمسة حجاب أعيان وحجاب علوم وحجاب حروف
وحجاب أسماء وحجاب جهل.
وقال لي الدنيا والآخرة وما فيهما من خلق وحجاب هو حجاب
أعيان وكل عين من ذلك فهي حجاب نفسها وحجاب غيرها.
وقال لي العلوم كلها حجب كل علم من حجاب نفسه وحجاب غيره.
وقال لي حجاب العلوم يرد إلى حجاب الأعيان بالأقوال
وبمعاني الأقوال وحجاب الأعيان يرد إلى حجاب العلوم بمعاني الأعيان وبسرائر
مجهولات الأعيان.
وقال لي حجاب الأعيان منصوب في حجاب العلوم وحجاب العلوم
منصوب في حجاب الأعيان.
وقال لي حجاب الحروف هو الحجاب الحكمي وحجاب الحكم هو من
وراء العلوم.
وقال لي لحجاب العلوم ظاهر هو علم الحروف وباطن هو حكم
الحروف.
وقال لي عبدي كل عبدي هو عبدي الفارغ من سواي ولن يكون
فارغاً من سواي حتى أوتيه من كل شيء فإذا أتيته من كل شيء أخذ إليه باليد التي
أمرته أن يأخذ بها ورد إلي باليد التي أمرته أن يرد.
وقال لي إذا لم أوت عبدي من كل شيء فليس هو عبدي الفارغ
وإن تفرغ مما أتيته لأنه قد بقي بيني وبينه ما لم أؤته، وإنما عبدي الفارغ إلا مني
فهو عبدي الذي آتيته من كل شيء سبباً وأتيته منه علماً وأتيته منه حكماً فرأى
الحكم جهرة ثم تفرغ من العلم وتفرغ من الحكم فألقاهما معاً إلي فذاك هو عبدي
الفارغ من سواي.
وقال لي لا تبدو الولاية لعبد إلا بعد الفراغ.
وقال لي أتدري ما قلب عبدي الفارغ قلبه بيني وبين
الأسماء وذاك هو مقامه الأول الذي هو مهربه وفيه أيته، فأنقله منه إلى رؤيتي
فيراني ويرى الاسم والأسماء بين يدي كما يرى كل شيء بين يدي ويرى الاسم لا يملك من
دوني حكماً فذاك هو مقام قلب عبدي الفارغ فذاك مقام البهوت وفي البهوت بين يدي أخر
ما وقفت القلوب.
وقال لي البهوت صفة من صفات الجبروت.
وقال لي الواقف بحضرتي يرى المعرفة أصنافاً ويرى العلم
أزلاماً لانه واقف بين يدي لا بين يدي العلوم فهو يرى العلم قائماً بين يدي أغرس
فيه قلب من أشاء وأخرج منه قلب من أشاء، فذاك هو شأني في القلوب إلا قلوبي التي
بنيتها لنظري لا لخبري وإلا قلوبي التي صنعتها لحضرتي لا لأمري تلك هي القلوب التي
تسري أجسامها في أمري.
وقال لي في العلوم بيت فمنه أحادث العلماء، ولي في
المعارف بيت فمنه أحادث الفهماء.
وقال لي البيوت حجب ومن وراء الحجب الأستار ولكل من
الأستار مقام فإذا تعرفت إلى قلب من ذلك البيت فلا معرفة له إلا ما أبديت.
وقال لي ما بحضرتي بيوت ولا لأهل حضرتي بيوت، أضعفهم من
يخطر له الاسم وإن نفى وأعجزهم من يخطر له الذكر وإن نفى.
وقال لي إذا نفيت الاسم والذكر كان لك وصول، فإذا لم
يخطر بك الاسم والذكر كان لك اتصال وإذا كان لك اتصال فأردت كان.
وقال لي إذا أردت أن لا يخطر بك الاسم والذكر فأقم في
النفى ينتف لأن النفى بي لا بك فإذا أنتفى أثبتك فثبت لأن الإثبات بي لا بك.
وقال لي إذا وقفت في حضرتي فلا تقف مع الرباني فتحتجب
بحجابه ويكون لك كشف ولك حجاب، وإذا رأيت العلم والعلماء في حضرتي فأجلس في حضرتي
وخاطبه في حضرتي، فإن لم يتبعك فلا تخرج من حضرتي فيستخرج هو من أقصى علمه ويعلم
أنه قد خرج، وإن تبعك فقف به على ما صدق ولا تمش به معك، فإنه لا بد أن يخرج إلى
مقامه فإن رجع وحده تاه وإن رجعت معه خرجت من حضرتي فتهت.
وقال لي كل ما يخاطب به العلم والعلماء فهو مكتوب على ما
أقصى علم العالم فهو يريد أن يعبره ويعبره وأنت تريد أن تقف فيه فهو لا يقف لأن
العبارة والعبور حده فكذلك أنت لا تعبره لأنه مقامك.
موقف العبدانية أوقفني في العبدانية وقال لي أتدري متى
تكون عبدي إذا رأيتك عبداً لي منعوتاً عندي بي لا منعوتاً بما مني ولا منعوتاً بما
عني، هنالك تكون عبدي فإذا كنت هنالك كذلك كنت عبد الله وإذا كنت عبد الله لم يغب
عنك الله، وإذا كنت منعوتاً بسوى الله غاب عنك الله فإذا خرجت من النعت رأيت الله
فإن أقمت في النعت لم تر الله.
وقال لي العبدانية أن تكون عبداً بلا نعت فإن كنت بنعت
اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي وإن اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي فأنت عبد نعتك لا عبدي.
وقال لي عبد خائف استمدت عبدانيته من خوفه، عبد راج
استمدت عبدانيته من رجاء، عبد محب استمدت عبدانيته من محبته، عبد مخلص استمدت عبدانيته
من إخلاصه.
وقال لي إذا استمد العبد من غير مولاه فمستمده هو مولاه
دون مولاه وإذا لم يستمد من مولاه أبقى من مولاه، وإذا استمد من مولاه فقد أقدم
على مولاه، فقف لي لتستمد مني ولا لتستمد من علمي ولا لتستمد منك تكن عبدي وتكن
عندي وتفقه عني.
وقال لي ما طالبتك بعبدانية الملك عبدانية الملك لي
وإنما طالبتك بعبدانية الوقوف بين يدي.
وقال لي قل لسريرتك تقف بين يدي لا بشيء ولا لشيء أجعل
الملكوت الأكبر من وراءك وأجعل الملك الأعظم تحت رجليك.
وقال لي لا ترجع من هذا المقام فإليه تلجأ الخليقة في
شدائد الدنيا والآخرة وإليه يلجأ من رآني ومن لم يرني ومن عرفني ومن لم يعرفني، فالواقفون
فيه في الدنيا تعرفهم خزنة أبوابه فإذا جاءوه ولم يحل بينهم وبينه وبحسب ما وقفوا
عنه في الدنيا توقفهم الخزنة بالأبواب من دونه.
وقال لي سيأتيك الحرف وما فيه وكل شيء ظهر فيه سيأتيك
منه اسمي وأسمائي وفي اسمي واسمائي سري وسر إبدائي وسيأتيك منه العلم وفي العلم
عهودي إليك ووصاياتي وسيأتيك منه السر وفي السر محادثتي لك وإيماني فسيدفعونك عنه فادفعهم
عن نفسك.
وقال لي أنا مرسلهم إليك ابتلاء، وأنا مؤدنك بأني
أرسلتهم اجتباء، وأنا معلمك كيف تعمل إذا ما أتوك اصطفاء.
وقال لي لا تدفعهم بمجاورة فلن تستطيع محاورة حق، وإنما
تدفعهم بردهم ورد ما أتوا به إلي وتخلع قلبك منهم ومما أتوا به، لا تخلع ما أتوا
به عن قلبك حتى تكون عندي لا عندهم هنالك حويتهم وما حووك وهنالك وسعتهم وما وسعوك.
وقال لي رب حاضر وقلب فارغ وكون غائب هذه صفة من أستحين
منه.
وقال لي أقرر عيناً بما أشهدتك من النار أشهدتكما تسبحني
وأشهدتكما تذكرني وأشهدتكما تعرفني وتفرغ مني وما أشهدك ذاك منها حتى أشهدتها ذام
منك فأشهدتك منها مواقع ذكرى وأشهدتها منك مواقع نظري ما كنت لأجمع بين ذكرى ونظري
في انتقامي.
موقف قف أوقفني في قف وقال لي إذا قلت لك قف فقف لي لا
لك ولا لأخاطبك ولا لآمرك ولا لتسمع مني ولا لما تعرف مني ولا لما لا تعرف مني ولا
لأوقفني ولا ولياً عبد، قف لا لأخاطبك ولا تخاطبني بل أنظر إليك وتنظر إلي فلا تزل
عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك وحتى آمرك فإذا خاطبتك وإذا حادثتك فابك
إن أردت علي البكاء وإن أردت على فوتي بخطابي وعلى فوتي بمحادثتي.
وقال لي إذا قلت لك قف فوقفت لا لخطابي عرفت الوقوف بين
يدي وإذا عرفت الوقوف بين يدي حرمتك على سواي وإذا حرمتك على سواي كنت من أهل
صيانتي.
وقال لي إذا عرفت كيف تقول إذا قلت لك قف لي فقد فتحت لك
الباب إلي فلا أغلقه دونك أبداً وأذنت لك أن تدخله إلي فلا أمنعك أبداً، فإذا أردت
الوقوف لي فاستعمل أدبي ولك أن تدخل متى شئت وليس لك أن تخرج إذا شئت، فإذا دخلت
إلي فقف ولا تخرج إلا بمحادثتي وبتعرفي فما لم أحادثك وما لم أتعرف فأنت في المقام
مقام الله وإذا تعرفت إليك فأنت في مقام المعرفة.
وقال لي إذا قلت لك قف لي فعرفت كيف تقف لي فلا تخرج عن مقامك
ولو هدمت كل كون بيني وبينك فألحقك بالهدم، فاعرف هذا قبل أن تقف لي ثم قف لي فلا
تخرج أو أتعرف إليك بما تعرف مني.
وقال لي لو جاءك في رؤيتي هدم السموات والأرض ما تزيلت
ولو طاربك في غيبتي طائر بسرك ما ثبت، ذلك لتعلم قيوميتي بك واستيلائي عليك.
وقال لي أيهما تسألني الرؤية لا عن المسئلة أم الغيبة
على المسئلة، الغيبة قاعدة ما بين وبينك في إظهارك.
وقال لي ألا تعلقت بي في الوارد كما تتعلق بي في صرفه.
وقال لي التعلق الأول بي والتعلق الثاني بك.
وقال لي التعلق بي في الوارد لا يصرفه لا لإقراره ولا
لمكثه ولا لزواله.
وقال لي قل يا من أورده أشهدني ملكوت برك في ذكرك وأذقني
حنان ذكرك في إشهادي فأرنيك مثبتاً حتى تقوم بي رؤيتك في إثباتك ووار عني ما ارتبط
بالثبت مني ومنه وناجني من وراء ما أعلمتني حتى أكون باقياً بك فيما عرفتني وسر بي
إليك عن قرار ما يستقر به وصفي بوصفي ونادني، يا عبد سقطت معرفة سواي فما ضرك ثبت
تعرفي لك هو حسبك.
موقف المحضر والحرف أوقفني في المحضر وقال لي الحرف حجاب
والحجاب حرف.
وقال لي قف في العرش، فرأيت الحرم لا يسلكه النطق ولا
تدخله الهموم ورأيت فيه أبواب كل شيء ورأيت الأبواب كلها ناراً للنار حرم لا يدخله
إلا العمل الخالص فإذا دخله صار إلى الباب فإذا صار إلى الباب وقف فيه على
المحاسبة ورأيت المحاسبة تفرد ما لوجه الله عما لسواه ورأيت الجزاء سواه ورأيت الخالص
له ومن أجله يرفع من الباب إلى المنظر الأعلى فإذا رفع إليه كتب على الباب جاز
الحساب.
وقال لي إن لم تأكل من يدي وتشرب من يدي لم تستو على
طاعتي.
وقال لي إن لم تطعني لأجلي لم تستو على عبادتي.
وقال لي اطرح ذنبك تطرح جهلك.
وقال لي ذكرت ذنبك لم تذكر ربك.
وقال لي في الجنة من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر
منه، وفي النار من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر منه.
وقال لي الذي يصدك عني في الدنيا هو الذي يصدك عني في
الآخرة.
وقال لي أوقفت الحرف قدام الكون وأوقفت العقل قدام الحرف
وأوقفت المعرقة قدام العقل وأوقفت الإخلاص قدام المعرفة.
وقال لي لا يعرفني الحرف ولا يعرفني ما عن الحرف ولا
يعرفني ما في الحرف.
وقال لي وإنما خاطبت الحرف بلسان الحرف فلا اللسان شهدني
ولا الحرف عرفني.
وقال لي النعيم كله لا يعرفني والعذاب كله لا يعرفني.
وقال لي لو عرفني النعيم انقطع بمعرفتي عن التنعيم، ولو
عرفني العذاب انقطع بمعرفتين بمعرفتي عن التعذيب.
وقال لي رسول رحمة لا يحيط بمعرفتي ورسول عقوبة لا يحيط
بمعرفتي.
وقال لي يبدو عليك البادي من جنس ما يستقر عليه.
وقال لي العلم المستقر هو الجهل المستقر.
وقال لي إنما توسوس الوسوسة في الجهل وإنما تخطر الخواطر
في الجهل.
وقال لي أعدي عدو لك إنما يحاول إخراجك من الجهل لا من
العلم.
وقال لي إن صدك عن العلم فإنما يصدك عنه ليصدك عن الجهل.
وقال لي الذين عندي لا يفهمون عن حرف هو يخاطبهم ولا
يفهمون في حرف هو مكانهم ولا يفهمون عنه وهو علمهم، أشهدتهم قيامي بالحرف فرأوني
قيماً وشهدوه جهة وسمعوا مني وعرفوه آلة.
وقال لي تحمل إلي ومعك ما عرفت وما أنكرت وما أخذت وما
تركت فأسألك عن أجلي فتجب حجتي فأعفو برحمتي.
وقال لي الحرف مكانهم بما به بدا والحرف علمهم بما عنه
بدا والحرف موقفهم بما له بدا.
وقال لي العارف يخرج مبلغه عن الحرف فهو مبلغه وإن كانت
الحروف سترة.
وقال لي مبلغ العارف مستقره ومستقره هو الذي إن لم يكن
به لم يسكن.
وقال لي الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه.
وقال لي الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف.
وقال لي أصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف قائمون بمعانيهم
بين الصفوف.
وقال لي الحرف فج إبليس.
وقال لي بقي علم بقي الخطر، بقي قلب بقي خطر بقي عقل بقي
خطر، بقي هم بقي خطر.
وقال لي معناك أقوى من السماء والأرض.
وقال لي معناك يبصر بلا طرف ويسمع بلا سمع.
وقال لي معناك لا يسكن الديار ولا يأكل من الثمار.
وقال لي معناك لا يجنه الليل ولا يسرح بالنهار.
وقال لي معناك لا تحيط به الألباب ولا تتعلق به الأسباب.
وقال لي هذا معناك أنا خلقته وهذه أوصافه أنا جعلته وهذه
حليته أنا أثبته وهذا مبلغه أنا جوزته.
وقال لي أنا من ورائه ومن وراء ما عرفته، لا تعلمني
علومه ولا تشهدني شواهده.
وقال لي إن لم أنتصر بك لم تثبت وإن لم تثبت لم أتعرف
إليك.
وقال لي اذكرني تعرفي وانصرني تشهدني.
وقال لي أنا القريب فلا بيان قرب، وأنا البعيد فلا بيان
بعد.
وقال لي أنا الظاهر لا كما ظهرت الظواهر، وأنا الباطن لا
كما بطنت البواطن.
وقال لي قل عافني من معافاتك منك وحل بيني وبين ما يحول
عنك ولا تذرني بمذاري الحروف في معرفتك ولا توقفني أبداً إلا بك.
وقال لي تعلم العلم لوجهي تصب الحق عندي.
وقال لي إذا أصبت الحق عندي أثنيت عليك بثنائي على نفسي.
وقال لي من تعرفت إليه توليت نعيمه بنفسي وتوليت عذابه
بنفسي فأمددت النعيم من نعيمه وأمددت العذاب من عذابه.
وقال لي الاسم ألف معطوف.
وقال لي العلم من وراء الحروف.
وقال لي المحضر خاص ولكل خاص عام.
وقال لي الحضرة تحرق الحرف وفي الحرف الجهل والعلم ففي
العلم الدنيا والآخرة وفي الجهل مطلع الدنيا والآخرة والمطلع مبلغ كل ظاهر وباطن
والمبلغ محو في باد من بوادي الحضرة.
وقال لي الحرف لا يلج الحضرة وأهل الحضرة يعبرون الحرف
ولا يقفون فيه.
وقال لي تستوحش تحت الأرض مما تستوحش منه فوق الأرض.
وقال لي أهل الحضرة ينفون الحرف مع ما فيه نفي الخواطر.
وقال لي إن لم تكن من أهل الحضرة جاءك الخاطر وكل السوى
خاطر فلم ينفه إلا العلم وللعلم أضداد ولا تخلص إلا بالجهاد.
وقال لي لا جهاد إلا بي ولا علم إلا بي، فإن وقفت بي
فأنت من أهل حضرتي.
وقال لي انظر إلى قبرك، إن دخل معك العلم دخل دخل معه
الجهل وإن دخل معك العمل دخلت معه المحاسبة وإن دخل معك السوى دخل معه ضده من
السوى.
وقال لي ادخل إلى قبرك وحدك تراني وحدي فلا تثبت لي مع
سواي.
وقال لي إذا تعرفت إليك فاحذرني لا أجعل العذاب وما فيه
في جارحة من جوارحك وارج فضلي في أضعاف ذلك في كرامتك.
وقال لي أهل الحضرة هم الذين عندي.
وقال لي الخارجون عن الحرف هم أهل الحضرة.
وقال لي الخارجون عن أنفسهم هم الخارجون عن الحرف.
وقال لي اخرج من العلم تخرج من الجهل واخرج من العمل
تخرج من المحاسبة واخرج من الإخلاص تخرج من الشرك واخرج من الاتحاد إلى الواحد
واخرج من الوحدة تخرج من الوحشة واخرج من الذكر تخرج من الغفلة واخرج من الشكر
تخرج من الكفر.
وقال لي اخرج من السوى تخرج من الحجاب واخرج من الحجاب
تخرج من البعد واخرج من البعد تخرج من القرب واخرج من القرب ترى الله.
وقال لي لو تعرفت إليك بمعارف السطوة فقدت العلم والحس.
وقال لي للمحضر أبواب عدد ما في السماء والأرض وهو باب
من أبواب الحضرة.
وقال لي أول باب من أبواب الحضرة موقف المسئلة، أوقفك
فأسألك فأعلمك فتجيب فتثبت بتعرفي وتعرف معارفك من لدني فتخبر عني.
وقال لي ما النار، قلت نور من أنوار السطوة، قال ما
السطوة، قلت وصف من أوصاف العزة، قال ما العزة، قلت وصف من أوصاف الجبروت، قال ما
الجبروت، قلت وصف من أوصاف الكبرياء، قال ما الكبرياء، قلت وصف من أوصاف السلطان،
قلت ما السلطان، قلت وصف من أوصاف العظمة، قال ما العظمة، قلت وصف من أوصاف الذات،
قال ما الذات، قلت ما الذات قلت أنت الله لا إله إلا أنت، قال قلت الحق، قلت أنت
قولتني، قال لترى بينتي.
وقال لي الطبقة الأولى يعذبون بالسطوة والطبقة الثانية
يعذبون بالعزة والطبقة الثالثة يعذبون بالجبروت والطبقة الرابعة يعذبون بالكبرياء
والطبقة الخامسة يعذبون بالسلطان والطبقة السادسة يعذبون بالعظمة والطبقة السابعة
يعذبون بالذات.
وقال لي أهل النار يأتيهم العذاب من تحتهم وأهل الجنة
ينزل عليهم نعيمهم من فوقهم.
وقال لي ما الجنة، قلت وصف من أوصاف التنعيم، قال ما
التنعيم، قلت وصف من أوصاف اللطف، قال ما اللطف، قلت وصف من أوصاف الرحمة، قال ما
الرحمة، قلت وصف من أوصاف الكرم، قال ما الكرم، قلت وصف من أوصاف العطف، قال ما
العطف، قلت وصف من أوصاف الود، قال ما الود، قال وصف من أوصاف الحب، قال ما الحب، قلت
وصف من أوصاف الرضا، قال ما الرضا، قلت وصف من أوصاف الاصطفاء، قال ما الاصطفاء،
قلت وصف من أوصاف النظر، قال ما النظر، قلت وصف من أوصاف الذات، قال ما الذات، قلت
أنت الله، قال قلت الحق، قلت أنت قولتني، قال لترى نعمتي.
وقال لي الطبقة الأولى يتنعمون بالتنعيم والطبقة الثانية
يتنعمون بالكرم والطبقة الثالثة يتنعمون بالعطف والطبقة الرابعة يتنعمون بالود
والطبقة الخامسة يتنعمون بالحب والطبقة السادسة يتنعمون بالرضا والطبقة السابعة
يتنعمون بالاصطفاء والطبقة الثامنة يتنعمون بالنظر.
وقال لي قد رأيت كيف يسري العذاب وكيف يسري النعيم وإلي
يرجع الأمر كله فقف عندي تقف من وراء كل وصف.
وقال لي إن لم تقف وراء الوصف أخذك الوصف.
وقال لي إن أخذك الوصف الأعلى أخذك الوصف الأدنى.
وقال لي إن أخذك الوصف الأدنى فلا أنت مني ولا من معرفتي.
وقال لي أجللتك فاستخلفتك وعظمتك فاستعبدتك وكرمتك
فعاينتك وأحببتك فابتليتك.
وقال لي نظرت إليك فناجيتك وأقبلت عليك فأمرتك وغرت عليك
فنهيتك وأخلصتك لودي فعرفتك.
وقال لي القرآن يبني والأفكار تغرس.
وقال لي الحرف يسري حيث القصد جيم جنة جيم جحيم.
وقال لي إذا جاءني نطق الناطقين أثبته فيما به يطمئنون.
وقال لي إن آخذتك بذنب أخذتك بكل ذنب حتى أسألك عن رجع
طرفك وعن ضمير قلبك.
وقال لي إن قبلت حسنة جعلت السيئات كلها حسنات.
وقال لي من أهل النار، قلت أهل الحرف الظاهر، قال من أهل
الجنة، قلت أهل الحرف الباطن، قال ما الحرف الظاهر، قلت علم لا يهدي إلى عمل قال
ما الحرف الباطن، قلت علم يهدي إلى حقيقة، قال ما العمل، قلت الإخلاص قال لي ما الحقيقة،
قلت ما تعرفت به، قال لي ما الإخلاص، قلت لوجهك، قال ما التعرف، قلت ما تلقيه من
قلوب أوليائك.
وقال لي القول الخالص موقوف على العمل والعمل موقوف على
الأجل والأجل موقوف على الطمأنينة والطمأنينة موقوفة على الدوام.
موقف الموعظة أوقفني في الموعظة وقال لي احذر معرفة
تطالبك برد معارفي فتقلب وجدك وأختم بها على قلبك.
وقال لي احذر معرفة تحتج ولا تجيز وتوجب ولا تحمل وتلزم
ولا تيسر فيأخذك بها الحاكم وهو عدل وتحق بها الكلمة وهو فصل.
وقال لي ما تطالب المعرفة برد المعرفة لعجزها عن
الارتجاع إنما تثبت لمن سكنته قدماً في الجحود والشقاق.
وقال لي تب إلي ولست بتائب أو تعلن لي، وأعلن لي ولسن
بمعلن أو تصبر، واصبر لي ولست بصابر أو تؤثر.
وقال لي أعلن توبتك لكل شيء يستغفر لك كل شيء.
وقال لي تب إلي بمجامع علمك واجتمع علي بأقاصي همك.
وقال لي اجعل موعظتي بين جلدك وعظمك وبين نومك ويقظتك.
وقال لي اجعل تذكيري على أدواء أدواءك.
وقال لي أعلن توبتك بالنهار بالصيام وأعلن توبتك بالليل
بالقيام.
وقال لي قم يا تائب إلى ظهورك أفتح لك بابا إلى حبورك،
قم يا تائب إلى قرآنك أفتح لك بابا إلى أمانك.
قم يا تائب إلى دعائك أفتح بابا إلى كشف غطائك.
وقال لي قم يا تائب إلى ملاذك أفتح لك باب حطة في معاذك.
وقال لي أظهرني على لسانك كما ظهرت على قلبك وإلا احتجبت
عنك بك.
وقال لي إن احتجبت عنك بك عصيتني في كل حال وأنكرتني في
كل فال.
وقال لي إن لم تظهرني على لسانك لم أنصرك على عدوك.
وقال لي لا تذكر عذرك فتذكر ما منه، ولا تذكر ما منه
فترد به وتصدر عنه.
موقف الصفح والكرم أوقفني في الصفح والكرم وقال لي انا
رب الآلاء والنعم.
وقال لي تعرفت إلى القلم بمعرفة من معارف الإثبات وتعرفت
إلى اللوح بمعرفة من معارف الحزن.
وقال لي تعلق بي فأول عارض يعترض لك الحسنات فإن أجبتها
تعرضت لك السيئات.
وقال لي الحسنات محابس الجنة والسيئات محابس النار.
وقال لي اتبعني ولا تلتفت يميناً على الحسنات واتبعني
ولا تلتفت شمالاً على السيئات.
وقال لي ما حسنتك مطيتي فتحملني ولا سيئتك تعجبني
فتصدني، أنا أقرب إلى الحسنات من الهم بالحسنات وأنا أقرب إلى السيئات من الهم
بالسيئات.
وقال لي أنا أقرب من الهم إلى القلب المهتم.
وقال لي الحكم نقيب من نقباء العلم والذكر مادة من مواد
الجنة وباب من أبواب الزلفة.
موقف القوة أوقفني في القوة وقال لي هي وصف من أوصاف
القيومية.
وقال لي القيومية قامت بكل شيء.
وقال لي بين ما قام بالقوة وبين ما قام بالقيومية فرق.
وقال لي سري وصف القوة في كل شيء فيه قام على مختلف
القيام ولو سرى فيه وصف القيومية لرفع المختلف وقام به على كل حال.
وقال لي القيومية محيطة لا تخرق.
وقال لي القوة ماسكة والقيومية مقلبة والتقليب مثبت ماح.
وقال لي قوة القوى وضعف الضعيف من أحكام وصف القوة.
وقال لي أقوى القوة جهل لا يميل فمن دام فيه دام في
القوة ومن تميل فيه تميل في القوة.
وقال لي كلما قويت في الجهل قويت في العلم.
وقال لي إن أردت وجهي ركبت القوة.
وقال لي إن ركبت القوة فأنت من أهل القوة وإن أخذتك
القوة بيمينك وشمالك ألقيتها من وراء ظهرك.
وقال لي إن ركبت القوة نظرت بالقوة وإن ركبت القوة سمعت
القوة وإن ركبت القوة تصرفت بالقوة.
وقال لي إذا تصرفت في كل متصرف بالقوة لم تمل وإذا لم
تمل استقمت وإذا استقمت فقل ربي الله تعالى " بسم الله الرحمن الرحيم "
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا
ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون " صدق الله العظيم.
وقال لي لن تركب القوة حتى تتفرغ لي من سواي.
وقال لي أول القوة أن تتفرغ لي ورأس القوة أن تريد
بالعمل وجهي.
وقال لي القوة مطية الحاضرين والحضور بما فيه مطية
المنقطعين والانقطاع بما فيه مطية المقتطعين.
وقال لي المقتطعين جلساء الحكمة وسفراء الملكوت.وقال لي
لكل شيء معدن ومعدن القوة اجتناب النهي.
وقال لي المعدن مستقر وللمستقر أبواب وللأبواب طرق
وللطرق فجاج وللفجاج أدلاء وللأدلاء زاد وللزاد أسباب.
وقال لي حكمي الذي يجري في كل شيء قهراً هو حكمي الذي
يدينك إلي طوعاً.
وقال لي يا كاتب القوة لا بمعناك كتبتها فعرفتها ولا
بمعناك عرفتها فحملتها.
وقال لي إن وقفت والنار عن يمينك نظرت إليك فأطفأتها،
وإن وقفت والنار عن شمالك نظرت إليك فأطفأتها، وإن وقفت والنار أمامك لم أنظر إليك
لأني لا أنظر إلى من في النار.
وقال لي لا أنظر إليك والنار أمامك ولا أسمع منك والجنة
أمامك.
وقال لي إنما أنت متوجه إلى ما هو أمامك فانظر إلى ما
أنت متوجه إليه فهو الذي ينظر إليك وهو الذي تصير إليه.
وقال لي أقسمت على نفسي بنفسي لا ترك لي تارك شيئاً إلا
أتيته ما ترك أو زكى مما ترك، فإن أقله ما أتيته فذاك جزاء المخلصين وإن لم يقله
ما أتيته أتيته الحسنى وزيادة وأنا حسب العالمين الغافلين في أعمالهم عني.
وقال لي يا كاتب القوة لا بأقلامك سطرتها فأحصيتها ولا
بصحائفك أدركتها فاحتويتها.
وقال لي يا كاتب المعرفة لا بإبانتك أبنتها فأجريتها ولا
بتعجيمك عجمتها ففصلتها ولا بتفصيلك رتبتها فألفتها.
وقال لي يا كاتب القوة كتابة القوة بأقلام القوة وكتابة
المعرفة بأقلام المعرفة وكل كتابة فبأقلامها تسطر.
وقال لي أذنب الواجد بي جعلت عقوبته أن يذنب ولا يجد بي.
وقال لي إذا أذنب وهو واجد بي استوحش من نفسه واحتج لي
عليها، وإذا أذنب ولم يجد بي أنس بمبلغ تأويله واحتج علي.
وقال لي إذا قلبتك في الذنب بين الوجد بي وفقد الوجد
وأشهدتك الاحتجاج لي فقد غفرت الأول والآخر وصفحت عن الباطن والظاهر.
وقال لي ما أذنب مذنب وهو غير واجد بي إلا أصر فإذا وجد
بي أقلع، وما أذنب مذنب وهو واجد بي إلا تاب ولا أشهد وناب فلم يعاود إلا وقد غفرت
له وقبلت.
وقال لي إن لم تنتسب إلي نسبي لم تنفصل عن نسب سواي.
وقال لي نسبي ما علق بذكرى ونسبي ما علق بي في ذكرى
ونسبي ما أدام لي فيما علق بي ونسبي فيما أدام لي من أجلي.
وقال لي نسب السوى من أجل السوى.
وقال لي من جاءني بأجل سواي أوقفته مع ما جاء به أين
كانت درجته.
وقال لي الأجل مجمع الواقفين ومفرق المعلولين.
وقال لي لا تنقطع إلي حتى تنقطع لي ولا أقتطعك حتى تنقطع
علي.
وقال لي إن غذوت بمآكل قوم غذوت بقلوبهم وإذا غذوت
بقلوبهم غذوت بأعمالهم وإذا غذوت بأعمالهم غذوت بمنقلبهم.
وقال لي إن عرفتني بمعرفة الانقطاع إلي لم تنكرني، وإن
عرفتني بمعرفة المقام عندي لم تلوعني.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فميزان فيه ما أردت لي وميزان
فيه ما أردت لك.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فأنت من أهل الموازين.
وقال لي أهل الموازين أهل الورع وإن ثقل ما وزنوا.
موقف إقباله أوقفني في إقباله وقال لي لكل ولي باب يدخل
منه وباب يخرج منه.
وقال لي إنما أحشرك مع أبناء جنسك من كانوا وأين كانوا.
وقال لي أبناء جنسك أبناء شهوتك أو تركك وليس أبناء جنسك
أبناء عملك ولا أبناء معرفتك.
وقال لي إن قلت ما أقول قلت ما تقول.
وقال لي أول الاستجابة استجابتك للقول بقولك.
وقال لي الاستجابة أن تقول ما أقول ولا تلتفت إلى عاقبة
بضمير.
وقال لي الدعاء الخالص أدب من آداب الاجتماع.
وقال لي من إقبالي عليك أني أريدك بأن تريدني لتثبت في
الإقبال علي فأردني واشهدني أريدك بأن تريدني فتدوم بي وتنقطع عنك.
وقال لي فرقت السموات والأرض ومن فيهن من نار العذاب
وفرقت نار العذاب من نار الاستتار.
وقال لي أبناء همك جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء علمك
جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء عملك جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء شهوتك جمع
ويفترقون بالترك والتاركون أبناء ما أجله تركوا والآخذون أبناء ما من أجله أخذوا.
وقال لي إن لم يصعد عملك من الباب الذي نزل منه علمك لم
يصل إلي.
وقال لي إن لم تكن في أمري كالنار أدخلتك النار.
وقال لي انظر إلى النار كيف هي لي لا ترجع فكذلك كن لي
لا ترجع قولاً ولا فعلاً.
وقال لي عقوبة كل مذنب تأتي من مستمده فانظر من أين
تستمد فمن هناك ثوابك وعقابك فانظر من أين تستمد.
وقال لي الصلوات موقوفة على عشاء الآخرة تذهب بها أين
ذهبت.
وقال لي وكلت الظن بالعمل يحسن إذا حسن ويسوء إذا ساء.
موقف الصفح الجميل أوقفني في الصفح الجميل وقال لي أنا
يسرت المعذرة وأنا عدت بالعفو والمغفرة.
وقال لي إن أنزلتني في حسنتك نزلت في سيئتك.
وقال لي إن أنزلتني في حسنتك باهيت بها وإذا باهيت بها
أثبتها في بهائي، وإذا نزلت في سيئتك محوتها من كتابك ومحوتها من قلبك فلا تجد بها
فتستوحش ولا تفرغ إليها فتفترق.
وقال لي إن لم تعرف أي عبد أنت لي لم تعرف مني وإن لم
تعرف مقامك مني لم تثبت في أمري وإن لم تثبت في أمري خرجت من ظلي.
وقال لي اعرف مقامك مني وأقم فيه عندي، فرأيت الكون كله
جزيئة في جزيئة موصولة ومفصولة لا تستقل الموصولة من دونه بنفسها ولا بالمفصولة
ولا تستقل المفصولة بنفسها ولا بالموصولة، ورأيته قد حجب الموصولات والمفصولات
وختم على الحجاب بخاتمته ولم يؤذن المحجوب بختم الحجاب ولا بالحجاب فيكون الإيذان
له تعرفاً إليه بحكم من أحكام الفوت فيكون التعرف إليه سبباً موصولاً به فيخرج عن
الختم بالتعرف.
وقال لي اخرج عن الموصول والمفصول واخرج عن الحجاب
والختم وعن الخاتم فالحجاب صفة والختم والخاتم صفة، فاخرج عن الصفات وانظر إلي لا
تحكم علي الصفات ولا تهجم علي الموصوفات ولا تتعلق بي بالمتعلقات ولا تقتبس مني
المقتبسات.
وقال لي لا تجعل الكون من فوقك ولا من تحتك ولا عن يمينك
ولا عن شمالك ولا في علمك ولا في وجدك لا في ذكرك ولا في فكرك ولا تعلقه بصفة من
صفاتك ولا تعبر بلغة من لغاتك وانظر إلى من قبله، فذلك مقامك فأقم فيه ناظراً إلي
كيف كونت وكيف أكون وكيف قلبت ما أكون وكيف أشهدت وغيبت فيا قلبت وكيف استوليت على
ما أشهدت وكيف أحطت على ما استوليت وكيف استأثرت فيما أحطت وكيف فت فيما أستأثرت
وكيف قربت فما فت وكيف بعدت فيما قربت وكيف دنوت فيما بعدت، فلا تمل مع المائلات
ولا تمد مع المائدات وكن كأنك صفة لا تتميل ولا تتزيل.
وقال لي هذا مقام الأمان والظل وهذا مقام العقد والحل.
وقال لي هذا مقام الولاية والأمانة.
وقال لي هذا مقامك فأقم فيه تكن في إحسان كل محسن وفي
استغفار كل مستغفر.
وقال لي إذا أقمت في هذا المقام حوت صفتك جميع أحكام
الصفات الطائعات وفارقت صفتك جميع أحكام الصفات العاصيات.
وقال لي إذا أقمت في هذا المقام قلت لك قل فقلت فكان ما
تقول بقولي فشهدت الاختراع جهرة.
وقال لي إن ملت إلى العرش حبستك فيه فكان حجابك وإن
حبستك فيه دخل كل أحد إلى حبسك فيه فحسبت لشرفه من فعلك فإن رددتك إلى شرفه وإلى
فعلك كان حجابك.
وقال لي جد وجد الحضرة على أي صفة جاءك الوجد، فإن
عارضتك الصفات فأدعها وأدع موصوفاتها إلى وجدك، فإن استجابت لك فاهرب إلى الصفة
التي تجد بمقامك فيها وجد الحضرة فإن لم تهرب فارقك وجد الحضرة وتحكمت عليك صفات
الحجاب وموصوفاتها.
وقال لي اجعل سيئتك نسياً منسياً، ولا تخطر بك حسنتك
فتصرفها بالنفي.
وقال لي قد بشرتك بالعفو فاعمل به على الوجد بي وإلا لم
تعمل.
وقال لي إن ذهبت عن وجد المغفرة أذهبك ما ذهبت إليه إلى
المعصية، فحيث تسألني المغفرة فلا اصدق ما تقول ولا أتعرف من حيث تؤول.
وقال لي لا طريق إلى مقامك في ولايتي إلا الوجد منك
بعفوي ومغفرتي، فإن أقمت في الوجد بما بشرتك به من عفوي ومغفرتي أقمت في مقامك من
ولايتي وإن خرجت خرجت وإن خرجت فارقت.
وقال لي يا ولي قدسي واصطفاء محبتي.
وقال لي يا ولي محامدي يوم كتبت محامدي.
وقال لي قف في مقامك ففيه تجري عين العلم فلا تنقطع،
فإذا جرت فانظر حكمتها فيما تجري وانظر حكمتها فيما تسقي ولا تمض معها فتذهب عن
مقامك وعن العين فيه.
وقال لي أقم في مقامك تشرب من عين الحيوة فلا تموت في
الدنيا ولا في الآخرة.
وقال لي الذنب الذي أغضب منه هو الذي أجعل عقوبته الرغبة
في الدنيا والرغبة في الدنيا باب إلى الكفر بي فمن دخله أخذ من الكفر بما دخل.
وقال لي الراغب في الدنيا هو الراغب فيها لنفسه والراغب
فيها لنفسه المحتجب بها عني القانع بها مني.
وقال لي إن لم تدر من أنت لم تفد علما ولم تكسب عملاً.
وقال لي قد رأيت مقامي ورأيت الكون وأريتك نوريتك فأين
ذهبت بها ذهبت بها، فعلقت فتمخضت فوضعت فاستسعيتك فاسترهبتك فاستخدمتك.
وقال لي إن كنت من أهل القرآن فبابك في التلاوة لا تصل
إلا منه.
وقال لي كذلك بابك فيما أنت فيه من أهله.
وقال لي تلاوة النهار باب إلى الحفظ والحفظ باب إلى
تلاوة الليل وتلاوة الليل باب إلى الفهم والفهم باب إلى المغفرة.
موقف اقشعرار الجلود أوقفني في اقشعرار الجلود وقال لي
هو من أثار نظري وهو باب محضري.
وقال لي هو عن حكمي لا عن حكم سواي وهو عن حكم إقبالي
عليك لا عن حكم إقبالك علي.
وقال لي هي علامة حكم ذكرى لك لا علامة ذكرك لي وهي
علامتي ودليلي فاعتبر بها كل وجد وعقد فإن أقامت في شيء فهو الحق وإن فارقته فهو
الباطل.
وقال لي هي ميزاني فزن به وهي معياري فاعتبر به وهي
علامة اليقين وهي علامة التحقيق.
وقال لي أبواب الرجاء فيها مفتوحة وأبواب الثقة بي فيها
مبشرة.
وقال لي لا طريق إلي إلا في محجتها ولا مسير إلي إلا في
نورها.
وقال لي هي نور من أنوار المواصلة وهي نور من أنوار
المواجهة إذا بدا أباد ما سواه.
موقف العبادة الوجهية أوقفني في العبادة والوجهية وقال
لي هي صاحبة الروح والريحان عند الموت.
وقال لي العبادة الوجهية طريق المقربين إلى ظل العرش.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية ستأتيك الجنة فتتراءى
لقلبك وتتمثل لنفسك وستأتيك النار فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك، وأنا الحق الذي لا
يتراءى ولا يتمثل فإن نظرت إلى النار فرقت فلم تحمل لي حكمة، وإن نظرت إلى الجنة
سكنت فلم تحمل لي أدب المعرفة.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه وجهك إلي وجه وجه
همك إلي وجه وجه قلبك إلي وجه وجه سمعك إلي وجه وجه سكونك إلي.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية إذا أتتك النار والجنة
فسأشهدك منهما مواضع المعرفة وسأشهدك في مواضع المعرفة آثار النظر وسأشهدك في آثار
الظر مواضع التسبيح فاذهب عن كل آثار بكل آثار تذهب عن زخارف الجنة وعن بأساء النار.
وقال لي إنما أشهدتك الآثار بعد الآثار لاذهبك عن الجنة
والنار لأن الآثار هي الاغيار.
وقال لي لا أرضى لك أن تقيم في شيء وإن رضيته أنت عندي
أكبر منه فأقم عندي لا عنده.
وقال لي أتدري ماذا أعددت لصاحب العبادة الوجهية، عتب
أبوابهم من شرف قباب من سواهم وأبوابهم من شرف مقاصير من سواهم.
وقال لي كل أحد في الجنة يأتيني فيقف في مقامه إلا أهل
العبادة الوجهية فإنهم يأتوني مع الناس عامة وآيتهم من دون الناس خاصة.
وقال لي فضل المنزل الذي آتيه على المنزل الذي لا آتيه
كفضلي على كل ما أنا منشئه.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهل الصبر الذي لا يهرم
وأهل الفهم الذي لا يعقم.
وقال لي أهل العبادة الوجهية وجوه الناس ترفع إليهم
الوجوه يوم القيامة.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهلي أهل خلتي أهل الشفاعة
إلي أهل زيارتي.
وقال لي كما يأتيك التثبيت في تهجدك كذا يأتيك التثبيت
في يوم موردك.
وقال لي إذا وقفت بين يدي فبقدر ما تقبل الخاطر يأتيك
الروع وبقدر ما تنفيه ينتفى عنك الحكم والروع.
وقال لي أنت على أعوادك بما أنت فيه في القيام، وأنت في
مطلعك بما أنت به في الركوع، وأنت في متوسدك بما أنت به من السجود.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه كل شيء ما أشهدك
أنه متعلق بي منه فتشهده فتعمله فتعرفه لا يتعبر لا فتعبره ولا يترجم لك فتترجمه
فذلك من العلم الصامت.
وقال لي إذا سترت عنك وجه كل شيء رأيت ذلك المعنى الذي
شهدته متعلقاً بي منه داعياً لك إلى التعلق به.
وقال لي إذا كشفته لك فلا أستره أو تستره، وإذا عرفته
فلا أنكره أو تنكره.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية أتدري ما وجه همك فتقبل
به علي أم تدري ما وجه قلبك فتقبل به علي، وجه همك أقصاه ووجه قلبك سكونه.
وقال لي همك جميعه فكل همك وجه، ووجه قلبك جميعه فكل
قلبك وجه، فأين صرفت الوجه انصرف وأين أقبلت به أقبل.
وقال لي سكون قلبك عين قلبك وهو الطمأنينة، وأقصى همك
عين همك وهو موضع الغرض.
وقال لي إذا سميتك فلم تعمل على التسمية فلا اسم لك عندي
ولا عمل.
وقال لي إذا سميتك فعملت على التسمية فأنت من أهل الظل.
وقال لي أهل الأسماء أهل الظل.
وقال لي لا يقف في ظل عرشي إلا مسمى عمل على تسميته.
وقال لي صلوة المتهجد بالليل بذر يسقيه ماء عمل بالنهار.
وقال لي اللسان يسقي ما بذر اللسان والأركان تسقي ما
بذرت الأركان.
وقال لي إن أردت أن تنقطع إلي فأظهرني على لسانك وادع
إلى طاعتي بمواعظك ينقطع عنك القاطعون ويواصلك في الواصلون.
وقال لي يا كاتب الكتبة الوجهية ويا صاحب العبارة
الرحمانية إن كتبت لغيري محوتك من كتابي وإن عبرت بغير عبارتي أخرجتك من خطابي.
وقال لي يا كاتب الكتبة الرحمانية ويا فقيه الحكمة
الربانية.
وقال لي يا كاتب النعماء الإلهية ويا صاحب المعرفة
الفردانية.
وقال لي يا كاتب القدس المسطور بأقلام الرب على أوجه
محامده أنت في الدنيا والآخرة كاتب.
وقال لي يا كاتب النور المنشور على سرادقات العظمة اكتب
على رفارفها تسبيح ما سبح واكتب على تسبيح ما سبح معرفة من عرف.
وقال لي أنت كاتب العلم والأعلام وأنت كاتب الحكم
والأحكام.
وقال لي أنت كاتب الرحمن في يوم المزار وأنت كاتب الرحمن
في دار القرار.
وقال لي يا كاتب الجلال في دار الجلال اكتب بأقلام
الكمال على أوراق الإقبال.
وقال لي أنت كاتب المجد المجيد وأنت كاتب الحمد الحميد.
وقال لي اقرأ كتابك بعين المغفرة واختم كتابك بخاتم
الزلفة.
وقال لي أنت كاتب المنن والإحسان وأنت كاتب البيان
والبرهان.
وقال لي أنت كاتب الحضرة الدائمة وأنت كاتب القيومية
القائمة.
وقال لي أنت الكاتب فاكتب لي بأقلام تسليمك إلي واختم
كتابك بخاتم الغيرة علي.
وقال لي إذا سميتك فتسم ولا تتسم عند نفسك.
وقال لي علمك يرجع إلي بما حوى ونفسك ترجع إليها بما
حوت، فإذا تسميت عند علمك رجع إلي به ربك وإذا تسميت عند نفسك رجعت إليها بها وبك.
موقف الاصطفاء أوقفني في الاصطفاء المصطفين وقال لي أنا
المتعرف إلى الحمادين وأنا المستجد الآلاء إلى الأوابين.
وقال لي إذا أردت لقاء الحمادين آذنتهم بالقدوم علي،
فإذا طابت به نفوسهم توفيتهم طيبين.
وقال لي اليد التي لا تسألني حتى ابتدئ يدي، واليد التي
لا تأخذ إلا مني يدي، واليد التي لا تسأل غيري يدي.
موقف الإسلام أوقفني في الإسلام وقال لي هو ديني فلا
تبتغ سواه فإني لا أقبل.
وقال لي هو أن تسلم لي ما أحكم لك وما أحكم عليك، قلت
كيف أسلم لك، قال لا تعارضني برأيك ولا تطلب على حقي عليك دليلاً من قبل نفسك فإن
نفسك لا تدلك على حقي أبداً ولا تلتزم حقي طوعاً، قلت كيف لا أعارض، قال تتبع ولا
تبتدع، قلت كيف لا أطلب على حقك دليلاً من قبل نفسي، قال إذا قلت لك إن هذا لك تقول
هذا لي وإذا قلت لك هذا لي تقول إن هذا لك فيكون أمري لك هو مخاطبك وهو المستحق
عليك وهو دليلك فتستدل به عليه وتصل به إليه، قلت فكيف أتبع، قال تسمع قولي وتسلك
طريقي، قلت كيف لا أبتدع، قال لا تسمع قولك ولا تسلك طريقك، قلت ما قولك، قال
كلامي، قلت أين طريقك، قال أحكامي، قلت ما قولي، قال تحيرك، قلت ما طريقي، قال
تحكمك، قلت ما تحكمي، قال قياسك، قلت ما قياسي، قال عجزك في علمك، قلت كيف أعجز في
علمي، قال إني ابتليتك في كل شيء مني إليك بشيء منك إلى فابتليتك في علمي بعلمك
لأنظر أتتبع علمك أو علمي وابتليتك في حكمي بحكمك لأنظر أتحكم بحكمك أو بحكمي، قلت
كيف أتبع علمي وكيف أعمل بحكمي، قال تنصرف عن الحكم بعلمي إلى الحكم بعلمك، قلت
كيف أنصرف عن الحكم بعلمك إلى الحكم بعلمي، قال تحل بكلامك ما حرمته بكلامي وتحرم بكلامك
ما حللته بكلامي وتدعي على أن ذلك بإذني وتدعي على أن ذلك عن أمري، قلت كيف ادعي
عليك، قال تأتي فعل لم آمرك به فتحكم له بحكمي في فعل أمرتك به وتأتي بقول لم آمرك
به فتحكم له بحكمي في قول أمرتك به، قلت لا آتي بفعل لم تأمرني به ولا آتي بقول لم
تأمرني به، قال أن أتيت به كما أمرتك فقولي وفعلي وبقولي وفعلي يقع حكمي وإن أتيت
به كما لم آمرك به فقولك وفعلك وبقولك وفعلك لا يقع حكمي ولا يكون ديني وحدودي.
وقال لي إن سويت بين قولي وقولك أو سويت بين حكمي وحكمك
فقد عدلت في نفسك، قلت لا حكم إلا لقولك وفعلك، قال فقهت، قلت فقهت، قال لا تمل،
قلت لا أميل، قال من فقه أمري فقد فقه ومن فقه رأى نفسه فما فقه.
موقف الكنف أوقفني في الكنف وقال لي سلم إلي وانصرف، إنك
إن لم تنصرف تعترض إنك إن تعترض تضادد.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت ما
الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط،قلت ما
الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت كيف، قال
تسلم إلى بقلبك وتسلم إلى الوسائط ببدنك.
وقال لي تسلم إلي وتنصرف هو مقام القوة، والقوة التي هي
مقام قوة وضعف فرقاً بينهما وبين قوة لا ضعف لها.
وقال لي قوة القوي أن يسلم ولا ينصرف، وضعف القوى أن
يسلم وينصرف.
وقال لي الحقيقة أن تسلم ولا تنصرف وأن لا تأسي ولا تفرح
ولا تنحجب عني ولا تنظر إلى نعمتي ولا تستكين لإبتلائي ولا تستقرك المستقرات من
دوني.
وقال لي مقام الصديقية أن تسلم إلي وتنصرف، ومقام النبوة
أن تسلم إلي وتقف.
وقال لي انظر إلى كل بشير يبشرك بعفوي وكل بشير يبشرك
بنعمتي وعطفي فاردد ذلك إلي على مطايا الحرف وقل يا ألف هذا الألف فاحمله ويا باء
هذه الباء فاحملها ويا حرف هذه الحرف فاحمله، فإني أنا المبدي وأنا المعيد كتبت
على جميع ما أبديت لأبدينك وكتبت عليه لما بدا لأعيدنك، فأرجعه إلي أخزنه في خزائن
نظري ثم أعبده إليك في يوم اللقاء وقد ألبسته بيدي ونورت له من نوري وكتبت على
وجهه محامد قدسي وحففته في يوم لقائك بعظماء ملائكتي.
وقال لي إن رددته إلي على مطايا الحرف أتلقاه بوجهي
وأضحك إليه بحبي وأبوءه داري وأجعله روضة من رياض نظري فيماذا ترى أن أزوده إليك
من جلال كرمي.
وقال لي من لم يرد إلي ما أبديته من كل معرفة أو علم أو
عمل أو حكم ارتجعت ذلك منه بصفة ويشاهد من شواهد صفته ثم لك أسكن ذلك المرتجع
جواري ولم أجعله في مستودعات نظري وغدوته من يد الضنين به ثم أعيده إليه يوم قيامه
فيعود إليه بسوء آثاره ويرد منه على شناره وخسارة.
وقال لي أردد إلي علمك أردد إلي عملك أردد إلي وجدك أردد
إلي أخر همك، أتدري لم ترد ذلك إلي لأحفظه عليك فأودعنيه أنظر إليه في كل يوم
فأبارك لك فيه وأزيدك من مزيد نعمتي فيه وأزيدك من مزيد تعرفي فيه، واجعل قلبك
عندي لا عندك ولا عند ما أودعتنيه خالياً منك وخالياً مما أودعتنيه أنظر إليه
فأثبت فيه ما أشاء وأتعرف إليه بما أشاء تسمع مني وتفهم عني وتراني فتعلم أني.
وقال لي لن تزال محجوباً بحجاب طبيعتك وإن علمتك علمي
وإن سمعت مني حتى تنتقل إلى العل بي وحتى تنتقل إلي عن سواي كما اقتطعت قلبك عن
التعلم من سواي وأشرفت به على مطلع الأفئدة في العلوم.
وقال لي إن الذي تعرفت به إليك هو الأزمة للقلوب إلي وبه
تقاد إلى معرفتي، فاجذبهما إلي ولن تجذب بها حتى تنقطع إلي بها وإن لم تقدها إلي
لأوتينك أجرها وخفني على تقلبها.
كتاب المخاطبات
مخاطبة 1 يا عبد إن لم أنشر عليك مرحمة الرحمانية لطوتك
يد الحدثان عن المعرفة.
يا عبد إن لم تنر أنوار جبروتي لخطفتك خواطف الذلة
وطمستك طامسات الغيار.
يا عبد إن لم أسقك برأفتي عليك أكواب تعرفي إليك أظمأك
مشرب كل علم وأحالتك برقه كل خاطر.
يا عبد أنا الناطق وما نطقي النطق، وأنا الحي وما حيوتي
الحيوة، أحلت العقول عني فوقفت في مبالغها، وأذهلت الأفكار عني فرجعت إلى متقلبها.
يا عبد أنا الحاكم الذي لا يحكم عليه، وأنا العالم الذي
لا يطلع عليه.
يا عبد لولا صمودي ما صمدت ولولا دوامي ما دمت.
يا عبد اخرج من همك تخرج من حدك.
يا عبد لو لم أكتبك في العارفين قبل خلقك ما عرفتني في
مشهود وجدك لنفسك.
يا عبد إن لم تعرف من أنت مني لم تستقر في معرفتي.
يا عبد إن لم تستقر في معرفتي لم تدر كيف تعمل لي.
يا عبد إن عرفت من أنت مني كنت من أهل المراتب.
يا عبد أتدري ما المراتب، مراتب العزة يوم قيامي ومراتب
التحقيق في يوم مقامي أولئك يلوني وأولئك أوليائي.
يا عبد اعرف من أنت يكن لقدمك ويكن أسكن لقلبك.
يا عبد إذا عرفت من أنت حملت الصبر فلم تعي به.
يا عبد إذا عرفت من أنت أشهدتك محل العلم بي من كل عالم
ومقر الوجد بي من كل واجد، فإذا أشهدتك ذلك كنت من شهودي على العالمين وإذا كنت من
شهودي على العالمين فأبشر بمرافقة النبيين.
يا عبد أنا أولى بك إن عقلت وأنت أولى بي إن حملت.
يا عبد لا أزال أتعرف إليك بما بيني وبينك حتى تعلم من
أنت مني، فإذا عرفت من أنت مني تعرفت بما بيني وبين كل شيء.
يا عبد أنا القريب منك ولولا قربي منك ما عرفتني، وأنا
المتعرف إليك لولا تعرفي إليك ما أطعتني.
يا عبد الجأ إلي في كل حال أكن لك في كل حال.
يا عبد اقصدني وتحقق بي فإن الأمر بيني وبينك، إذا
أشهدتك أن ذكرى لا يمنع مني وأن أسمى لا يحجب عني وأنني أمنع بذكرى من أشاء ممن
أشاء وأحجب باسمي من أشاء عمن أشاء فأنت من خاصتي.
يا عبد أنا أولى بك من علمك وأنا أولى بك من علمك وأنا
أولى بك من رؤيتك، فإذا علمت فصر وما علمت إلي فاستمع مني فيه واحمل إلي رؤيتك
ووقفتك وقف بين يدي وحدك لا بعلم فإن العلم لا يواريك عني ولا بعمل فإن العمل لا
يعصمك مني ولا برؤية فإن الرؤية لا تغني مني ولا بوقفة فإن الوقفة لا تملك بها مني.
يا عبد قف بين يدي في الدنيا وحدك أسكنك في قبرك وحدك
وأخرجك منه إلي وحدك وتقف بين يدي في القيامة وحدك، وإذا كنت وحدك لم تر إلا وجهي
وإذا لم تر إلا وجهي فلا حساب ولا كتاب وإذا لا حساب ولا كتاب فلا روع وإذا لا روع
فأنت من الشفعاء.
يا عبد الوجد بما دوني سترة عن الوجد بي وبحسب السترة عن
الوجد بي فتأخذ منك الباديات كنت من أهلها أم لم تكن من أهلها.
مخاطبة 2
يا عبد أخلصتك لنفسي فإن أردت أن يعلم بك سواي فقد أشركت
بي وإذا سمعت من سواي فقد أشركت بي، أنا ربك الذي سواك لنفسه واصطفاك لمحادثته
وأشهدك مقام كل شيء منه لتعلم أن لا مقام لك في شيء من دونه، إنما مقامك رؤيته وإنما
إفرادك حضرته.
يا عبد إني جعلت لك في كل شيء مقام معرفة وإني جعلت لك
في مقام كل معرفة مقام تعلق لتكون بي لا بالمقامات ولتكون عني لا عن النهايات، إني
اصطفيتك عن البدايات فأجريتك عنها إلى النهايات ثم اصطفيتك عن النهايات فرحلتك
عنها إلى الزيادات ثم اصطفيتك عن الزيادات فرحلتك عنها إلي، فالبدايات علمك
ونهاياتها عملك والزيادات علم وجدك عندي أتعرف إليه بما أشاء وألقى إليه ما أشاء
وأنا إليك أنظر لا إلى البدايات ولا إلى النهايات ولا إلى الزيادات ولا إلى الشيء
هو بينك وبيني إذ لا بين بيني وبينك، أنا أقرب إليك من كل شيء فلا بين وأنا أقرب
إليك منك فلا أحاطة لك بي، أنت حد نفسك وأنت حجاب نفسك كيف كنت وكيف تعرفت إليك
وأنت منظري فلا الستور المسدلة بيني وبينك وأنت جليسي لا الحدود بينك وبيني.
يا عبد لي جلساء أشهدتهم حضرتي وأتولاهم بنفسي وأقبل
عليهم بوجهي وأقف بينهم وبين كل شيء غيرة عليهم من كل شيء، ذلك لأردهم إلي عن كل
شيء وذلك ليفقهوا عني ولتوقن بي قلوبهم، إني أنا أخاطبهم، أولئك أولياء معرفتي بها
ينطقون وعليها يصمتون فهي كهف علومهم وعلومهم كهوف أنفسهم.
يا عبد إنما أظهرتك لعبادتي فإن كشفت عن سدولك فلمحادثتي
وإن أقبلت عليك فلمجالستي.
مخاطبة 3
يا عبد قف بيني وبين أوليائي لتسمع عتبي وعتابي ولترى
لطفي وقربي ولتشهد حبي لهم لا يدعهم أن يرجعوا عني ولا يخلى بين غفلاتهم وبينهم عن
ذكرى لأني أنا اصطنعتهم لمناجاتي وأنا صغتهم لتعرفي ولأنني أنا صغتهم واصطفيتهم لودي.
يا عبد انتقل بقلبك عن القلوب التي لا تراني، إن لي
قلوباً أبوابهم إلي مفتوحة وأبصارهم إلي ناظرة تدخل إلي بلا حجاب هي بيوتي التي فيها
أتكلم بحكمتي وفيها أتعرف إلى خليقتي، فانظر قلبك فإن كان من بيوتي فهو حرمي فلا
تسكن فيه سواي لا علمي فليس علمي من بيوتي ولا ذكرى فليس ذكرى من بيوتي، إنك إن
أسكنت فيه ساكناً حجبتني فانظر ماذا تحجب.
يا عبد انظر ما آتيتك من علم ومعرفة وما آتيتك من ذكر
وموعظة وما آتيتك من حكمة وتبصرة فاجعل ذلك حرساً على أبواب قلبك وحجاباً لسواي
عنه.
يا عبد إذا عراك أمر فكله إلي أكفك عقباه وعاجلته.
يا عبد أنا لما عراك خير من فكرك وأنا على ما طرقك أقوى
من دفعك.
يا عبد انتقل ببطنك عن بطون المترفين ذوي الشهوات
المحجوبات عن الكرامات وذوي الارادات الموصولات بالمهانات.
يا عبد إذا انتقلت بقلبك وبطنك ألبستك لباس الصبر العاصم
فآتيتك في كل شيء حكمته فتثبت على مرادي منك فيه، فإن تكلمت فبنصري وحجتي وإن سكت
فعلى بينة مني.
يا عبد إن انتقلت بقلبك قبل بطنك رجع قلبك، وإن انتقلت
ببطنك لم ترجع قلبك.
يا عبد اجعل بطنك كبطون الصالحين أجعل قلبك كقلوبهم.
يا عبد إن انتقلت ببطنك انتقلت عن أعدائي، وإن انتقلت عن
أعدائي فأنت من أوليائي.
يا عبد من عندي إلى الأشياء وإلا أخذتك، ومن عندي إلى لا
من الأشياء إلي وإلا صحبتك.
يا عبد إن صحبتك الأشياء قطعت بك.
يا عبد سبقت إليك بتعرفي إليك اجتباء ولا أشياء بيني
وبينك، ثم أظهرت لك الأشياء ابتلاء، فأقم في مقام اجتبائي لك أقم بك في مقام
ابتلائي لك.
يا عبد كن عندي لا عند شيء فإن ذكرك بي شيء أو جمعك على
فإنما ذكراك بي لتتساه لا لتنساني ولتكون عندي لا عنده، وإنما جمعك علي لتتفرق عنه
لا عني.
يا عبد إذا أوجدتك حكومة الصبر في شيء فقد جعلت لك
العافية فيه.
يا عبد انظر إلى صفتك التي فيها أظهرتك وبها ابتليتك
تنظر إلى ما بيني وبينها خطاب ولا بينها وبيني أسباب فتعلم أنك مخاطبي لا هي.
يا عبد أظهرتك لتدأب فيما سترك عني فلا بنيتك وصنعتك
لتقبل وتدبر فيما فرقك عن محادثتي.
يا عبد لا تعتذر فمخالفتي أعظم من العذر، وإن تعتذر
فكرمي أعظم من الذنب.
مخاطبة 4
يا عبد أفقدتك الوجد بي حجبتك عن العلم بي، وإن حجبتك عن
العلم بي علقتك بعلم من المعلومات سواي، وإن علقتك بعلم من المعلومات سواي أوجدتك
بك، وإن أوجدتك بك عاد وجدك بك حاجباً عن المعلومات فلا لك علم بمعلوم وأنت بك واجد
ولا لك علم بي وأنت بالمعلومات متعلق.
يا عبد لو جمعت النطقية في حرف وجمعت الصمتية على هم
وتعلق بي ذلك الحرف وأقبل علي ذلك الهم ما بلغا كنه حمدي فيما أنعمت ولا حملا رؤية
قربي فيما أحطت.
يا عبد أنا الذي لا تحيط به العلوم فتحصره، وأنا الذي لا
يدركه تقلب القلوب فتشير إليه، حجبت ما أبديت عن حقائق حياطتي بما أبديت من غرائب
صنعتي وتعرفت من وراء التعرف بما لا ينقال للقول فيعبره ولا يتمثل للقلب فيقوم فيه
ويشهده.
يا عبد آية معرفتي أن تزهد في كل معرفة فلا تبالي بعد
معرفتي بمعرفة سواي.
يا عبد لا تخرج في غيبتي عن ذكرى فيغلبك كل شيء ولا
أنصرك.
يا عبد اعتبر محبتي في نصري لك.
يا عبد اطلب نصري لك في تقلب قلبك.
يا عبد لئن أقمت في رؤيتي لتقولن للماء أقبل وأدبر.
يا عبد من الماء كل شيء حي فلئن تصرفت فيه فلتتصرفن فيما
فيه.
يا عبد أعززتك فما أقدر قدرك على شيء، صنعت لك كل شيء
فكيف أرضاك لشيء.
يا عبد إذا رأيتني تساوى الخوف والأمن.
يا عبد لو أردت الكون فقلبته على أسراره ما استوى فيه
ضدان.
يا عبد أثبتت رؤيتي قلبك ومحت الكون فالثبت يحكم في
المحو.
يا عبد إذا رأيتني فكل شيء أنا مبديه فكيف تسأل ما أنا
مبديه عما أنا مبديه أهل أطلع علي فيما أنا مبديه.
يا عبد إذا رأيتني فكيف تقول لما بدا أين سره أو تقول
لما خفي أين جهره.
يا عبد أنا أولى بك مما أبدى وأنت أولى بي مما أخفى.
يا عبد أنا ربك الذي تعلم وأنت عبدي الذي تعلم فأسجد
علمانيتك بك لعلمانيتك بي.
يا عبد إذا رأيتني فالعلم ماء من مائك فأجره أين شئت
لتثبت به ما شئت.
يا عبد إذا لم ترني فاسمع لعلمك بي وأطعه، إنما علمك بي
دليلك فإذا رأيتني فقف أنت في مقامك وخل علمك ليقوم من وراء مقامك.
مخاطبة 5 يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف
تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على
المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما
علمت فلا تطلب مني أكفك البتة.
يا عبد سقط الحرف وهدمت الدنيا والآخرة واحترق الكون كله
وبدا الرب فلم يقم له شيء فلولا أنه بدا بما احتجب واحتجب بما بدا لما بقي شيء ولا
فني شيء، ولو بدا بما بدا لا بدا أبديه على ما له بدا، ولو احتجب بما احتجب لما عرفه
قلب ولا جرى ذكره على خليقة.
يا عبد اقصدني بمالك وأهلك وعلمك وجهلك.
يا عبد أرني قلبك وأعرض علي خواطرك فإن لم تخل بيني
وبينك لم أخل بينك وبين شيء منك.
يا عبد تعرفت إليك لا في شيء ولا لشيء ولا بحاجزية من
علم شيء ولا لأجلية شيء فما ضرك شيء وكونتك فغرت عليك أن ينفعل أو تنفعل في
التكوين بك.
يا عبد أحللني محل جهلك وعلمك منك لا تجهل ولا تعلم
وتراني وحدي فيسألك الجهل عن الجهل فتخبره ويسألك العلم عن العلم فتخبره، فلا أنت
في الأخبار ولا به ولا أنت في المخبر ولا به، فت الفوت وضعت الكل بين يديك ورأيتني
لا هو وقلت ولم يقل لك أنا ألحقت القول بالكلية الموضوعة ورأيتني من وراء القول ولم
تر القول ولم تر الكلية من وراء الوضع فأنت المصنوع له كل شيء وأنا الناظر إليك لا
إلى شيء.
مخاطبة 6 يا عبد كأنك أعطيت سواي عهداً بطاعتك إن دعاك
لبيته والتلبية إسراع في الإجابة وإن صمت عنك ابتدأته والابتداء طاعة المحب.
يا عبد انظر إلى كرم الخطاب ولطفي بك أين ما صرف العتاب
أقول كأنك وأنت إنك.
يا عبد من لم تكن له حقيقة به كيف يضر أو ينفع.
يا عبد إذا رأيتني جزت النفع والضر.
يا عبد إذا جزت الضر والنفع أخذت بذنبك من آخذ وغفرت
بحسنتك لمن أغفر.
يا عبد إذا علمت فقل ربي أعلم بعلمي لا أقضى بعلمي ولا
أسئلة عن علمه.
يا عبد إذا ضيعت فرض ما تعلم فما تصنع بعلم ما تجهل.
يا عبد إذا رأيتني كان ذنبك أثقل من السماء والأرض.
يا عبد غرق البلاء فيما نفى من علوم الغيبة في الرؤية.
مخاطبة 7 يا عبد همك المحزون علي " بسم الله الرحمن
الرحيم كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء صدق الله العظيم.
يا عبد ما كنت تعلم علم همك المحزون علي هو تحت كاف
التشبيه كالشعاع تحت السحاب.
يا عبد قل لبيك رب كل حال.
يا عبد الحزن علي حقيقة الحزن.
يا عبد أنا عند الحزين وإن أعرض عني.
يا عبد كيف يحزن علي من لم يرني أم كيف لا يحزن على من
رآني.
يا عبد قل لبيك رب أكتبك مجيباً من وجه.
يا عبد إن كتبتك مجيباً من وجه كتبتك مجيباً من كل وجه
وإن كتبتك مجيباً من كل وجه جعلت لك بين يدي موقفاً وجعلت كل شيء وراء ظهرك.
يا عبد إذا وقفت بين يدي فوار عني كل شيء حتى همك
المحزون علي.
يا عبد جزاء المحتمل في أن لا أغيب عنه أين حل.
يا عبد اجعل لي من بيتك وطناً كما جعلت لذكرى من قلبك
وطناً.
يا عبد شكرني همك المحزون عن كل شيء إثباتي الحزن فيه
على من يشكره عنه.
يا عبد شيء كان وشيء يكون وشيء لا يكون، فشيء كان حبي لك
وشيء يكون تراني وشيء لا يكون لا تعرفني معرفة أبداً.
يا عبد الهم المحزون كالمعول في الجدار المائل.
يا عبد لكل شيء قلب وقلب القلب همه المحزون.
يا عبد القلب ينقلب قلب القلب لا ينقلب.
يا عبد المتقلب يصلح على كل شيء، ما لا ينقلب لا يصلح
على شيء.
يا عبد وار جسمك أوار قلبك، وار قلبك أوار همك، وار همك
تراني.
يا عبد هذا ما عهد ربك إلى الضعيف أتخذ عهداً بالخلوة
أنصرك وإلا فلا.
يا عبد ما لم ترني فالبلاء يسير أو كاد أن لا بلاء إنما
هي أعواض تقلبك على أعواض، فإن رأيتني طالبتك بأن لا تغيب عني فلم تجد عني عوضاً
ولا علي صبراً وكانت الغيبة حديثك وقلت لك عهدت إليك في رؤيتي أن لا أقبلك في
غيبتي ولو جئت برؤيتي.
مخاطبة 8 يا عبد من لم يستحي لزيادة العلم لم يستحي
أبداً.
يا عبد لا تتصرف فيك أخدمك كل شيء على عين ترعاه من حسن
الاختيار.
يا عبد إن أردت أن تنظر إلى قبح المعصية فانظر إلى ما
جرى به الطبع وحالفة الهوى.
يا عبد علامة مغفرتي في البلاء أن أجعله سبباً لعلم.
يا عبد جعلت لكل شيء وجعلت فتنته في وجهه، وجعلت وجهك
وجدك بك ووجه الآخرة ما عاد عليك، وأمرتك بالغض عن كل وجه لتنظر إلى وجهي وأنت
بينك وبين سببك واختياري ولا أنت ولا سببك وأنا ولا ظهور اختياري لك ولا فيك.
يا عبد عبدي الأمين علي هو الذي رد سواي إلي.
مخاطبة 9 يا عبد عذرت من أجهلته بالجهل مكرت بمن أجهلته
بالعلم.
يا عبد صل لي بقلبك أكشف لك عن قرة عينه في الصلوة.
يا عبد لا تتبع الذنب بالذنب أسلبك الغم عليه فتطمئن به
فآخذك به.
يا عبد إذا رأيتني رأيت منتهى كل شيء.
يا عبد إذا رأيت منتهى كل شيء أدركت كل شيء وجزت كل شيء.
يا عبد لقد أحببتك الحب كله، أتجلى لك فلا أرضاك لشيء
حتى تحادثني فتكون بما أتجلى به، أشبهت حكمة ذلك متحابين ناظرين.
يا عبد لقد استحيتيك حق الحياء إذا لم آمرك وأنهك إلا من
وراء حجاب.
يا عبد رأيتني قبل الشيء فعرفت ما رأيت وهو الذي إليه
تصير، وإني سآتيك من وراء الشيء فإذا رأيتني ورأيته فاستعذ بي مني وصدقني على ما
أثبت فيه به منه أحتجب من ورائه فيبقى لا حكم له به وأردك إلى ما رأيت قبله، تلك
أمانتي عنده " بسم الله الرحمن الرحيم ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه
أجراً عظيماً صدق الله العظيم.
مخاطبة 10 يا عبد كم شيء دفعته بيدك جعلته رزقك وكم ثبتت
يدك على رزق هو لغيرك فكن عندي وانظر إلي كيف أجرى القسم ترى العطاء والمنع اسمين
لتعرفي إليك.
يا عبد مبلغك من العلم ما به تطمئن.
يا عبد حاجتك ما يقلبك عن الحاجة.
يا عبد اتقني ومن دون تقواي نجاة.
يا عبد كيف تستجيب لعلمك وأنا الرب.
يا عبد ما منعتك لضني عليك وإنما منعتك لأعرض عليك الجزء
المبتلي منك لتعرفه فإذا عرفته جعلته سبباً من أسباب تعرفي إليك فسويت بين
الاختلاف والائتلاف فرأيتني وحدي علمت أنني لك أظهرت ما أظهرت ولك أسررت ما أسررت.
يا عبد لو علمتك ما في الرؤية لحزنت على دخول الجنة.
يا عبد ما أنت بعامل في الرؤية إنما أنت مستعمل.
يا عبد قم إلي لا إلى مسافة تقطع بضعفك ولا حاجة تعجز
فقرك.
يا عبد عذرتك ما بقي العلم في لا وبلى.
يا عبد لا أرفع العلم عذرتك على كل حال.
يا عبد قم إلي تتبع سبباً مواصلاً.
يا عبد قم إلي أعطك ما تسأل، لا تقم إلى ما تسأل أحتجب
ولا أعطي.
يا عبد كيف أنت إذا ندبت كذلك انا إذا دعوت.
يا عبد تحذيراً وحكمة مقام أنا الرؤوف بك أين فلت وأنا
المقيل لك أين عثرت.
يا عبد ألم ترني لم أرضك لشكري ولا ذكري حتى أشهدتك
رؤيتي فكانا وراء ظهرك، إنما اصطفيتك لنفسي وارتضيتك لرؤيتي لكن طبعتك على الغيبة
عني فرقاً بينك وبين مداومتي، فإذا رجعت إلى الغيبة فما رجعتك عن رؤيتي لك وإنما
رجعتك عن رؤيتك لي، هنالك جعلت لك الغيبة مسرحاً فاذكرني فيها بذكرى الذي أحببت أن
أذكر به فإني لا أقفك في الغيبة ولا أرضى بمثواك في العبادة فأنصبها لك أبواباً
وطرقاً أوصلك منها إلى الرؤية فإذا رأيتني أحرقت ما جئت به.
مخاطبة 11 يا عبد رب لا يوافق عبده إن فقهت أدركت من
العلم دركاً بعيداً.
يا عبد عبد لا يوافق ربه وهو مرآى عينك، كلا لما يقض ما
أمره.
يا عبد سقطت الموافقة فامح الوفاق فلا وفاق.
يا عبد أنا أبدي ما أشاء أقلب به ما أشاء.
يا عبد قل أرنيك قبل الرؤية حتى لا أتشرف بالرؤية إلى
الرؤية.
يا عبد إذا بدت الرؤية تبقى فتذر فما رأيتني، وإذا بدت
لا تبقى ولا تذر فقد رأيتني وأنا النصوح، ما لملك خلقتك ولا لنبي صنعتك ولا على
مدرجة وقفتك ولا لملك وملكوت بنيتك ولا لعلم صنعتك ولا للحكمة أظهرتك ولا لغيري
أردتك، أظهرتك لي وحدي فجريت بإذني وقلبتك فانقلبت على الثبت الذي شئته والثبت سترك
الأصلي وتحته ثبتت الفروع كلها، وبدأت فأخرقت الستر وما تحته ونصبت الأخرق ستراً
بيني وبينك وإنما قلت لك أبدو لأعرفك، إنما يبدو من يغيب ويغيب من يبدو وأنا
الدائم صفته المنزه عن بدو وغيبة، وإنما أبديك وأخفيك وأفرشك وأطويك وأقول لك بدأت
لم يسبقني إليك سابق وظهرت لا حقيقة من دوني قائمة إلي منتهى ما أحققته فإذا انتهى
فلا هو وأنا فيما هو فيما لا هو كما أنا، فقف لي أنت جسري ومدرجة ذكرى عليك أعبر
إلى أصحابي.
مخاطبة 12 يا عبد الإطراق عبور الدنيا والآخرة والنظر
حبس الدنيا والآخرة والملتفت لا يمشي معي ولا يصلح لمسامرتي.
يا عبد إذا مشيت معي فلا تنظر إلى الأعلام والمبالغ
فتنقطع لأني جعلت لك في كل شيء أظهرته مبلغاً لا تجوزه وعلماً به تسير فيه فما دمت
تمشي معك فتلك حدودك وذلك مقيلك فإذا فتحت لك أبوابي ومشيت معي فما لك في مبلغ ولا
معلم ولا ملتفت.
يا عبد الاسم القهار بسم الله، والكلمات البالغة أنت الله
مالك كل شيء وأنا عبدك لا أملك من دونك شيئاً أنا بك ولا أملك إلا ما ملكتني ولا
يملك مني ما منعت منه، والكلمات الحاملة لا حول ولا قوة إلا بالله، وشكر كل نعمة
الحمد لله.
يا عبد اشهد ما لا أشهد عليه إلا حبيباً أميناً، لا عصمة
من نفسه من لا حول بينه وبين غلبة الابتلاء عليه فاحفظها فهي ما حفظتها عصمتك ولا
تبدها فهي ما أبديتها فتنتك.
يا عبد تعرفي يصدر إلى المعرفة وفيها أضفتك إليك رؤيتي
تصدرك إلي وفيها أضفتك إلي.
يا عبد من رآني قر إلي ومن قر إلي قر في الوجد بي ومن لم
يرني فلا قرار له أين يقر.
يا عبد من لا قرار له لا معرفة له.
يا عبد إذا رأيتني فأطاف بك ذكر الخروج خرجت وإذا رأيتني
فأطاف بك ذكر المقام فخرجت.
يا عبد إذا رجعت إلي في رؤيتي خرجت وإن أقبلت علي في
رؤيتي خرجت وإن سألتني في رؤيتي فلا حجاب هو أبعد منك.
يا عبد يذهب كل شيء ويستقر ذهاب من ذهب عني على الحسرة
وترى مجعولي لا يزيله الطمع وترى الطمع في مجعولي وتراه لا ينفذ ولا يقصر.
يا عبد من سكن في معرفتي على معرفة سواي أنكرني ولم أجره.
يا عبد من سكن في معرفتي على معرفة تنكرت عليه معارفة
فلم ترجع إليه إلا تحجبه ولم يستقر في حجبة إلا على خلاف.
يا عبد أنا أظهرت كل شيء وجعلت الترتيب فيه حجاباً عن معنويته
وصيرت الحد عليه حجاباً عن مرادي فيه.
يا عبد سلني كل شيء لأني أملك كل شيء لا تسألني شيئاً
لأنني لم أرضك لشيء.
يا عبد أنا جعلت في كل شيء سكناً للقلوب المحجوبة عني
فإذا بدوت لقلب صرت موضع سكناه من كل شيء.
يا عبد انظر إلى أخر كل شيء تذهب عن رؤيته، ولا تنظر إلى
أوليته يختدعك بمواقيت أجله.
يا عبد حدك ما سكنت به ومبلغك ما أحببته.
يا عبد استمع لنطق كل شيء يقول كن بالقيومية التي أقامت
بي وإلا ترتبت عليك لمواضع حاجاتك إلي.
مخاطبة 13 يا عبد اجعلني صاحب سرك أكن صاحب علانيتك،
اجعلني صاحب وحدتك أكن صاحب جمعك، اجعلني صاحب خلوتك أكن صاحب ملائك.
يا عبد أنت كل عبد وليس كل عبد أنت وكم لي من عبد هو كل
عبد أولئك هم المحمولون حملهم سبقي وأولئك هم الحاملون حملوا الحق بمعرفتي.
يا عبد ويا كل عبد قف في موقف الوقوف وانظر إلى كل شيء
واقفاً بين يدي وانظر إلى واقف كيف له مقام لا يعدوه، وانظر إلى السماء كيف تقف
وكل سماء، وانظر إلى الأرض كيف تقف وكل أرض، وانظر إلى الماء كيف يقف وكل ماء،
وانظر إلى النار كيف تقف وكل نار، وانظر إلى العلم كيف يقف وكل علم، وانظر إلى المعرفة
كيف تقف وكل معرفة، وانظر إلى النور كيف يقف وكل نور، وانظر إلى الظلمة كيف تقف
وكل ظلمة، وانظر إلى الحركة كيف تقف وكل حركة، وانظر إلى السكون كيف يقف وكل سكون،
وانظر إلى الدنيا كيف تقف وأين تقف، وانظر إلى الآخرة كيف تقف وأين تقف، وانظر إلى
داري كيف تقف وأين تقف، وانظر إلى دار أعدائي كيف تقف وأين تقف، وانظر إلى الذكر
كيف يقف وأين يقف، وانظر إلى الأسماء كيف تقف وأين تقف، وانظر إلى قلبك أين وقف
فهو من أهل ما وقف فيه، إن لي قلوباً لا تقف في شيء ولا يقف فيها شيء هي بيتي وهي
بيني وبين كل واقف من الملك والملكوت هي تليني وكل واقف يليها تلك التي لا
تستطيعها العلوم ولا تقوم لأنوارها المعارف ولا تسمعها الأسماء.
وقال لي قد أشهدتك هذا المقام فاشهده بعد كل وتر.
وقال لي نم فيه فإن لم تستطع فنم عليه فإن لم تستطع فنم
في جواره.
وقال لي آخر استطاعتك المجاورة، قد لا تستطيع أن تنام
فيما أشهدتك فأغفر قد لا تستطيع أن تنام على ما أشهدتك فأغفر بلى تستطيع أن تنام
في جوار ما أشهدتك فإن أبت نفسك فهو من نفسك فاصرخ إلي بين مجاورة ما أشهدتك وبين
ما أعترض عليك نفسك فإن جاءك نصري فنم فيه فإن أوقفك في الصراخ فنم فيه وإيقافي لك
في الصراخ من نصري لك.
وقال لي لا تنم إلا فيما أشهدتك أو في مجاورة ما أشهدتك
أو في الصراخ.
وقال لي إن نمت في الصراخ نمت في المجاورة وإن نمت في
المجاورة نمت في الإشهاد وإن نمت في الإشهاد فمستيقظ غير نائم وحي غير ميت.
وقل لي سد باب قلبك الذي يدخل منه سواي لأن قلبك بيتي،
وقم رقيباً على السد وأقم فيه إلى أن تلتقي، فبي أقسمت وبجلال ثنائي في كرم آلائي
حلفت إن البيوت التي تبنى على السد بيوتي وإن أهلها أهلي وأعزتي.
يا عبد انظر إلى صفتك التي فيها أظهرتك وبها ابتليتك
تنظر إلى ما بيني وبينها خطاب ولا بيني وبينها أسباب فتعلم أنك مخاطبي لا هي وتعلم
أنك مبتلائي بها لا هي هي البلاء وليس هي المبتلى.
يا عبد إنما أظهرتك لعبادتي فإن كشفت عن سر ذلك
فلمحادثتي فإن أقبلت عليك فلمجالستي، ما أظهرتك لتدأب فيما سترك عني ولا بنيتك
وصنعتك لتقبل وتدبر فيما فرقك عن محادثتي.
يا عبد لا يعتذر فمخالفتي أعظم من العذر، فإن تعتذر
فانظر إلى بري الذي جاء بك تعتذر.
مخاطبة 14
يا عبد إن لمتدر من أنت مني فما أنا منك ولا أنت مني، أي
عمل تعمله لي وأنت لا تدري من أنت مني وفي أي مقام تقوم بين يدي وأنت لا تدري من
أنت مني.
يا عبد استعذ بي من كل جهل إلا جهل بي.
يا عبد لا تجالس من لا يعرفني إلا نذيراً، فإن أناب
بنذرك فبشيراً.
يا عبد من لم يرني في الدنيا لا يراني في الآخرة.
يا عبد رؤية الدنيا توطئة لرؤية الآخرة.
يا عبد قل للمعارف لو تعرف إليك ما وسعك قلب، ولو عرفته
ما خرج منك قلب.
يا عبد من رآني جاز النطق والصمت.
يا عبد كن بي تر العلم حدين وتر النطق والصمت فيهما حدين
وتر كل حدية محجوبة عني بحديتها وتر الحجاب ظاهره العلم وباطنه الجهل وتر العبيد
في العلم وفيه بيوتهم وفيها قرارهم وتر العبيد الأعزة في الجهل فيه بيوتهم وبين
يدي قرارهم.
يا عبد حجاب لا يكشف وكشوف لا يحجب، فالحجاب الذي لا
يكشف هو العلم بي والكشوف الذي لا يحجب هو العلم بي.
يا عبد إذا فصلك علمي عن المعلومات فكشوف، وإذا أوجدك
علمي بالمعلومات فحجاب.
يا عبد أي صفح أجمل من صفح أمرك بترك الاعتذار.
يا عبد لا تعتذر فتذكر ما منه تعتذر فيشوب الاعتذار ميل
من الهم فإن جريت معه أصررت وإن جاهدته احتجبت.
يا عبد لو كشفت لك عن علم الكون وكشفت لك في علم الكون
عن حقائق الكون فأردتني بحقائق أنا كاشفها أردتني بالعدم فلا ما أردتني به أوصلك
إلي ولا ما أردته لي أوفدك إلي.
يا عبد لو أردتني باسمي ألحدت بي على حكم ما بيني وبينك
فيما تعرفت به إليك.
مخاطبة 15 يا عبد ثبت لك الحرف ما أنت مني ولا أنا منك،
عارضك الحرف ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد جعت فأكلت ما أنت مني ولا أنا منك، عطشت فشربت ما
أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد لما أعطيت شكرت ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد رأيتني فنمت ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد ناجيتك فطلبت ما أنت مني ولا أنا منك، أحضرتك
فسألت ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد استبصرت لهدى الثواب ما أنت مني ولا أنا منك، صمت
لتدخل من الريان ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد ذكرتني لتحرس دنياك ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد فقهتك فتأولت ما أنت مني ولا أنا منك، شكوت إلى
سواي ما أنت مني ولا أنا منك، لم ترض إذا رضيت ما أنت مني ولا أنا منك، لم تغضب
إذا غضبت ما أنت مني ولا أنا منك.
يا عبد قل أعوذ بوحدانية وصفك من كل وصف، وأعوذ برحمانية
برك من كل عسف.
يا عبد قل أعوذ بذاتك من كل ذات.
يا عبد قل أعوذ بوجهك من كل وجه.
يا عبد قل أعوذ بقربك من بعدك وأعوذ ببعدك من مقتك وأعوذ
بالوجد بك من فقدك.
يا عبد اجعل ذنبك تحت رجليك واجعل حسنتك تحت ذنبك.
يا عبد من رآني عرفني وإلا فلا، من عرفني صبر علي وإلا
فلا.
يا عبد من صبر عن سواي أبصر نعمتي وإلا فلا.
يا عبد من أبصر نعمتي شكرني وإلا فلا.
يا عبد من شكرني تعبد لي وإلا فلا.
يا عبد من تعبد لي أخلص وإلا فلا، من أخلص لي قبلته وإلا
فلا، من قبلته كلمته وإلا فلا.
يا عبد من كلمته سمع مني وإلا فلا، من سمع مني أجابني
وإلا فلا، من أجانبي أسرع إلي وإلا فلا، من أسرع إلي جاورني وإلا فلا، من جاورني
أجرته وإلا فلا، من أجرته نصرته وإلا فلا، من نصرته أعززته وإلا فلا.
مخاطبة 16 يا عبد إنما أنت من أهل ما دمت فيه.
يا عبد إن لم يخرجك العلم عن العلم ولم تدخل بالعلم إلا
في العلم فأنت في حجاب من علم.
يا عبد احتجب بعلم عن علم تحتجب بحجاب قريب ولا تحتجب
بجهل عن علم بحجاب بعيد.
يا عبد ألق علمك وجهلك في البحر أتخذك عبداً وأكتبك
أميناً.
يا عبد اخرج من بين الحروف تنج من السحر.
يا عبد احمل علمك في تعلمك فإذا علمته فألق ما معك.
يا عبد لا تحمل العلم والمعرفة في طريقك إلي تعترضك
الدنيا والآخرة فإن كان طريقك فيهما حبساك وإن لم يكن طريقك فيهما وصلت لا تسر.
يا عبد قد تفقه المعرفة ولا تفقه ألفة المعرفة، وقد تفقد
المعرفة ولا تفقد الألفة المعرفة، فإذا فقدت ألفة المعرفة فانطق بما شئت لا يضرك
لأنك العالم الرباني والرباني لا يألف فتترتب عليه الألفة ولا يستوحش فيترتب عليه
الأنس.
مخاطبة 17 يا عبد أنا أقرب من الحرف وإن نطق، وأنا أبعد من
الحرف وإن صمت.
يا عبد أنا رب الحرف والمحروف فما لهما مني مجال، وأنا
مرقب الحرف والمحروف فما لهما عن جعلي مدار.
يا عبد للحرف حكم أنا مودعه وللمحروف حكم أنا واضعه فلا
تذهب بالحكم المودع عن الحاكم المودع فإليه يرجع ما أودع وبه ينفذ ما حكم.
يا عبد لا تذهب بالحكم الموضوع عن الواضع فيه يجري ما
وضع وإن شاء وقفه.
يا عبد الحرف حرفي والعلم علمي وأنت عبدي لا عبد حرفي
ولا عبد علمي، فقف بين يدي لا بين يدي حرفي وقف بين يدي لا بين يدي علمي، إن حرفي
يقوم بين يدي كما تقوم وإن علمي يقوم بين يدي كما تقوم.
يا عبد لا تقف في الجهة فتصرفك إلى الجهات ولا تقف في
العلم فيصرفك إلى المعلومات ولا تخرج عن الوقفة فتنتهبك المكونات.
يا عبد لي الأسماء أودعتها فبي ما أودعتها، ولي الأوصاف
ضمنتها فبي ضمنتها.
يا عبد إن أخذك الاسم أسلمك إلى أسمك وإن أخذك وصف أسلمك
إلى وصفك.
يا عبد كل آخذ سواي يأخذك فإلى نفسك يسلمك فإذا أخذتك
نفسك فإلى عدوك يسلمك.
يا عبد قف بي فلا أسلمك إلا إلي ولا أعول بك إلا علي.
يا عبد قف بي فإذا وقفت فنطقت فأنا الناطق وإذا حكمت
فأنا الحاكم.
يا عبد العلم والمعلوم في الاسم والحكم والمحكوم في
العلم والحرف والمحروف في الحكم والظاهر والباطن في الحرف ولكل حكمة إتقان
وإتقانها حصرها على ترتيب القيومية بها.
يا عبد الاسم معدن العلم والعلم معدن كل شيء، فمرجع كل
شيء إلى العلم ومرجع العلم إلى الاسم ومرجع الاسم إلى المسمى، فاستهلك الاسم العلم
فكأين هو اسم لا علم فيه واستهلك العلم المعلوم فكأين هو علم لا معلوم واستهلك
المسمى الاسم فكأين هو مسمى لا اسم فيه.
يا عبد الحرف والمحروف دهليز إلى العلم والعلم دهليز إلى
الاسم والاسم دهليز إلى المسمى.
يا عبد لي في الاسم والعلم والحرف أبواب فاسلك تلك
الأبواب لا أبواب علمك ولا أبواب اسمك، إن الاسم حجابي وإن العلم حجابي وإن الحرف
حجابي، ومقامك إنما هو بين يدي فإذا دعوتك إلى الاسم فإلى الحجاب فخذ نوري معك
لتمشي به في ظلمة ذلك الحجاب فكل حجاب ظلمة لأن النور لي وأنا النور، أنا نور السموات
والأرض فاستعذ بي من نوري واستعذ بنوري من حجابي، وقم يا عبد لي في مصاف العبيد
فقد أذنت لك.
مخاطبة 18 يا عبد أجبت كل من يدعوك لا تجيبني ولا تعرف
كيف تجيبني.
يا عبد من لا يعرف جوابي كيف يعرف خطابي ومن لا يعرف
خطابي كيف يظفر بحسن ثوابي.
يا عبد من لا يكون من أهل ثوابي كيف أنجيه غداً من عذابي.
يا عبد من كان من أهل عقابي كيف ينكشف عن قلبه حجابي.
يا عبد من لا ينكشف عن قلبه حجابي كيف تكون أسبابه من
أسبابي فقد حقت عليه كلمة عذابي، ومن حقت عليه كلمتي جاءه الكلام بتصاريف الكلام
فجعلته ناراً تتصرف فيه كما يتصرف في الكلام.
يا عبد أنا عدة الموقنين وأنا قوة الأقوياء الصادقين.
يا عبد كل مقال تعلق المعقول أو خيال ممثول فهو في ديوان
العرض حسنه في الحسن وقبحه في القبيح.
يا عبد التعلق بالمعنى هو إرادته وإرادته هو قصده.
يا عبد علق بي مقالك يتعلق بي فعالك وعلق بي فعالك يدأب
في عبادتي خيالك.
يا عبد لك وعليك في ديوان العرض كثر ما لك وكثر ما عليك.
يا عبد لا تأيس مني فتبرئ منك ذمتي.
يا عبد كيف تأيس مني وفي قلبك متحدثي.
يا عبد أنا كهف التائبين وإلى ملجأ الخاطئين.
يا عبد أنا السند الذي لا يسلم وأنا السيد الذي لا يظلم.
يا عبد إذا رأيتني فلا تركن إلى الأركان، وإذا سمعتني
فلا تسمع إلى البيان.
مخاطبة 19 يا عبد كتبت في كل نورية أين وقف بك عبدي
فقفيه وأين سار بك عبدي فسيريه.
يا عبد إذا جاء نوري يوم القيامة جاءت كل نورية ترومه،
فإن كانت به في الدنيا ألحقتها به وإن لم تكن به في الدنيا حجبتها عنه فأتبعت ما
كانت قبل تتبع وظلت فيما كانت فيه تظل.
يا عبد الأسماء نور الحرف والمسمى نور الأسماء فقف عنده
ترى نوره وتمشي به في نوره فلا تغشى به في نوره.
يا عبد إن وقفت في النور غشيت فلا إلي تنظر ولا إلى
النور تنظر فترجع مراجعك إليك فترى بك شهواتك وتمشي بك في خطواتك.
يا عبد إذا أردت لي شيئاً فانظر ما تريد لي أينقلك عن
مقامك مني أم يثبتك فيه فإن نقلك عن مقامك مني فإرادتك هي نفسك ونفسك أردت.
يا عبد إذا عرفت مقامك مني فأنت من أهل الوصول بلا حجاب
فلا ترد لي فتهبط بك إرادتك لي إلى الإرادة لك ولا ترد مني فتهبط بك الإرادة إلى
غضب نفسك علي.
يا عبد أهل المقامات مني لا يريدون ولا يرتادون ولا
يهيأون ولا يعيدون ولا يعتادون.
يا عبد إذا أقمت عندي جزت الكونية فما أتاك فلن تفرح به
وما فاتك فلن تأيس عليه.
يا عبد انظر إلي وإلى شأني فانظر إلي بما أتعرف به إليك
من أسمائي وصفاتي وانظر إلى شأني بما أتعرف به إليك من حكمتي واختياري.
يا عبد سلم لي أفتح لك باباً إلى التعلق بي.
يا عبد إذا اعترضت عليك نفسك فارددها والذي اعترضت به
عليك إلي.
يا عبد جمعتك علي بالرحمانية وأخلصتك لنفسي بخالصة
العلوم الربانية.
يا عبد أثنيت عليك قبل خلقك فأثنيت علي حين خلقك وأقبلت
عليك قبل كونك فأقبلت علي حين كونك فكنت لي بما كان مني.
يا عبد لا تكن بالأعمال فتقف بك ولا بالأحوال فتحول بك.
يا عبد كيف لا تكون بالعمل تعمل ويكون قلبك عندي لا في
العمل.
يا عبد لا تكن بالعلم فيزل بك ولا تكن بالمعرفة فتتنكر
عليك.
يا عبد إني جعلت لكل شيء عزة لتختطفك عنه فتهرب إلي
فأريك عزتي فأجمعك بعزتي علي.
يا عبد لا تكن بالحكم فيعثر بك ولا تكن بالحكومة فتضعف
بك.
يا عبد لا تكن بالأشباه فيشتبه عليك ظهور الظاهرات، ولا
تكن بالظاهرات فتراع إذا بدت الباطنات.
يا عبد لا تكن بالأسباب فتنقطع بك، ولا تكن بالآنسات
فتتفرق عنك.
يا عبد لا تكن بالعقود فيحل ما عقدت، ولا تكن بالعهود
فيخفر ما عاهدت.
يا عبد إني أنا الله جعلت في كل شيء عجزاً وجعلت في كل
عجز فقراً.
يا عبد إني أنا الله جعلت في كل فقر هلكاً وجعلت لكل هلك
عدماً.
يا عبد إني أنا الله أنظر إلى العدم في عدمه كنظري إليه
في مشهده ويعرفني أولياء حضرتي وينكر ذلك من صفتي من لا يقر بربو بيتي.
يا عبد لا تكن بألفانيات فتخبر عنك يوم الروع فتنوح لفقد
ما كنت به فتدخل في جملة أهل الفزع.
يا عبد كن لي في كل حال أرسل عليك يوم أبدو علامة تثبتك
فلا تروعك فيه الأرواع ولا تفزعك فيه الإفزاع يحسبك أهل الروع منهم لظهور لبسة
التعظيم عليك ويحسبك أهل الفزع منهم لظهور لبسة التسليم فيك.
يا عبد القول الحق ما أثبتك في الوجد بي من كل قائل
فاعتبر الأقوال بوجدك بي واعتبر بوجدك بي بإعراضك عن سواي.
يا عبد احفظ مقامك مني أن تتخطفك الأقوال والأعمال فما
انقال لك في مقامي فقله وما انفعل لك في مقامي فافعله.
يا عبد إن مقامي لا تلجه الأقوال ولا تدخله الأعمال.
يا عبد ما في مقامي قول وإليه أدعو ولا في مقامي فعل
وإليه أدعو فأدعو إليه من عرف مقامي وأدعو إليه من شهد قيامي.
يا عبد أخرج قلبك من المؤتلف تخرج من المختلف.
يا عبد إن لم تخرج قلبك من المؤتلف لم تعرف حكمتي ولم
تبصر بينتي.
يا عبد المؤتلف كلما سلمت عقباه والمختلف كلما هلكت
عقباه.
مخاطبة 20 يا عبد إن عبدي الذي هو عبدي هو اللقى الملقى
بين يدي.
يا عبد عبدي هو الذي هو عبدي هو الغضبان لي على نفسه لا
يرضى.
يا عبد إن عبدي الذي هو عبدي هو المستقر في ذكرى فلا
ينسى.
يا عبد إذا جاءت ترجمتي فانقطع بها عن ملكي وملكوتي ثم
إذا بدت ترجمتي فانقطع عنها إلي تصير التراجم والحروف آلة من آلات معرفتك ومركباً
من مراكب نطقك.
يا عبد أقبل علي لا من طريق ولا من علم تقبل علي وأقبل
عليك.
يا عبد اجأر إلي بمحامدي في السراء أدافع عنك بنفسي
الضراء.
يا عبد واصل بين طهارتك تواصل بين نعيمك، إنك إن لم تفصل
بين طهارتك لم تفصل بين نعيمك.
يا عبد لن تعرفني حتى تراني أوتي الدنيا، أرغد وأهنأ ما
عرفت من الدنيا لعبد عصى وأغنى من عرفت من العبيد فترضى بما زويت عنك وتعلم أنني
زويت إعراضي عنك وزويت حجابي.
يا عبد ميعاد ما بينك وبين أهل الدنيا أن تزول الدنيا
فترى أين أنت وأين أهل الدنيا.
مخاطبة 21
مقام رد موهبة الكيل يا عبد كلما كان أشعث كان أنظر
وكلما كان أعرف كان أشعث وكلما كان أعذل كان أعرف وكلما كان أعمل كان أعذل وكلما
كان أنفع كان أعمل وكلما كان أصبر كان أنفع وكلما كان أشكر كان أصبر وكلما كان
أذكر كان أشكر وكلما كان أستر كان أذكر وكلما كان أشهر كان أستر وكلما كان أجمع
كان أشهر وكلما كان أسرع كان أجمع وكلما كان أخف كان أسرع وكلما كان أورع إلي كان
أخف وكلما كان أهيب من نفسه كان أورع إلى ربه وكلما كان أرهب كان أهيب وكلما كان
أرهب كان أرغب وكلما اطلب كان أرغب وكلما كان أنسب كان أطلب وكلما كان أعظم كان
انسب وكلما كان أكظم كان أعظم وكلما كان أحكم كان أكظم وكلما كان ألزم كان أحكم
وكلماه كان أكتم كان ألزم وكلما كان أسلم كان أكتم وكلما كان أقوم كان أسلم وكلما
كان أدوم كان أقوم وكلما كان أخص كان أدوم وكلما كان أخلص كان أخص وكلما كان أغض
كان أخلص وكلما كان أخلص كان أنفذ وكلما كان أنصت كان أفرغ وكلما كان أفزع كان
أنصت وكلما كان أقرب كان أفزع وكلما كان أدأب كان أقرب وكلما كان أدب كان أدأب
وكلما كان أنصب كان آدب وكلما كان أيقن كان أنصب وكلما كان أثبت كان أيقن وكلما
كان أشهد كان أثبت وكلما كان أحضر كان أشهد وكلما كان أحضر كان أحضر وكلما كان
أكشف كان أحضر.
مخاطبة 22 يا عبد إذا أقبلت علي جاء كل شيء ليتبعك فهوى
أوله ذنبك إنه لا يدخل إلي إلا أنت.
يا عبد إذا أقبلت إلي فلا مصاحب يصحبك ولا مشيع يشيعك،
وقف العلم على حده منك ووقف العمل على حده من العلم وفارقك وأنت تأتي إلي فريق
فريق.
يا عبد إن نوري طلع عليك فجئت به إلي.
يا عبد أنا الصفوح صفتي صفح الكرم، وأنا الكريم صفتي كرم
العفو.
يا عبد لا تنطق فمن وصل إلي لا ينطق.
يا عبد ويا كل عبد نهارك لعلمك الذي آتيتك وليلك لرؤيتي
والنظر إلي.
يا عبد ويا كل عبد إن ربك غفور غفور وإن ربك شكور شكور،
غفور غفور يغفر ما تقول لا يغفر، شكور شكور يقبل ما تقول لا يقبل.
يا عبد ويا كل عبد من وقف بين يدي يده فوق متون السماء
والأرض وعلى وجوه الجنة والنار لا يقف فيهن فيكن مسكنه ولا يلتفت عليهن فيكن
مشتكاه، أنا حسبه الذي لا ترجع المراجع معرفته إلا إلي ولا يقف علمه وخواطره إلا
بين يدي.
يا عبد ويا كل عبد أطلع بنوري على كل قلب عرفني ليراه
ويراني أين أنا منه.
مخاطبة 23
يا عبد قف لي في المصاف بعلمك وقف لي في المصاف بعملك
وقف لي في المصاف بقصدك ولا تقف لي في المصاف بقلبك، إنني اصطفيت قلبك لنفسي لا
لعبادتي وإنني اصطفيت قلبك لنظري لا لمصاف الوقوف بين يدي، إن لي قلوباً غرت عليها
من الوقوف بين يدي لكيلا ترى الواقفين بين يدي فتحتجب عن النظر إلي برؤية الواقفين
لي، فجعلتها في يدي فهي مقيمة عندي، لا تخرج إلى المقامات ولا يدخل إليها سواي فهي
تنظر إلي وهي تسمع مني وهي تتكلم عني.
يا عبد القلب في يد الرب ولسان القلب يتكلم في المقام
بين يدي الرب.
يا عبد جرت ما لم يأخذك عنك وغلبت على ما لا يقسمك عن
مقامي، فكانت كلمتي العلياء فلا تأخذك كلمته وكانت محجتك هي الاستواء فلا تأخذك
محجته.
يا عبد إذا كنت لي لا يسعك المكان، وإذا نطقت بي لم يسعك
النطق.
يا عبد ما لشيء علي حق ولا لعلم علي مطلع ولا لحكمة بي
متعلق ولا لاسم ولا وصف من دوني حكومة، فمن تعرفت إليه باسم أو وصف أو علم أو حكمة
فجرى بحكم ما عرفته لغير وجهي أجريت الحكم وكتبته ساحراً ومن موالاتي بريئاً.
يا عبد الحرف خزانتي فمن دخلها فقد حمل أمانتي، فإن حمل
لي لا لنفسه فكرامتي، فإن حمل لي ولنفسه فمطالبتي، وإن حمل لنفسه لا لي فبرئ من
ذمتي.
يا عبد ملك علم كل عالم عليه أمره وأوجب على كل مسمى
اسمه، وأنا العالم الذي لا يملك علمه عليه أمره فيصرفه ولا يوجب عليه اسمه، فإلي
مرجع العلم يرجع إلى باب من أبواب الاسم وإلي مرجع الاسم إلى نور من أنوار التسمى.
يا عبد أشهدني في الحرف تشهد الصنعة، واشهدني في العلم
تشهد الحكمة، واشهدني في الاسم تشهد الوحدانية.
يا عبد الحقيقة تمد الأسماء والمدد قيومية قيمة تثبت
بمعنى قيم يدور في ملك وملكوت قائم ويتصرف على تصريف لازم ثم يرجع بمباديه ومراجعه
إلى ملك دائم.
يا عبد الحرف لغات وتصريف وتفرقه وتأليف وموصول ومقطوع
ومبهم ومعجم وأشكال وهيئات، والذي أظهر الحرف في لغة هو الذي صرفه والذي صرفه هو الذي
فرقه والذي فرق هو الذي ألفه والذي ألفه هو الذي واصل فيه والذي واصل فيه هو الذي
قطعه والذي قطعه هو الذي أبهمه والذي أبهمه هو الذي أعجمه والذي أعجمه هو الذي
أشكله والذي أشكله هو الذي هيأه، ذلك المعنى هو معنى واحد ذلك المعنى هو نور واحد
ذلك الواحد هو الأحد الواحد.
مخاطبة 24 يا عبد سقطت معرفة سواي وما ضرك، ثبت تعرفي لك
هو حسبك.
يا عبد أنا ولي التعريف كما أريد.
يا عبد ما برزت لشيء فأويت به إلا إلي.
يا عبد كل قسم قسمته لك سترة على معرفة، فإن رأيتني ولم
تره أظهرتها وإن رأيته ولم ترني أخفيتها.
يا عبد أي عارض لك فلم ترني فيه فابك من غيبتي لا منه.
يا عبد من دعاك سواي فلا تجبه أكتبك جليساً وإلا فلا.
يا عبد إنما تبدو وجوه المودة للصائنين وجوههم في غيبتي
عن العيون الناظرة.
يا عبد من عرفني سامر الخطر ومن سامر الخطر مقت نفسه وإن
ذكر.
يا عبد من مقت نفسه غض عما لها رهبة وعما عليها رغبة.
يا عبد ما بدوت لقلب فتركته معه.
يا عبد أنا أرؤف من الرأفة وأرحم من الرحمة.
يا عبد لا تنظر إلى ما أبديه بعين ما يعود إليك تستغني
من أول نظره ولا تذل لشيء.
يا عبد إذا بدوت لك فلا غني ولا فقر.
يا عبد انظر إلي أظهر ولا أثبت الإظهار به تراني وهي
رؤيتي، انظر إلي أثبت الإظهار به تراني وتراه وهي غيبتي.
يا عبد أنت رق ما استولى عليك.
يا عبد إن رأيتني في استيلائه واستولى عليك فاحذر لا
أكتبك مشركاً.
يا عبد إن استولى عليك ولم ترني فاهرب إلى عدوك إن أجارك.
يا عبد لأجلك ظهرت.
يا عبد أجلك هو أجل الآجال أخفيته فلا أظهره.
يا عبد لا تجعل همك تحت رجليك تنقسم بمجاورته فأخرجه من
قلبك فأنا وهو لا نجتمع.
يا عبد قلب أنظر فيه لا يعقد على حسنة ولا يصر على سيئة.
يا عبد قل لقلبك عقدك قصد وإصرارك قصد وأنت ابن الاختلاف.
يا عبد ليس من دوني المنتهى راحة.
يا عبد ترتب عليك ما اطمأنت به لا محالة.
يا عبد تبدو رؤيتي فلا تمحو آثار غيبتي ذلك هو البلاء
المبين.
يا عبد رؤيتي لا تطمع في الرؤية ذلك هو العز، غيبتي لا
تعد بالرؤية ذلك هو الحجاب.
يا عبد بيني وبينك وجدك بك فألفه أحجبك عنك.
يا عبد اشترني بما سرك وساءك يفنى الثمن ويبقى المبتاع.
مخاطبة 25 يا عبد ابن لقلبك بيتاً جدرانه مواقع نظري في
كل مشهود وسقفه قيوميتي بكل موجود وبابه وجهي الذي لا يغيب.
يا عبد اهدم ما بنيته بيدك قبل أن أهدمه بيدي.
يا عبد إن ستويتك على غيبتي فقد حجبتك حجاباً لا أكشفه.
يا عبد أبغض ما أبغضت وإن تحبب إليك وتزين لك، إلا تبغض
داراً أحبائي فيها تحت التراب.
يا عبد أحبب ما أحببت وإن تمقت إليك.
يا عبد أصل المعصية لم وأصل الطاعة سقوط لم.
يا عبد إنما أضرب لك المثل لأصرفك عنك بتصريف الحكمة.
يا عبد لم أرضك إلا لرؤيتي فلا ترضك لغيبتي.
يا عبد أنظر لما تفرح وتحزن.
يا عبد فرحك بما آتيتك أولى من حزنك على ما لم أوتك.
يا عبد قطع ما بيني وبين الأشياء رؤيتي ووصل ما بينك
وبين الأشياء غيبتي.
يا عبد إن غابت رؤيتي من قبل عجزك وطلع عجزك من قبل
إيقافي لك فأنت المحمول.
يا عبد انظر لما تنتظر فرجي، اتقتني لا تنتظر فرجاً مني.
يا عبد إبناء معرفتي في غيبتي إقضاء سفر لا يستريح.
يا عبد إن عجبت فمن تركي إياك تذنب وتتوب.
مخاطبة 26 يا عبد بنيت لك بيتاً بيدي إن هدمت ما بنيته
بيدك.
يا عبد إذا رأيتني فلا والد يستجرك ولا ولد يستعطفك.
يا عبد إذا رأيتني في الضدين رؤية واحدة فقد اصطفيتك
بنفسي.
يا عبد ولني أمرك بطرح أمرك.
يا عبد الغيبة أن لا تراني في شيء، الرؤية أن تراني في
كل شيء.
يا عبد اجعل لي يوماً ولك يوماً وابتدئ بيومي يحمل يومك
يومي.
يا عبد اصبر لي يوماً أكفك غلبة الأيام.
يا عبد إذا لم ترني تخطفك كل ما ترى.
يا عبد لو ألفت بحزنك بين ما يختلف عليك وارتبطت بفرحك
ما يلائمك كان مرادي الغالب.
مخاطبة 27 يا عبد أن لن تنظر إلي في الشيء نظرت إليه.
يا عبد إذا نظرت إليه فجأة وهو أن تراه ولا تراني قبل
رؤيتك له تداركتك، وإن نظرت إليه بعد رؤيتك إياي فيه نظرت متعمداً فسلطته عليك.
يا عبد قد رأيت رؤيتي ورأيت غيبتي فاجعل غيبتي فداء
رؤيتي أجمع عليك الكنف.
يا عبد هم بقى له هم ما هو مني ولا أنا منه.
يا عبد عقب نهارك على آثار ليلك.
يا عبد بقيت الغيبة ما بقي الليل والنهار فرق في الرؤية.
يا عبد الاسم سترة على العين.
يا عبد مقامي في الدنيا في الرؤية ووعيدي في الدنيا
الغيبة.
يا عبد مقامي في الآخرة الكشف وغيبتي في الآخرة الغطاء.
يا عبد الكشف جنة الجنة، الغطاء نار النار.
يا عبد الولي يقبل كله ويعرض كله.
يا عبد لن ترجع عن منظر حتى تنظر ما وراءه.
يا عبد أضاء الضياء بضيائك في الرؤية وأظلمت الظلمة بظلمتك
في الغيبة.
يا عبد رؤيتي كالنهار تشرق وتنير وغيبتي كالليل توحش
وتجهل.
يا عبد غيبتي تريك كل شيء ورؤيتي لا يبقى معها شيء.
مخاطبة 28 يا عبد كلاهما لك عبرة إضعافي إياك عن الضعيف
وتقوي إياك على القوي.
يا عبد أنت أعظم عندي حرمة من اسمك.
يا عبد يومك هو عمرك.
يا عبد لا تعين علي مسألتي فتكون كالطالب مفراً مني.
يا عبد سلني حفظك علي لا أرضى لك سواي حافظاً.
يا عبد وكلت حرماني بطلبك مني.
يا عبد بقيت الغيبة ما بقيت مني ومنك المطالبة.
يا عبد لا تصح المحادثة إلا بين ناطق وصامت.
يا عبد وكلت حجابي بطلبك لي.
مخاطبة 29 يا عبد إنما يجير من لا رب له.
يا عبد قلب تعرف إليه ربه إن رأى خيراً حمد، وإن رأى
شراً قال رب اصرفه عني فصرفه.
يا عبد سيماء كل وجه فيما أقبل عليه.
يا عبد رمزت الرموز فانتهت إلي وأفصحت الفواصح فانتهت
إلي.
يا عبد يسبحني كل شيء صامت في الصامت وناطق في الناطق.
مخاطبة 30
يا عبد مهما كنت والسوى سبب فإنك على عاميتك.
يا عبد ما أرسلك تعرفي إلي فما وصلت إلي.
يا عبد صاحب الرؤية يفسده العلم كما يفسد الخل العسل.
يا عبد صاحب الغيبة أولى أن يعلم ويعمل.
يا عبد قل أثبتني لك فيما أثبتني.
يا عبد قل وارني عن التوارى فيما واريتني.
يا عبد قل أرني وجهك فيما رأيتني ووجهني لرؤيتك أينما
وجهتني.
يا عبد قل داوني مما داويتني.
يا عبد في الدواء عين من الداء.
يا عبد الداء والدواء للغافل.
يا عبد ذكرى الحق لا في رؤية ولا في غيبة، إن ذكرتني في
الغيبة فمن أجلك وإن ذكرتني في الرؤية أحتجبت بذكرك.
يا عبد بيتك مني في الآخرة كقلبك مني في الدنيا.
يا عبد نم وأنت تراني أمتك وأنت تراني.
يا عبد استيقظ وأنت تراني أحشرك وأنت تراني.
يا عبد مجمع الألسنة في الغيبة.
يا عبد لا في الرؤية صمت ولا نطق، إن الصمت على فكر وإن
النطق علي قصد، وليس في رؤيتي فكر فيكون عليه صمت ولا قصد فيكون عليه نطق.
يا عبد انظر إلى ما به صلحت تلك قيمتك عندي.
يا عبد استعذ بي من سرك بإيوائك إلي.
يا عبد الرؤية علم الإدامة فاتبعه تغلب على الضدية.
يا عبد أنا العزيز لا رؤية ولا غيبة.
يا عبد أنا الشهيد لا لك متعبد مالك ولا لي فتحتجب بملكي.
يا عبد أقرر عيناً بما أحوجتك، أنا الغني عنه وعنك.
يا عبد ما أحوجتك لذلتك علي لكن لتجعل مطالبك عندي أينما
طلبت.
يا عبد لا ترض سواي وتقبل إلي أرددك إليه.
مخاطبة 31 يا عبد عكوفك على الدنيا أحسن من عبادتك
للآخرة.
يا عبد تراني يوم القيامة كما تراني يوم فرحك وحزنك.
يا عبد لست لشيء سواي فتكون به.
يا عبد الغيبة والنفس كفرسي رهان.
يا عبد الروح والرؤية ألفان مؤتلفان.
يا عبد تقلب القلب في الغيبة أسلم له في الرؤية.
مخاطبة 32 يا عبد الكون كالكرة والعلم كالميدان.
يا عبد ما أنا لشيء فيحويني ولا أنت لشيء فيمويك، إنما
أنت لي لا لشيء وإنما أنت بي لا بشيء.
يا عبد احترق نور الغيبة في الرؤية.
يا عبد أنت من كل شيء هو منك في الغيبة ولست منه ولا هو
منك في الرؤية.
يا عبد اسلك إلي كل طريق تجدني على الصدر حاجباً ترجع
وتتفرق يصحبك بلواك بك تستغفر وتتوب أفتح لك بالتوبة طريقاً تسلكه وأحجبك ترجع
فأعارضك تتوب فأفتح لك فلا أزال أردك إلي بالحجبة وأفتح لك أبواب الطرق بالتوبة،
ذلك لأجوزك الحجاب وأرفعك عن منتهى الأبواب.
مخاطبة 33 يا عبد قل لبيك وسعديك والخير وإليك ولك ومنك
وبيديك.
يا عبد قل أثبتني في الغيبة على لحة بحر تضربها الرياح
المثبتة وأثبتني في الرؤية على ثبت لم تسمعه لغاتك المنهجة فأرني تثبيتي في غيبتك
وولني لوجهك في رؤيتك.
يا عبد ما تطلب مني، أن طلبت ما تعرف رضيت بالحجاب وإن
طلبت ما لا تعرف طلبت الحجاب.
يا عبد كيف لا تطلب مني وقد أحوجتك أم كيف تطلب مني وقد
بدأتك.
يا عبد لك تارة في الغيبة فاطلبني وطالبني لا لتدركني
ولا لتسبقني.
يا عبد ولك الرؤية فأنت للرؤية، لك تارة في الرؤية وهي
معدنيتك القارة وموألتك الحاوية فلا هرب وهي نافية ما سواها ولا طلب.
يا عبد وارني عن الغيبة أوارك عن الرؤية.
يا عبد رؤيتك للرؤية غيبة.
يا عبد غيبتك عن رؤية الرؤية رؤية.
يا عبد قل لك كل شيء وأنا شيء ولام الملك أسبق من شين
الشيء فألق لام ملك على شين شيء أراك مالكاً تحكم ولا أراني مملوكاً يتحكم.
مخاطبة 34 يا عبد من دل على الحجاب فقد رفعت له نار
الوصول.
يا عبد من حادته المعرفة صم على التعريف.
يا عبد اصحبني إلي تصل إلي.
يا عبد الحاجة لساني عندك فخاطبني به أسمع وأجب.
يا عبد ألق الاختيار ألق المؤاخذة البتة.
يا عبد اكفني عينك أكفك قلبك.
يا عبد اكفني رجليك أكفك يديك.
يا عبد اكفني نومك أكفك يقظتك.
يا عبد اكفني شهوتك أكفك حاجتك.
يا عبد إذا رأيتني فالسوى كله ذنب وإذا لم ترني فالسوى
كله حسنة.
يا عبد إذا بدوت أفنى السوى وأظهر فقد أذنتك ببقائه إذا
غبت وإذا بدوت لك ففني ما سواي فلن يعود لعين قلبك من بعد.
يا عبد احرس قلبك من قبل عينك وإلا فما حرسته أبداً.
يا عبد لاتبع داءك إلا بالدواء فهو قيمته.
يا عبد صاحب الرؤية لا في العلم فأحاسبه ولا في الجهل
فأجانبه.
يا عبد سواء على صاحب الرؤية أأقبل سواي عليه أم أدبر.
يا عبد إذا لم ترني فعاد كل شيء فهو عدوك وأنت عدوه.
يا عبد إذا رأيتني فوال كل شيء فهو وليك وأنت وليه.
يا عبد عدواته أن لا تطيعه وموالاته أن تطيعه.
يا عبد بلاؤك هو البلاء، إن رأيتني فالشرك من ورائك وإن
لم ترني فالحجبة من ورائك.
يا عبد قل أثبتني كما أثبتني بك.
يا عبد أحببتك فحللت في معرفتك بكل شيء فعرفتني وأنكرت
كل شيء.
يا عبد إذا رأيتني فلا أمر يطالبك ولا نهي يجاذبك.
يا عبد إذا رأيتني فكن في الغيبة كالجسر يعبر كل شيء ولا
يقف.
يا عبد إذا رأيتني ضننت بك على الطرق إلي فلم أقمك بسواى
بين يدي.
يا عبد ما في رؤيتي حسنة فكيف تكون سيئة ولا في رؤيتي
غني فكيف تكون حاجة.
يا عبد إنما تختلف في الضد وما في رؤيتي ضد.
مخاطبة 35 يا عبد اجعل قلبك على يدي لا يناله شيء ولا
يخطر به.
يا عبد من استبدل رؤيتي بغيبتي فقد بدل نعمتي.
يا عبد لا تستظل بالمفازة فما رؤيتي اضحاء ولا ظل.
يا عبد إنما المفازة منزل رجلين مشرك بي أو محجوب عني.
يا عبد المفازة كل ما سواي.
يا عبد ما في الرؤية إحقاق واستحقاق.
يا عبد أنا باعث الآراب فإذا أتتك فقل أكفني رسلك.
يا عبد أدللت وأظهرت لك حبي لك إذ كلمتك بكلام أمرتك أن
تكلمني به.
مخاطبة 36 يا عبد كيف يكون عبدي من لا يسلم إلى ما أظهرت
أصرفه كيف شئت وأقبله حيث أشاء.
يا عبد قل لبيك باستجابتك أثبتي لحقيقتك التعلق بندائك.
يا عبد علم هذه في الغيبة جامع لك عنها.
يا عبد إذا أسفرت لك انقطع السبب وإذا رأيتني انقطع
النسب.
يا عبد ما كل مسفر يرى، أنا الملك المسفر بالكرم المحتجب
بالعزة أقبل من قصدني وأعطى من سألني.
يا عبد إذا أردت حاجة فاغد أو رح بها إلي وميقاتها
إيثاري إياك عليها.
يا عبد لا تعين حاجتك ولكن أخفها حيث علمك وقل أحسن
النظر لي أنا المسمى قم بي في أمري أنا الميل كله اختر لي أنا الجاهل بمصلحتي بين
يديك عافني من التخير عليك أظفر بعفوك ظلني بالخيرة لي أستظل بظلك أجر على مسئلتك
بإيجاد حكمتك أرنيك فيما أسررت وفيما أظهرت أكن بك فلا يتخطفني سواك وأكن لك فلا أعرف
سواك فلا أكون إلا بما أراك.
يا عبد قل أسألك خيرة تقوم بي في مطالبك وغيرة تصرف عيون
قلبي إلى فنائك.
يا عبد أعززتك وأذللت كل شيء لك فلم أرض مقيلك فيه ضنة
بك وإقبالاً عليك.
يا عبد إذا سألت فقل أسألك ما ترضاه وأسألك زينة بين
يديك وحلية حسنة في التعرض لفضلك وعيناً ناظرة إلى مرادك ومواقع غيرتك.
يا عبد فإن أقضبها لك أكفكها بقيومتي التامة فلا تختلسك
خوالسها مني أبداً وإن لم أقضها لك أكتبك ممن ابتغى وجهي وآثر على ما عنده ما عندي.
يا عبد أنا من وراء كفايتك فقل حسبي الله ونعم الوكيل.
يا عبد إذا عرض لك أمر فقل ربي ربي أقل لبيك لبيك لبيك.
يا عبد أنا أجبت نداءك أصممتك عمن ندا غيري ما بقيت.
يا عبد انظر إلى كل شيء وأنت تراني كيف تحكم فيه ولا
يحكم فيك.
يا عبد وار مطالبك عن الهجوم علي فإذا أذنت لك فاستخرني
أحكم لك بالحسنين.
يا عبد إذا آثرتك على الحاجة فإن لم تر زاجري فهو إذني
في مسئلتي.
يا عبد إذا أدللتك فقد حجبتك وإذا رأيتني ولم تر مني فقد
رأيتني.
يا عبد إذا رأيتني فأنت عندي وإذا لم ترني فأنت عندك فكن
عند من يأتي بخير.
يا عبد إذا أرددتك إلى الغيبة فتعلق بالرد تنحسر عن
عنديتك.
مخاطبة 37 يا عبد أرأيت متلاقين استوقف أحدهما حديث
صاحبه وأوقفت الأخر عليه رؤيته له، أيهما أولى بالمودة وأصدق في ادعاء المحبة.
يا عبد أشرك من استوقفه الحديث أخلص من استوقفه المحدث،
كذلك مهما حشتك بالذكر والحكمة علي فأنت بما حاشك لا على ما حاشك.
يا عبد البداية حرف من النهاية والنهاية آخر من غبت عنه
وأول من رآني.
يا عبد أحبب أرضا اتبليتك بها لقد اصطفيتك إن جعلتها
ستراً بيني وبينك.
يا عبد بنت الغيبة هدمت الرؤية.
يا عبد لا رؤية ولا ذكر اتقني لا أحتجب.
يا عبد أخل بي على كل حال أهدك على كل حال.
يا عبد كن عندي لا يقوم لك شيء وتقوم بكل شيء.
يا عبد الرؤية باب الحضرة.
يا عبد اثبت الأسماء في الرؤية ومحوتها في الحضرة.
يا عبد إذا نظرت إلى الإظهار فلا تختلس عن رؤيتي تخطفك
عني رؤيتي البتة.
يا عبد كل ذي قلب ذو خلوة عمومها خلوة من طلب سواي
وخصوصها خلوة من طلبني.
يا عبد قيمة كل امرئ حديث قلبه.
يا عبد إذا رأيتني فالحل عندي وما سواه حرام.
يا عبد إذا رأيتني فأهدم أوطارك وأخطارك فوعزتي لا يزول
الخطر حتى يزول الوطر.
يا عبد إذا رأيتني فاكظم على رؤيتي لا أردك إلى علم من
علوم السماء والأرض أحجبك به عني ما بقيت.
يا عبد لو أبديت لك سر الإظهار كله كان علماً والعلم نور
ورؤيتي تحرق ما سواها فأين مقر النور والعلم منك وأنت تراني وأنا أسفر لك.
مخاطبة 38
يا عبد قل ربي الناظر إلي فكيف أنظر إلى ما سواه، ربي
رأيته فلم أره فاطمأنت به نفسي، ربي فرحت فلم أره حزنت فلم أره عبدته فلم أره، ربي
حادثني بعلمه وأسفر لي عن وجهه فأين أنصرف وهو المتصرف وممن أسمع وهو على كل حديث رقيب،
ربي أذنب فأراه وراء ذنبي يغفره أحسن فأراه في إحساني يتممه، ربي رأيته فما أنصفت
ولا استضفت، ربي طلبته فما وجدته وطلبني فوجدته، زي أشهدني أن لا حكم إلا له شهد
علي أن لا حكم إلا من أجلي، ربي أظهرني وأظهر لي وقال لي أظهرت لك سترة وأظهرت لك
ستراً والسترة بعد وأنت من ورائه والستر قرب وأنا من ورائه، ربي أخرج قلبي من صدري
وجعله على يده وقال لي عبادتك أن تقر وقد بلوتك بالتقليب وقرارك في يدي وتقليبك في
صدرك، ربي أراه فأستقيم له.
يا عبد إذا رأيتني فلفظ رب خاطر وحجابك خاطر.
يا عبد فانظر إلى من ورائه تعبره إلي.
يا عبد الزينة تطفئ الغضب.
يا عبد نعم ما بقته زينة العبد من محاسبة المولى لطف
معاتبته.
يا عبد زينتك طهور قلبك وجسمك.
يا عبد طهور الجسم الماء وطهور القلب الغض عن السوى.
يا عبد نظر القلب إلى السوى حدث وطهوره التوبة.
مخاطبة 39
يا عبد أنا مظهر السوى ومصرفه وقد رأيتني فيه ومن ورائه
ورأيته ولم ترني وجرى حكم تصريفي له وأنت تراني فكنت برؤيته وجرى حكمي بتصريفي له
وأنت تراني فكان هو يهنئ برؤيتك لي فدعه يختلف فلذلك ما أظهرته وكن عندي فلذلك ما
اصطفيتك.
يا عبد قل لقلبك امح أثر الأسماء باسمي تثبت حكومته
ويفنى معناه به.
يا عبد لا تجعلني رسولك إلى شيء فيكون الشيء هو الرب
وأكتبك من المستهزئين على علم.
يا عبد إذا قمت إلى الصلوة فأجعل كل شيء تحت قدميك.
يا عبد قل يا رب كيف وأنت معلم أوليائك والرفيق بأسرار
أحبائك.
يا عبد قف همك بين يدي فإن وجدت بينه وبيني سواه فألقه
برؤيتك لي من ورائه فإذا لم يبق إلا هو فانظر إلي في إيجادي إياه هو وهذه آخر
الأمر والنهى ثم تراني فلا أقول لك خذ ولا دع.
يا عبد احفظ حالك وهي أن تراني في همك لا ترى همك في همك
ترى أمري ونهى حكومتين عليك.
مخاطبة 40 يا عبد استعن بي تر فقر كل شيء.
يا عبد من استغنى بشيء سواي افتقر بما استغنى به.
يا عبد سواي لا يدوم فكيف يدوم به غنى.
يا عبد إن أحببت أن تكون عبدي لا عبد سواي فاستعذ بي من
سواي وإن أتاك برضاي.
يا عبد رضاي يحمل رضاي سكن لقلوب العارفين، سواي يحمل
رضاي فتنة لعقول الآخذين.
يا عبد رضاي وصفي وسواي لا وصفي فكيف يحمل وصفي لا وصفي.
يا عبد أنا القيوم بكل ما علم وجهل على ما افترقت به
أعيانه واختلفت به أوصافه.
يا عبد استعذ بي مما تعلم تستعذ بي منك واستعذ بي مما لا
تعلم تستعذ بي مني.
يا عبد أين ضعفك في القوة وأين فقرك في الغنى وأين فناؤك
في البقاء وأين زوالك في الدوام.
مخاطبة 41 يا عبد ما نوري من الأنوار فتستجره بمطالعها
ولا للظلم عليه سلطان فتخطفه بكلا كلها.
يا عبد تب إلي مما أكره أقدر لك ما تحب.
يا عبد ناجني على بعدك وقربك واستعن بي على فتنتك ورشدك.
يا عبد أنا العزيز القادر وأنت الذليل العاجز.
يا عبد أنا الغني القاهر وأنت الفقير الخاسر.
يا عبد أنا العليم الغافر وأنت الجاهل الجائر.
يا عبد أنا المتعرف بما دللت وأنا الدليل ببيان ما
استعبدت.
يا عبد انا الرقيب بما أهيمن وأنا المهيمن بما أحيط.
يا عبد أن الجبار بما حويت وأنا القريب بما استوليت.
يا عبد أنا الشهيد بما فطرت وأنا الرحيم بما صنعت.
يا عبد أنا العظيم فلا تصمد صمدي الأمثال، وأنا الرفيع
فلا تتصل بي الأسباب.
يا عبد أنا الوفي بما وعدت وزيادة لا تبيد، وأنا
المتجاوز عما تواعدت وحنان لا يميد.
يا عبد أنا الظاهر فلا تحجبني الحواجب وأنا الباطن فلا
تظهرني الظواهر.
يا عبد أنا القيوم فلا أنام وأنا المثبت الماحي فلا أسام.
يا عبد أنا الأحد فلا توحدني الأعداد وأنا الصمد فلا
تعاليني الأنداد.
يا عبد أنا الخبير فلا توار وأنا الفرد فلا تساو.
يا عبد ارض بما قسمت أجعل رضاك في رضاي فلا تستكين على
هواك ولا تشدد على ندبي إياك.
مخاطبة 42 يا عبد ليس الأمين على العلم من عمل به إنما
الأمين من رده إلى عالمه كما أبداه له.
يا عبد العلم كله علم والأعلام كلها موقفه.
يا عبد ما بقي بينك وبيني شيء فأنت عبده ما بقي.
يا عبد إذا استندت إلى شيء فقد اعتصمت به دوني.
يا عبد من لم ينقله الأدب عن غيره فأين النسب.
يا عبد ابسط قلبك بالحياء ووجهك بالتضرع.
يا عبد قل مولاي وجهني بوجهك لوجهك، مولاي إذا واريتني
عنك فوار بنظري إلى معصيتي لك، مولاي أنا منظرك فإن جعلت معصيتي بيني وبينك
أحرقتها بنظرك، مولاي حطني بحياطة قربك وقدني بأزمة حبك.
يا عبد اجعلني بينك وبين الأشياء فإن أعطيتك فتحت لك
بالعطاء باباً من العلم وإن منعتك فتحت لك بالمنع باباً من العلم.
يا عبد أعطيتك بالعطاء والمنع ومنعتك بالعطاء والمنع
فذممتني على العطاء بالمنع وشكرتني على المنع بالعطاء فلا وحرمة ما أبرزته لك
وسترتك عنه وأقبلت بك إليه وأدبرت بك عنه من رؤيتي ما أعطيتني وفاء بالنعمة فلا
شكراً على المسئلة.
يا عبد لي العطاء فلو لم أجب مناجاتك لم أجعلها له
رائداً.
يا عبد لو جعلت العطاء مني مكان الطلب منك ما دعوتني
أبداً ولا سميتني محسناً.
يا عبد ما بتسميتك تسميت ولا بدعائك أعطيت وإنما أسررت
فيك عنك متعلقاً بي أظهر له ويراني فأنا أكشفه تارةً وتارةً.
مخاطبة 43 يا عبد أذللتك بذل جمعك علي ولا أعززتك بعز
فرقك عني.
يا عبد الآن قد عرفت أين تراني وأريتك أين وجهي ومكاني
فاخترني أرتبك على كل شيء بالغنى عنه ولا تختر غيري أغيب فأي نير يطلع عليك إذا
غبت.
يا عبد كلمني بكلامي أسمع البتة.
يا عبد إذا سمعت البتة أجبت البتة.
يا عبد دعائي خاتمي فانظر على ما تختم به فإني أبعثه
يشهد لك وعليك.
يا عبد أدنى على ألسنة التفويض إلي تعرفني فلا تنكرني
أبداً.
يا عبد سلني صلاحك الذي أرضاه أصلحك من جميع جوانبك.
يا عبد إن جعلتك وما حرم الجواب جعلتك واسطة في العلم
بيني وبينك أبديه إليك وترده إلي أتخذك خليلاً.
يا عبد إنما جعلت بيوتي طاهرة ليقصدني عليها السائلون.
يا عبد قل رب أعذني من القسمة عنك بالحاجة إلى سواك.
يا عبد إذا ارتفعت القسمة استوى الموحش والمؤنس.
يا عبد أول الفتنة معرفة الاسم.
يا عبد إن أفنيت منك ما يطلب الاسم أفنيت منك ما يطلب
الضد.
مخاطبة 44
يا عبد قل أحضرني ربي بين يديه وأحضر كل شيء بين يدي
وقال لي هو بي وأنا من ورائه وأنت بي وأنا من ورائك ولك أظهرته كله فإن وقفت بيني
وبينه إجلالاً لعظمتي وهيبة لاستيلائي وكبريائي وقفته بيت يديك وأوقفته على سبلك فشف
فرأيتني من ورائه أين نظرت إليه فقفه على ما أظهرته ووفه عند محلة الذي وفيته ووله
ظهرك وولني عينك ووجهك وقل عني لقلبك فهو يعرف خطابي أنا في كل قلب أقلبه على آثره
وأسأله عن خبره وأكشف له عني فيعلم أني ويقول لي جهرة على علم غطني عنك فأحتجب عنه
فلا يصبر عني يريد أن يراني ويكون الحكم له وحكمي هو الغالب وأنا ربه وهو عبدي إن
سرى إلي وجدني وإن طلبني أتيته كأني أحتجب وأسفر على مراده بل أعلمته فهو يعلم أني
على ذلك وضعته وله صنعته وفطرته وبه جبلته وفيه أثبته وفيما أثبته أشهدته وفيما
أشهدته عرفته أنا له خير منه له إن نسيني ذكرته كأنني أبني بذكره عزة وإن أعرض عني
أقبلت عليه كأنني آنس به من وحشة.
مخاطبة 45
يا عبد قل ربي عرج بي إليه وقال لي ارتفع إلى العرش،
فارتفعت فلم أر فوقه إلا العلم ورأيت كل شيء لجة، وقال لي للجة انحسرى، فرأيت
العرش وأفنى العرش فرأيت العلم فوق وتحت، ورفع العلم فارتفع فوق وتحت وبقي عالم
ومد العلم ونصب العرش وأعاد اللجة، وقال لي اكتب العلم، وردني إلى العرش فرأيت
العلم فوقي واللجة تحتي، وقال لي ابرز إلى كل شيء فسله عني تعلم العلم النافع،
فسألت العلم فقال أبداني علماً فحجبني بالبداء فأنا عن إبدائه لا أفنى وضمنني كل
شيء إلا هو فاكتبني تعلم كل شيء واطلع في ترى كل شيء فلك أظهرني وله أظهرك فأنا
سائلك عنه ولا درك لك بالسؤال هو الفوت الذي لا يستطاع أقرب حجبه من القرب الإبداء
وفيه الثبت وأبعدها منه الثبت وفيه الغيبة، وأدراني حول العرش فرأيت العلم الذي كان
فوقه هو العلم الذي كان تحته وكتبت العلم فعلمت كل شيء واطلعت فيه فرأيت كل شيء،
وقال لي أنت من العلماء فعلم ولا تتعلم.
مخاطبة 46 يا عبد إذا رأيتني من وراء الشيء فأنا الهادم
له وإذا لم ترني من ورائه فأنا الباني به ما أشاء، ولن تراني من وراء شيء فتعصيني
فيه إلا على علم.
يا عبد معصيتي وأنت تراني محاربتي معصيتي وأنت لا تراني
معصيتي.
يا عبد أعددت لك عذراً في معصيتي أعددت لك حرباً وسلباً
في محاربتي.
يا عبد حربي لك تخليتي بينك وبين ما حاربتني عليه.
يا عبد عصمتي لك ظهوري من ورائه أقسمك فإذا قسمنك أذهبتك.
يا عبد كل شيء لي فلا تنازعني ما لي.
يا عبد لو عقلت عني لاستعذت بي من شر حاجتك.
يا عبد غلبك في غيبتي كل شيء وغلبت في رؤيتي كل شيء.
مخاطبة 47 يا عبد علم رأيتني فيه هو السبيل إلي، علم لم
ترني فيه هو الحجاب الفاتن.
يا عبد لي من وراء كل ظاهر وباطن علم لا ينفد.
يا عبد أنا العالم من رآني نفعه العلم، من لم يرني ضره
العلم.
يا عبد إذا رأيتني فالعلماء عليك حرام والعلم بك إضرار.
يا عبد إذا لم ترني فجالس العلماء واستضئ بنور العلم.
يا عبد نور العلم يضيء لك عنه لا عني.
يا عبد العلماء يدلونك على طاعتي لا على رؤيتي.
يا عبد إذا غبت عنك ولم تر عالماً فاقرأ ما أتيتك من
الحكمة وقل رب أنا العاجز عن رؤيتك وأنا العاجز عن غيبتك وأنا العاجز في كل حال عن
البقاء على ديموميتك إن رأيتني فيما كشفت عني وإن غيبتي فلحديتي.
يا عبد قل لي في الرؤية أنت أنت وقل لي في الغيبة أنا
أنا .
يا عبد مأواك رضاك فانظر ماذا رضيت.
مخاطبة 48 يا عبد إذا واجهتني فاجعل انتظارك وراء ظهرك
أجيء به عن كلتا يديك.
يا عبد أنظر ما ليلك فإشراقك على يده، انظر ما نهارك
فليلك على أثره.
يا عبد ما توكل علي من طلب مني ولا فوض إلي من لم يصبر
لي.
يا عبد شكاني من اشتكى إلي وهو يعلم أنني بليته.
يا عبد وسع العلم كل شيء في الغيبة وضاق العلم عن كل شيء
في الرؤية.
يا عبد إذا رأيتني لم يجمعك علي إلا الرؤية والبلاء فإن
أقمت في رؤيتي بلونك بالبلاء كله وحملتك بالعزم فلم تزل وإن لم تقم بلوتك ببعض
البلاء وأعجزتك عن العزم فذقت طعم البعد واستخرجت منك بالعجز لرحمتي لك استغاثة فحملتك
بالاستغاثة إلى الرؤية.
مخاطبة 49 يا عبد أذنت لمن رآني أن يطلبني فإن وجدني
طلبني فإذا وجدني فليطلبني حيث وجدني ولا يقض علي.
يا عبد إذا لم ترني فأنت من العموم ولو جمعت لك أعمال
العاملين.
يا عبد إن رأيتني وفقدتني فجالس العلماء تنفع وتنتفع وإن
رأيتني ولم تفقدني فما أحد منك ولا أنت منه.
يا عبد أمسكني عليك أمسكك علي.
يا عبد لا تنفقني على شيء فما الشيء بعوض مني.
مخاطبة 50
يا عبد تريد قيام الليل وتريد توفير أجزاء القرآن هنالك
لا تقوم إنما تقوم الليل من قام إلى لا إلى ورد معلوم ولا إلى جزء مفهوم هنالك
أتلقاه بوجهي فيقف بقيوميتي لا يريد في ولا يريد مني فإن شئت أن أحادثه حادثته وإن
شئت أن أفهمه أفهمته.
يا عبد انصرف أهل الورد حين بلغوه وانصرف أهل الجزء من
القرآن حين درسوه ولم ينصرف أهلي فكيف ينصرفون.
مخاطبة 51 يا عبد أنا الصمد فلا تتحلل صفة العلم صفة
الصمود.
يا عبد أنا الحق الحقيق فكل شيء بي يقوم فمن كلمته
أشهدته أن ذلك بي فرأى قلبه العيان ومن لم أكلمه أعلمته أن ذلك بي فرأى قلبه
المعلوم.
يا عبد قل للعلم ما بيني وبينك سبيل لا أستدل بك فتوردني
على معلوماتك، وقل للمعلومات ما بيني وبينك سماء ولا أرض ولا خلال ولا فج تراجعني
في علمك، فإليه مرجعك أنت حمله وهو وعاؤك وأنت طريقه إلى الغافلين.
يا عبد من صفة الولي لا عجب ولا طلب، كيف يعجب وهو يرى
الله وكيف يطلب وهو يرى الله، إنما العجب هو ارتعاد البصيرة وإنما ارتعاج البصيرة
كالذي يبصر من خلل والذي يبصر من خلل يحتجب من خلل، والطلب لا يكون إلا في حجاب.
يا عبد إذا أردت أن تدعوني فاستفتح بابي، إلهي كيف
أستفتح بابك وإنما أسماؤك عليه وإنما صفتك أسماؤك وإنما فوت العقول والأوهام صفتك.
يا عبد إذا أردت أن تدعوني قرأت الحمد سبعاً وصليت على
النبي صلى الله عليه وسلم عشراً، فإن رأيت الباب قد فتح وهو أن تقف في مقامك مني
وهو مقام رؤيتي وهو مقام طرح النفس وطرح ما بدا فإن لم تغب الرؤية عنك في السؤال
فادعني وسلني وإن غاب عنك المقام فلا تدعني من وراء الحجاب إلا بكشف الحجاب، ذلك
فرض تعرفي على من رآني.
مخاطبة 52 يا عبد الحروف كلها مرضى إلا الألف، أما ترى
كل حرف مائل، أما ترى الألف قائماً غير مائل، إنما المرض الميل للسقام فلا تمل.
يا عبد لا تخرج بسري فأخرج بسرك، أنظر إلى كنفي عليك كيف
أسترك به عن خلقي ثم انظر إلى يدي عليك كيف أسترك بهما عن كنفي ثم انظر إلى نظري إليك
كيف أسترك به عن يدي ثم انظر إلي كيف أسترك بي عن نظري وكيف أسترك بنظري عن نفسي.
يا عبد إن سترت ما بيني وبينك سترت ما بينك وبيني.
يا عبد لا إذن لك ثم لا إذن لك ثم سبعون مرة لا إذن لك
أن تصف كيف تراني ولا كيف تدخل إلى خزانتي ولا كيف تأخذ منها خواتمي بقدرتي ولا
كيف تقتبس من الحرف حرفاً بعزة جبروتي.
يا عبد كل علم إلا علم كيف تراني وكيف تدخل إلى خزانتي
فلك فيه موطن وللخلق فيه عندك مساكن، فمن جاءك فاعرض عليه مساكن أفئدة العارفين،
فساكن ومرتحل وصامت يزداد بما سمع وناطق يحاورك ثم إلى ما يسمع منك يرجع.
يا عبد إذا رأيتني ودخلت خزانتي فنفسك وعلم إخلاص نفسك ونفوس
كل العارفين معك في برزخ من حجاب الأمر وتحت سرادق من سرادقات النهى، ما في ملكوت
أسمائي نفس ولا علوم نفس ولا مريد علوم نفس.
وقال لي الأمر والنهى غطاء وعلم ما لك وعليك في غطاء،
وقد سبقت رحمتي لكل من في الغطاء، فانظر إلى ذنوب من في الغطاء كيف تصعد، ثم انظر
إلى عفوي كيف تلقها كلها ولا يدعها تصعد إلي ولا يدع أهلها ينسون ذكرى بألسنتهم.
يا عبد لي في الغطاء كرمي وحلمي وعفوي ونعمتي.
يا عبد لي كل من في الغطاء أعمى عني، إنما يبصر علمي ما
رآني قط ولا رأى مجلسي ولا دخل إلى حضرتي، وكل خاص وعام في الغطاء فهو عام إلا
أصحاب الأسماء وإلا أصحاب الحروف، أولئك قد رأوني جهرة قلوبهم لا جهرة رؤيتي وأولئك
قد رأوا جهرة حكمتي وجهرة قدرتي ورأوا جهرة صفتي الفعالة، فأولئك فليحذروني
وليحذروا صفتي الفعالة فلا أجعل ذنوبهم في عفوي، إنما ذلك لأهل الغطاء، ولا أجعل
قلوبهم في رفقي، إنما ذلك لأهل الحجاب.
وقال لي تعرف الأسماء وأنت في بشريتك وتعرف الحروف وأنت
في بشريتك يأكل الخبل عقلك.
وقال لي ليحذر من عرف أسمائي من خبل عقله ثم ليحذر من
عرف أسمائي من خبل قلبه.
وقال لي إذا رأيتني رأيت الخوف والرجاء في الطرد عني
ورأيت العلم والمعرفة في الطرد عني.
مخاطبة 53 يا عبد الحرف ناري الحرف قدري الحرف حتمي من
أمري الحرف خرانة سري.
يا عبد لا تدخل إلى الحرف إلا ونظري في قلبك ونوري على
وجهك وإسمي الذي ينفسح له قلبك على لسانك.
يا عبد لو دخلت بقوة النار لأكلتكما نار الحرف.
يا عبد لا أقول لك ألق المفاتيح بين يدي حضرتي أكرم بها
في سريرتك فمقامك من وراء الحرف لدي ومن وراء مفاتيح الحروف، فإذا أرسلتك إلى
الحروف فلتقتبس حرفاً من حرف كما تقتبس نارأً من نار أقول لك أخرج ألفاً من باء
أخرج باء من باء أخرج ألفاً من ألف.
يا عبد ما قلت لك ذلك حتى هديتك لذلك فرأيت ذلك رآه
قلبك، وعرفت ذلك عرفه قلبك.
يا عبد ما لأفكارك تنعطف على أفكارك وما لهمومك تبيت
وتصبح في همومك، أنت ولي وأنا أولى بك، فأثبتني ذات سرك فأنا بها وبما تتقلب به
أعلم منك.
مخاطبة 54 يا عبد قلبك في يدي قرب، قلبك بين يدي بعد.
يا عبد أقصد وأطلب وإلا لما تثبت، فإذا قصدت وطلبت فقل
يا رب بك قصدت وبك طلبت وبك ثبت.
يا عبد قد رأيتني في كل قلب فدل كل قلب علي لا على ذكري
لأخاطبه أنا فيهتدي، ولا تدله إلا علي فأنك لم تدله علي دللته على التية فتاه عني وطالبتك
به.
مخاطبة 55 يا عبد أكتب روحك وريحانك وفوزك وأمانك وراحتك
العظمى ونضرة وجهك، إنني أنا الله من عندي أتى ما أتى ومن عندي أتى الليل ومن عندي
أتى النهار ومن عندي أتى تصريف ما أتى، تنظر إلى النهار لا يملك رجوعاً أو أقول له
أرجع يا نهار، تنظر إلى الليل لا يملك رجوعاً إلا أقول له أرجع يا الليل.
يا عبد ما كشفت لك عن الأبد حتى سترت منك أحكام البشرية
فبحسب ما كشفت لك سترت منك وبحسب ما سترت منك كشفت لك.
يا عبد إذا رأيت الأبد فقد رأيت صفة من صفات الصمود
والصمود ألف صفة، وعظمة من عظمة الدوام والدوام العظمة الدائمة.
يا عبد الليل لي فلا تفتح في أبواب قلبك إلا لي وحدي،
كلما جاءك وإن كان من عندي فأردده إلي إلى ما عندي وإن لم يكن من عندي فأردده إلى
ما ثبته.
يا عبد النهار لي فلا تفتح أبواب قلبك في إلا لي وإلا
لعلمي، فإذا دخل علمي إلي فقفل أبواب قلبك عليه حتى إذا جاء الليل فأفتح أبواب
قلبك ليخرج ما في قلبك من ذلك العلم من كل شيء هو سواي، فما خرج فلا تردده وما لم
يخرج فأخرجه ولا تتبعه، وليكن قلبك لي لا لشيء من دوني ولا لشيء هو سواي.
يا عبد إذا كان ليلك ونهارك لعلمي كنت عظيماً من عظماء
عبادي.
يا عبد إن لم تزل نفسك لم يزل الليل والنهار ولم يزل
السموات والأرض وما فيهن من أعلام كل خليقة.
يا عبد إن لم يزل كل ولي لم يزل كل عدو.
يا عبد إن لم يزل كل عالم لم يزل كل جاهل.
يا عبد تكلمت بكلمة سبحت لي الكلمة فخلقت من تسبيح
الكلمة نوراً وظلمة، فخلقت من النور أرواح من آمن وخلقت من الظلمة أرواح من كفر،
ثم مزجت النور بالظلمة فجعلتها حجراً جوهرة فالجوهرية من النور والحجرية من الظلمة.
يا عبد لي يكون النهار لي ولا لعلمي حتى يكون الليل لي
فإذا كان ليلك لي كان نهارك لي ولعلمي.
يا عبد اعزل نفسك ينعزل معها الملك والملكوت فتلحق
الدارين بالملك وتلحق العلوم بالملكوت فتكون عندي من وراء ما أبدى فلا يستطيعك ما
أبدى لأنك عندي وإذا كنت عندي كنت عبدي وإذا كنت عبدي كان عليك نوري فلا يستطيعك
ما أبدى وإن أرسلته إليك لأن نوري عليك وليس نوري عليه فإذا جاءك لم يطقك فأوذنك
به فتأذن أنت له.
يا عبد اخرج إلي كما يخرج أوليائي إلي تسلك طريقهم الذي
يسلكون ويلتقون ويتواصون ويتكلمون.
مخاطبة 56
يا عبد من شهدني رأى كبريائي من الآيات فخشع لي وهن غير
باديات، وخضع لسلطاني وهن غير مسلطنات، هنالك إذا وقف في يوم الجمع صحبته في
الأهوال، كما صحبني من وراء الاستار إليه ثبتاً في الزلزال، فتثبت بي على كل حال.
يا عبد من أجار نعمائي من كفر نفسه، وأجار معارفي من
ميلان جهله، وأجار ذكرى إذا ذكرني من غلبات طبعه، هو المتخذ لدي عهداً بنجاته، وهو
المجار لدي غداً بأكرم مثاباته.
يا عبد إنما يتصل بي ولا وصل بي من ذهب عن جعلي الذي لا
أذهبه.
يا عبد لا يرتفع الضد أو يرتفع الأجل ولا يرتفع الأجل أو
ترتفع الغيبة.
يا عبد من لم يرني فلا علمه نفع، ولا جهله ارتفع.
يا عبد لا ترد تحتجب بالملائمة أو بالمنافاة فما حجبك
شيء ولا أوصلك شيء، أنا الحاجب وأنا الموصل، فالوصف والصفة في مجعول ما أظهرت
طرقات فمن وصل بها فإليها وصل ومن احتجب بها فعنها ما احتجب.
يا عبد من عرفني بي عرفني معرفة لا تنكر بعدها أبداً.
يا عبد إن فتحت لك فاتحة من ذكرى أغنتك عن كل شيء وقامت
بك في كل شيء فلم تفتقر إلى شيء فقر المستغنى بوجوده، ولم تطمئن به طمأنينة
المنتهى إليه.
يا عبد ذكرى لك هو تعرفي إليك، وفاتحة ذكرى لك هي
المعرفة.
يا عبد من لم أتعرف إليه لا يعرفني، ومن لم يعرفني لم
أسمع منه.
يا عبد إذا رأيتني أصرف عنك السوى ولا أصرفك عنه فسل عني
العالم والجاهل وأسلك إلي الأمن والخطر.
يا عبد إذا رأيتني أصرفك عن السوى ولا أصرفه عنك ففر إلي
من فتنتي واستعذ بي من مكري.
يا عبد قل للعبيد لو رأيتموه يقبض ويبسط لبرئتم من
أنسابكم ولعريتم من أحسابكم.
يا عبد لا وعزة الفردانية وفردانية العزة ما أقبض إلا
بما به أبسط ولا أبسط إلا بما به أقبض، ولو بسطت بي ما استعبدت، ولو قبضت بي ما
عرفت.
يا عبد قل للعبيد لو عرفتموه وأنكرتموه، ولو أنكرتم سواه
عرفتموه.
يا عبد من أثبته في المعرفة بواسطة محوته بها عن حقيقتها
فعرف ما انتهى، فكان بي فيما أقر بالسوى فيما تحقق.
يا عبد لا كلطف اللطف أثبت سوى ولا سوى، ولا كعز العز
أفنى عن السوى فيما أشهد سوى.
يا عبد إن آتيتك نطقاً فللحكمة، وإن آتيتك صمتاً فللعبرة.
يا عبد لا يقوم لي شيء، ويقوم بي كل شيء.
يا عبد رأيت العلم وأعرضت عنه أعرضت عن سوى وإن كان رضاً.
يا عبد أنا الراحم فلا تسبق رحمتي ذنوب المذنبين، وأنا
العظيم فلا تستولي على معرفتي أجرام المجرمين.
يا عبد أنا الرؤوف فلا يحيط برأفتي إعراض المعرضين، وأنا
العواد بالجميل فلا يصرفني عنه غفلات الغافلين.
يا عبد أنا المحسن فلا يحجب إحساني إنكار المنكرين، وأنا
المنعم فلا يقطع نعمتي لهو اللاهين.
يا عبد أنا المنان ما مني لأجل شكر الشاكرين، وأنا
الوهاب فلا يسلب موهبتي جحود الجاحدين.
يا عبد أنا القريب فلا تعرف قربي معارف العارفين، وأنا
البعيد فما تدرك بعدي علوم العالمين.
يا عبد أنا الدائم فلا تخبر عني الآباد، وأنا الواحد فلا
تشبهني الأعداد.
يا عبد أنا الظاهر فلا تراني العيون، وأنا الباطن فلا
تطيف بي الظنون.
يا عبد أنا الودود فلا ينصرف وجهي ما انصرفت، وأنا
الغفور فلا ينتظر عفوي ما اعتذرت.
يا عبد أنا الوهاب فلا أسلب ما وهبت، وأنا المنيل فلا
أسترد ما أنلت.
يا عبد أنا المديل فلا يدل ما أدللت، وأنا المزيل فلا
يستقر ما أزلت.
يا عبد أنا المجيل فلا يثبت ما أجلت، وأنا المهيل فلا
يطمئن ما أهلت.
يا عبد أنا المميل فلا يستقيم ما أملت، وأنا المقيل فلا
ينصرع ما أقلت.
يا عبد كل شيء يطلبه ما منه، وأنا الفرد المنفرد، لا أنا
من شيء فيطلبني، ولا أنا بشيء فيتخصص بي.
مخاطبة وبشارة وإيذان الوقتأوقفني وقال لي قل لليل إلا
أصبح لن تعود من بعد بأنني أطلع الشمس من لدن غابت عن الأرض وأحبسها أن تسير وتحرق
ما كان يستظل بك وينبت نباتاً لا ماء فيه، وأبدو من كل ناحية فأرعى البهائم نبتك ويطول
النبت ويحسن وتنفتح عيونه ويروني وأحتج فيكتبون حجتي بإيمانهم، ويفرق الجبل الشاهق
من قعره بعد أن كانت المياه في أعلاه وهو لا يشرب، وأخفض قعر الماء وأمد الهاجرة
ولا أعقبها بالزوال، هنالك يجتمعون وأكفئ الأواني كلها، وترى الطائر يسرح في وكره
وترى المستريح يشتري السهر بالنوم ويفتدي الحرب بالدعة.
وقال لي قل للباسطة الممدودة تأهبي لحكمك وتزيني لمقامك واستري
وجهك بما يشف وصاحبي من يسترك بوجهه، فأنت وجهي الطالع من كل وجه فاتخذي إيماناً
لعهدك، فإذا خرجت فدخلي إلي حتى أقبل بين عينيك وأسر إليك ما لا ينبغي أن يعلمه
سواك وأخرج معك إلى الطريق وترين أصحابك كأنهم قلوب بلا أجسام، وإذا استويت على
الطريق فقفي فهو قصدك، كذلك يقول الرب أخرجي يمينك وأنصبي بها علمك ولا تنامي ولا
تستيقظي حتى آتيك.
يا عبد قف لي فأنت جسري وأنت مدرجة ذكري عليك أعبر إلى
أصحابي وقد نصبتك وألقيت عليك الكنف من الريح وأريد أن أخرج علمي الذي لم يخرج
فأجنده جنداً جنداً ويعبرون عليك ويقفون فيما يليك من دون الطريق، وأبدو ولا تدري
من أين آمن قبلهم على مدرجتهم، فإذا رأيتني سرت وساروا ونصبتك على يدي فمر كل شيء وراءك
فمن عبر عليك تلقيته وحملته ومن جاز عنك هلك الهلاك كله.
يا عبد قف في الناموس فقد أوقفتك، وثب إلى ثأر همك كما
وثب السبع إلى فريسته على السغب، وقم فأدرك بي ما تطلب واطلبني بقيوميتي فيما تدرك
فمن رآني رأى ما لا يظهر ولا يستتر.
يا عبد آن أوانك فاجمع لي عصبي إليك واكنز كنوزي بمفاتحي
التي آتيتك واشدد واشتد فقد أشرفت على أشدك واظهر بين يدي بما أظهرك فيه واذكرني
بنعمتي الرحيمة من تذكرني عنده.
كذلك يقول الرب إني طالع على الأفنية أتبسم ويجتمعون إلي
ويستنصرني الضعيف ويتوكلون كلهم علي وأخرج نوري يمشي بينهم يسلمون عليه ويسلم
عليهم فلتنتبهين أيتها النائمة إلى قيامك ولتقومين أيتها القائمة إلى إمامك فارجمي
الدور بنجومك واثبتي القطب بأصبعك والبسي رهبانية الحق ولا تنتقبي، إنما الحكم لك
وعود البركة بيمينك، فذلك أريد وأنا أريد على ذلك شهيد، تلك أنوار الله أفمن يستضيء
بنوره إلا بإذنه، ذلك هو الحق ونبأ لا تنبئك به الظنون وما يجادل به إلا الجاهلون.
كذلك يقول الرب أقبل ولا تراجع وأنظم لك القلادة وأخرج يدي
إلى الأرض ويروني معك وأمامك فابرزي من خدرك فإنني أطلع عليك الشمس وخذي عاقبتك
بيمينك واشتدي كالرياح وتدرعي بالرحمة السابقة ولا تنامين فقد أطلعت فجرك وقرب
الصباح منك ذلك من آيات ربك وذلك لنزول عيسى بن مريم من السماء إلى الأرض وأوان
قريب يبشر به وإمارة للذين أوتوا العلم وهدى يهدى به الله إليه ويستنقذ كثيراً
يجهلون.
كذلك يقول الرب إنما أخبرتك لظهور الأبد فاكشفي البراقع
عن وجهك واركبي الدابة السياحة على الأرض وارفعي قواعدي المدروسة واحمليهم إلي على
يديك من وافقك على اليمين ومن خالفك من الشمال وابتهجي أيتها المحزونة وتفسحي
أيتها المكنونة وتشمري أثوابك وارفعي إزارك على عاتقك، إني أنتظرك على كل فج
فانبسطي كالبر والبحر وارتفعي كالسماء المرتفعة، فإني أرسل النار بين يديك ولا تدر
ولا تستقر، إن في ذلك لأية تظهر كلمة الله فيظهر الله وليه في الأرض يتخذ أولياء
الله أولياء، يبايع له المؤمنون بمكة، أولئك أحباء الله ينصرهم الله وينصرونه
وأولئك هم المستحفظون عدة من شهدوا بدراً يعملون ويصدقون ثلثمائة وثلاثة عشر أولئك
هم الظاهرون كذلكأوقفني الرب وقال لي قل للشمس أيتها المكتوبة بقلم الرب أخرجي
وجهك وابسطي من أعطافك وسيري حيث ترين فرحك على همك وأرسلي القمر بين يديك ولتحدق
بك النجوم الثابتة وسيري تحت السحاب واطلعي على قعور المياه ولا تغربي في المغرب
ولا تطلعي في المشرق وقفي للظل، إنما أنت مرحمة الرب وقدسه يرسلك على من يشاء، ذلك
هدى الله يهدي به من يشاء، كذلك ينزل الله الوحي، فانقلي أيتها الثاوية واطمأني
أيتها المتوارية فقد ألقيت الأزمة وقدم الرب بين يديك نجواه.
كذلك يقول الرب أطلعي أيتها الشمس المضيئة فقد سلخت
الليل وانبسطي على كل شيء ينبت الزرع وتأتى كل شجرة أكلها بإذن ربها ويخرج إليك
اليتيم فيطول ويجتمع إليك الدعاة وترين نوري كيف يزهر، فخذي أهبتك أيتها الخارجة
وتزودي للسفر، إنما أنت نور الرب قال له الرب لتقيم للناس حكماً عادلاً تثبتهم،
وتركن إليك قلوب المؤمنين ويقوى الضعفاء بك فيدافعون عن أنفسهم ما يخافون.
أيتها النائمة هلمي فاستيقظي وابشري فقد أنزلت المائدة
ونبعت عليها عيون الطعام والشراب وسوف يأتونك فيروني عن يمينك وشمالك ويكونون
أعوانك ويغلبون لأن الذي يقاتلهم يقاتلني وأنا الغلوب، وانفسحي يا محصورة فقد أطلق
أسرك وفتحت الأبواب عليك، فتزيني وزيني الشعوب لبهائي فقد أذهب عنك الحزن ولملأت
قلبك بالفرح، وسوف يصطفون صفاً واحداً القدومي وأقدم بغتة، فلا تدهشين ولا تتحيرين
فلست أغيب بعد هذه إلا مرة، ثم أظهر ولا أغيب وترين أوليائي والقدماء يقيمون
ويفرحون.
وقال لي حان حيني وأزف ميقات ظهوري وسوف أبدو ويجتمع إلي
الضعفاء ويقوون بقوتي وأطعمهم أنا وأسقيهم وترى شكرهم لي، فقم يا نائم ونم يا قائم
فقد جعلت المصيبة أثر العزاء وأنزلت هداي ونوري وعامودي وآياتي.
وقال لي أنصب لي الأسرة وأفرش لي الأرض بالعمارة وأرفع
الستور المسبلة لموافاتي، فإني أخرج وأصحابي معي وأرفع صوتي وتأتي الدعاة
فيسترعوني فأحفظهم، وتنزل البركة تنبت شجرة الغنى في الأرض ويكون حكمي وحدي، ذلك
على المعيار يكون وذلك الذي أريد.
موقف الإدراكأوقفني في الإدراك وقال لي قف بين يدي ترى
العلم وترى طريق العلم.
وقال لي العلم طرقات تنفذ إلى حقائق العلم، وحقائق العلم
عزائمه، وعزائم العلم مبلغه، ومبلغ العلم مطلعه، ومطلع العلم حده، وحد العلم موقفه.
وقال لي هذا صفة علمك كله وما هو صفة أعمالك كلها.
وقال لي لن تحيط بصفة كلية من شيء فتلك لي ولإحاطتي.
وقال لي كل ما عملت بعلم أسفر لك عن صفة من صفاته.
وقال لي العلم وطرقاته وصف من أوصاف المعرفة، والأعلام
في العلم ليس في المعرفة أعلام.
وقال لي العلم كله طرقات، طريق عمل طريق فطنة طريق فكره
طريق تدبر الطريق طريق تعلم طريق تفهم طريق إدراك طريق تذكرة طريق تبصرة طريق تنفذ
طريق توقف طريق مؤتلفة طريق مختلفة.
وقال لي ما إلى المعرفة طريق ولا طرقات ولا فيها طريق
ولا طرقات.
وقال لي المعرفة مستقر الغايات وهي منتهى النهايات.
وقال لي الغايات غاياتك والنهايات نهاياتك والمستقرات
مستقراتك والطرقات طرقاتك.
وقال لي إذا كنت من أهل المعرفة فلا خروج من المعرفة إلا
إلى المعرفة ولا طريق في المعرفة ولا إلى المعرفة ولا من المعرفة.
وقال لي إذا استقررت في المعرفة كشفت لك عين اليقين بي
فشهدتني فغابت المعرفة وغبت عنك وعن حكم المعرفة، لا غيبة ذهاب عن معرفة ولا غيبة
ذهاب عن عارف بل غيبة ذهاب عن حكم معرفة وغيبة ذهاب عن حكم عارف، فإذا استقررت لك فلا
تحكم عليك المعرفة إنما أنا أحكم، ولا بحكمها تكون إنما بحكمي تكون.
وقال لي إذا لم تحكم عليك المعرفة ولن تكن بحكمها أدركت
مبلغ العلم، وإذا أدركت مبلغ العلم قمت بحجتي في كل شيء وعلى كل شيء.
وقال لي إذا أدركت مبلغ العلم وجب عليك النطق به فانتظر
إذني لك به لتنطق عني فتخبر عني فتكون من سفرائي.
وقال لي إن نطقت عن الوجود فلم تنتظر إذني نطقت عن العلم
فأخبرت عن العلم فكنت سفيراً للعلم فعارضك العلم فلك تستطع رد العلم لأنه يعارضك
من عنه نطقت وبلسان من ألسنته أخبرت.
وقال لي علامة إذني لك في النطق أن تشهد غضبي إن صمت
وتشهد زوال غضبي إن نطقت.
وقال لي ليس الأذن أن تشهد ولايتي إن نطقت لأنك إذا شهدت
والولاية نطقت عن ألسنة الترغيب والسعة، فملت بالرغبة وأملت وسكنت بالسعة وأسكنت.
وقال لي علامة رؤيتك لغضبي إن صمت ألا تبالي ما ذهب منك
في وما بقي.
وقال لي علامة ذلك فيك أن ترضى به حتى تلتقي.
وقال لي إذا لم تبالي ببطنك لم تبالي ما ذهب منك في وما
بقي، فإن لم تبال بأهلك ولا ولدك رضيت به إلى أن تلتقي.